تخفيف قيود كورونا في الصين.. قرار صائب أم مجازفة سياسية؟

رنا أسامة

لا يزال من السابق لأوانه التكهن بما إذا كانت خطوة الصين تخفيف القيود الصحية ستفضي إلى قفزة في إصابات كوفيد-19.. لكن الأمر يحمل الكثير من المخاطر.


تصارع الصين من أجل إبقاء إصابات كوفيد 19 منخفضة، بعد تخفيف القيود الصحية الأشد صرامة، على وقع احتجاجات منددة بسياسة “صفر كوفيد”.

وأجبرت الاحتجاجات، التي جابت أنحاءً متفرقة من الصين، الزعيم شي جين بينج، على التراجع عن سياسات احتواء الوباء، لكنها أفرزت معضلة جديدة تتمثل في كيفية منع إصابات كوفيد من الارتفاع، في غياب إجراءات الإغلاق الشاملة.

ليس بهذه البساطة

قد يبدو من اليسير مواجهة تلك المعضلة نظريًّا، لكن مراسل صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية بالصين، إدوارد وايت، يقول إن الأمر ليس بهذه البساطة.

وفي تقرير نشرته الصحيفة، يوم الأربعاء 7 ديسمبر 2022، أشار وايت إلى أن تخفيف قيود احتواء الوباء، بما في ذلك التخلي عن شرط إظهار نتائج اختبارات كورونا في معظم الأماكن، من شأنه أن يمنع الوصول إلى البيانات اللازمة لإحصاء الإصابات بدقة.

خطأ ومجازفة

يشير التقرير إلى أنه لا يزال من السابق لأوانه التكهن بما إذا كانت تلك الخطوة ستفضي إلى قفزة في إصابات كوفيد-19 بالصين، لكنه يحذر من أن تخفيف القيود عادة ما تعقبه موجات وبائية، تستمر لمدة لا تقل عن شهر، وهي فترة تزداد خلالها شراسة الوباء، ليصبح أكثر فتكًا، بما يثقل كاهل الأنظمة الصحية.

وفي حين راهن الرئيس الصيني كثيرًا على نجاح سياساته في احتواء كوفيد-19، رأى وايت أن تخفيف قيود كورونا قرار خاطئ تمامًا و”مجازفة سياسية”، متوقعًا إعادتها بطلب من المواطنين أنفسهم.

كورونا

الأزمة الحقيقية

الأزمة الحقيقية في تعامل الصين مع الوباء، من وجهة نظر وايت، تكمن في أنه منذ ظهور أولى بؤر كورونا في مدينة ووهان، قبل 3 سنوات ونصف السنة، لم تتعاط الحكومة الصينية مع انخفاض معدل التلقيح بين المسنين.

وكذلك لم تعزز الحكومة إنفاقها على خدمات الرعاية الصحية، خصوصًا وحدات العناية المركزة، التي توقع التقرير أن تغرق بالكامل قريبًا جدًا، في حال حدثت قفزة في الإصابات في البلد البالغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة.

أضاف وايت أنه من المحتمل أن الصينيين كانوا يأملون في استمرار قيود كورونا خلال فصل الشتاء، على الأقل، في محاولة لتطعيم أكبر عدد من المسنين، وتحسين نظام الرعاية الصحية. ومع ذلك، تبنى شي نهجًا معاكسًا من شأنه أن ينهك أنظمة الرعاية الصحية، و”يحمل مخاطر سياسية” للزعيم نفسه، حسب وايت.

ماذا يعني تخفيف قيود كورونا؟

على إثر تخفيف قيود كورونا، صار بإمكان مصابي كوفيد في الصين، في حالة ظهور أعراض خفيفة، أو عدم ظهور أعراض، الالتزام بتدابير العزل داخل منازلهم من منشآت الدولة، في حين لا تزال الاختبارات ضرورية في المدارس والمستشفيات، حسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وفي حين أبدى مواطنون ارتياحهم لتلك الخطوة، على اعتبار أنها “صائبة”، أعرب آخرون عن قلقهم. وكتب أحدهم عبر منصة تواصل اجتماعي صينية: “لن ألق بالًا بعد الآن بشأن الإصابة بالعدوى أو عزلي، في حال خالطت مصابًا”. في حين حذر ثان: “سيكون النظام الطبي مثقلًا، وستتنقل العدوي لكبار سن عديدين. وبدأ ذلك يحدث بالفعل”.

كورونا في الصين.....

تدابير جديدة

في سياق متصل، أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية حزمة تدابير جديدة ذات صلة، من بينها فرض تدابير الإغلاق في مناطق بعينها، مثل أبنية ووحدات وطوابق، بدلًا من فرضها على مستوى أحياء أو مدن كاملة، بجانب إبقاء المدارس مفتوحة، في حالة عدم رصد انتشار واسع في مقارها.

وكذلك رفع الإغلاق عن المناطق المصنفة على أنها “شديدة الخطورة” في غضون 5 أيام، في حالة عدم رصد أي إصابات جديدة. وتضمنت التدابير أيضًا فرض حظر صارم على إغلاق مخارج الطوارئ، في حالة الحرائق.

التطعيم ضروري

في إطار التدابير الجديدة، وجهت لجنة الصحة الوطنية الصينية بتحسين معدل تطعيم أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و79 عامًا، وتسريع معدلات تلقيح من يتجاوزون 80 عامًا.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقلت “بي بي سي” عن إيفان هونج، من جامعة هونج كونج، قوله إن الطريقة الأمثل لخروج الصين من كوفيد بأقل خسائر هو التطعيم، كما أن توفير 3 جرعات تطعيم ضروري للغاية.

ربما يعجبك أيضا