الهروب إلى الأمام.. كيف يستفيد نتنياهو من العنف المتبادل مع الفلسطينيين؟

محمود
بن غفير يقتحم القدس

يشير الإعلام الإسرائيلي إلى أن عملية القدس ومجزرة جنين ما «بروفة» لما ستكون عليه الأوضاع مع الفلسطينيين خلال الشهور المقبلة.


شن فلسطينيان مساء أمس الجمعة وصباح اليوم السبت 28 يناير 2023، عمليتين منفصلتين أوقعتا 7 قتلى إسرائليين وعددًا من المصابين.

وجاءت العمليتان ردًّا على مقتل 9 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مدينة جنين ومخيم اللاجئين بها، الأربعاء الماضي، وهو ما يرى مراقبون أنه “بروفة” لما تريد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن تكون عليه الأوضاع في الشهور المقبلة.

هجوم الكنيس.. حفيد يثأر لجده بعد 25 عامًا

قالت الشرطة الإسرائيلية إن المسلح الفلسطيني الذي نفذ هجوم أمس الجمعة، وصل الساعة 0815 مساء بالتوقيت المحلي بالقرب من كنيس يهودي على أطراف القدس، وأطلق النار وأصاب عددًا من الأشخاص، وقتل 7، قبل أن تقتله الشرطة، وهو أكثر هجوم يسقط بسببه قتلى إسرائيليين في مدينة القدس ومحيطها منذ عام 2008، حسب وكالة أنباء رويترز.

ونفذ هجوم الكنيس الفلسطيني خيري علقم (21 عامًا) وهو من سكان القدس الشرقية. وأوضح موقع “سما” الفلسطيني أن منفذ العملية هو حفيد الشهيد خيري علقم، الذي استشهد في 13 مايو 1998 برصاص المتطرف حايم فلرمن، التابع لحركة “كاخ”، التي أسسها مئير كهانا، صديق وزير الأمن القومي الإسرائيلي الحالي، إيتمار بن غفير.

وبعد 25 عامًا من تلك الجرائم، عاد بن غفير لينفذ مجزرة جنين، ما دفع خيري علقم الحفيد الذي يحمل اسم جده المقتول عام 1998، للثأر لجده ولشهداء جنين، وتنفيذ عملية النبي يعقوب بالأمس، وقتل 7 مستوطنين.

هجوم سلوان وتعزيز قوات الاحتلال بالضفة

نفذ فتى فلسطيني سنه 13 عامًا عملية إطلاق نار، اليوم السبت، في محيط حي سلوان الفلسطيني في القدس الشرقية الذي يقع تحت أسوار البلدة القديمة، ما أسفر عن إصابة اثنين من المستوطنين الإسرائيليين، قبل أن يطاله رصاص شرطة الاحتلال.

ووفق “رويترز”، قرر الجيش الإسرائيلي بعد تقييم الوضع، تعزيز فرقة يهودا والسامرة في الضفة الغربية المحتلة بكتيبة إضافية. وزار وزير الأمن اليميني المتطرف إيتمار بن غفير موقع الهجوم، حيث قوبل بمزيج من الترحيب والاستهجان. وحث نتنياهو السكان على عدم الثأر بأيديهم، قائلًا إن مجلس الوزراء سيجتمع اليوم.

نتنياهو وسياسة الهروب إلى الأمام

تحاول حكومة بنيامين نتنياهو، المعروفة بأنها حكومة مستوطنين، تنفيذ سياسة الهروب إلى الأمام، لتتجاوز أزماتها الداخلية وتحدياتها على الساحة الفلسطينية، وهو ما دفعها لتنفيذ مجزرة جنين الأخيرة، التي أثارت عنفًا مضادًّا من الفلسطينيين، ينذر بما هو أسوأ وأكثر تصعيدًا وفوضى.

ويقول الخبير في الشأن الاسرائيلي، الدكتور عبد الرحمن القيق، إن نتنياهو بصدد التعاطي مع أزمات حكومته الجديدة بما يخدم مصالحها السياسية، وأولى هذه الأزمات هي البؤر الثورية القائمة في الضفة الغربية، مثل عرين الأسود وكتيبة جنين وغيرهما.

والأزمة الثانية أمام حكومة نتنياهو، هي الوضع الداخلي والتظاهرات السياسية التي تقودها المعارضة، حسب القيق الذي فسر الهجوم على مخيم جنين وارتكاب المجزرة فيه، بأنه استعراض للقوة أمام المعارضة الداخلية، في إطار حل للمعضلتين عبر الدم الفلسطيني، محذرًا من أن نتنياهو يقدم الآن نموذجًا لطريقته في التعاطي مع الأزمات مستقبلًا.

نتنياهو وإسكات المعارضة الإسرائيلية

حسب القيق، نجح نتنياهو في إلزام المعارضة بالهدوء، لأنه يعمل ضمن ظروف أمنية معقدة، منوهًا بأنه ويسود عُرف في إسرائيل يقضي بأن لا تنشط المعارضة في وقت الوضع الأمني الشيئ، حتى لا تطالها تهمة “التعاون مع أعداء إسرائيل”، وتكون المعارضة مكرهة على دعم الحكومة والوقوف خلفها في القضايا ذات الصبغة الأمنية.

ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي، إن حسابات نتنياهو الداخلية، اختلطت وارتدت عليه بعد تنفيذ العملية الفدائية بالقدس ليلة أمس، وهو يلعب في المربع الداخلي الإسرائيلي، لكنه “يحاول استغلال الظروف لصالح حساباته الداخلية، وهذا يعني أن الدماء الفلسطينية كالعادة هي بوابة النجاح الأمني والسياسي لقادة هذا العدو، فمن يريد النجاح في الانتخابات الداخلية يثخن في دماء الفلسطينيين”.

التصعيد سيد الموقف

صدرت العديد من ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة، فور وقوع عملية القدس، وسط مطالب من أعضاء الكنيست اليمينيين، لاتخاذ الحكومة مزيد من الإجراءات القاسية ضد الفلسطينيين، بما يتجاوز الرد الفوري، لكن الهجوم يثير القلق الإسرائيلي بشأن اتجاه التصعيد الخطير في الساحة الفلسطينية.

ورأى المحلل العسكري لصحيفة “إسرائيل اليوم”، يوآف ليمور، اليوم السبت، أن هجوم القدس من الهجمات التي تغير الواقع، موضحًا أن “الأمر لم يقتصر على ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين، بل يثبت حقيقة أن المشهد الفلسطيني يتجه إلى التصعيد، باعتبار أن العملية جاءت ردًّا على أنشطة الجيش وجهاز الأمن العام الإسرائيليين في مخيم جنين.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن هجوم القدس سيحفز المزيد من المسلحين الفلسطينيين لتنفيذ عمليات، وبالتالي ستعزز إسرائيل قواتها في القدس المحتلة والضفة الغربية، وهذا يعني مزيدًا من الاحتكاكات، ومع ظهور المزيد من الضحايا الفلسطينيين، سوف يستمر العنف والتصعيد.

ربما يعجبك أيضا