إيطاليا تحصل على صفقة غاز جديدة من ليبيا.. هل تغير قواعد اللعبة؟

عمر رأفت
إتفاقية إيني مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية .. هل تغير قواعد لعبة الغاز في الشرق الأوسط؟

تساعد صفقة الغاز بين ليبيا وإيطاليا على استقرار الوضع السياسي في طرابلس، من خلال مضاعفة الواردات النفطية إلى إيطاليا من ناحية، وخلق شعور بالترابط الاقتصادي بين الأطراف من ناحية أخرى.


تعد الاتفاقية التي جرى توقيعها مؤخرًا بين إيطاليا وليبيا، لتطوير حقلي غاز قبالة السواحل الليبية، تطورًا مهمًّا في مشهد الطاقة العالمي.

وتبلغ قيمة الصفقة، التي وقع اتفاقها شركة الطاقة الإيطالية إيني، والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية، 8 مليارات دولار، وتعد من أهم الاستثمارات في قطاع الهيدروكربون الليبي، منذ الإطاحة بالرئيس الليبي السابق، معمر القذافي في 2011.

الاتفاق ينقذ أوروبا

وفقًا لموقع amear الإيطالي، من المتوقع أن ينتج الاتفاق قرابة 850 مليون قدم مكعب غاز يوميًّا من البحر المتوسط​​، وهو ما يمثل 3 أضعاف الواردات الحالية من الغاز إلى إيطاليا من ليبيا. ويساعد هذا التطور في تلبية الطلب المتزايد على الغاز في أوروبا، بعد انخفاض الإمدادات من روسيا بسبب الصراع المستمر في أوكرانيا.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط سابقًا في ديسمبر 2021، أن المفاوضات مع إيني تركزت على مناطق الاستكشاف إيه وإي في بلوك NC41.

تهديدات بانخفاض الغاز

ذكر موقع amear أن المنطقة الأولى تقع في الجزء الأوسط من الكتلة على بُعد 75 كيلومترًا من الساحل الليبي، وعلى عمق يتراوح بين 93 و145 مترًا، وتقع المنطقة الثانية في الجزء الأوسط الشرقي من البلوك، وعلى بُعد 125 كيلومترًا تقريبًا من الساحل الليبي، وعلى عمق يتراوح بين 205 و235 مترًا.

وأوضحت المؤسسة الوطنية للنفط أن المشروع كان ضروريًّا، ويبدأ إنتاج الغاز من حقلي الوفاء وبحر السلام في الانخفاض عام 2025، بأكثر من 440 مليون قدم مكعب غاز يوميًّا، ما سوف يؤدي إلى عجز في الغاز.

استثمارات كبيرة

تتماشى اتفاقية الطاقة الاستراتيجية هذه أيضًا مع “خطة ماتي” التي أطلقتها رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، والتي تهدف إلى تعميق العلاقات السياسية والطاقة بين إيطاليا والقارة الإفريقية.

ومن المتوقع أن تجذب هذه الصفقة مستثمرين جددًا في صناعة النفط والغاز، وتعمل على تعزيز الاقتصاد الليبي، وزيادة أمن الطاقة في إيطاليا وأوروبا، وفقًا لموقع amear.

ويمكن القول إن هذه الخطوة تساعد أيضًا على استقرار الوضع السياسي في ليبيا، وهذا من خلال توفير مصدر دخل وخلق شعور بالترابط الاقتصادي بين الأطراف.

تعزيز مكانة إيطاليا

ذكر موقع amear في تحليله أنه من منظور جيوسياسي يمكن النظر إلى هذه الاتفاقية على أنها خطوة نحو تعزيز سوق الطاقة الأورومتوسطي، وهو أمر ذو أهمية حاسمة لأمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي، ويمثل فرصة لإيطاليا لتعزيز مكانتها كرائدة في مجال الطاقة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط​.

وتعد الاتفاقية تطورًا مهمًّا يسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لسوق الطاقة الأورومتوسطية، والحاجة إلى التعاون والتنسيق بين الأطراف المعنية.

الخلافات قد تفسد الاتفاق

قد تقود الخلافات الداخلية بين الفصائل السياسية الليبية إلى إفساد الاتفاق، فتتنافس تلك الفصائل على الحكومة وتتعارض مع مزاعم بعضها وبعض بالشرعية السياسية، وفقًا لما ذكره الموقع في تحليله.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة إيني، كلاوديو ديسكالزي، في تصريحات أبرزها الموقع إن “هذه الاتفاقية ستتيح استثمارات مهمة في قطاع الطاقة الليبي، ما يسهم في التنمية المحلية وخلق فرص العمل، مع تعزيز دور إيني كمشغل رائد في البلاد”.

اتفاقية ستحدث طفرة

في هذا السياق، أشار الخبير الاستراتيجي ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة الأسبق علاء عز الدين، إلى أهمية تلك الاتفاقية، قائلًا إنها ستحدث طفرة بالنسبة إلى ليبيا على مستويات عدة.

وأضاف عز الدين، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، أن تلك الاتفاقية تسهم في تحسين الاقتصاد الليبي المنهار منذ سنوات من جهة، وسيكون له تأثير سياسي قوي من جهة أخرى. وتشجع الاتفاقية أوروبا على استيراد الغاز من ليبيا بدلًا من روسيا، التي تخوض حربًا في أوكرانيا.

موقف أوروبي قوي ضد روسيا

شدد عز الدين في تصريحاته لشبكة رؤية الإخبارية، على أن أوروبا بعد تلك الاتفاقية واعتمادها على الغاز الليبي، ستكون في موقف قوي ضد روسيا، ويمكن أن تفرض عليها عقوبات أشد من تلك التي تفرضها الآن، لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في الحال.

ونادى عز الدين بضرورة استغلال أطراف الصراع في ليبيا لتلك الاتفاقية من أجل العودة بليبيا مرة أخرى إلى سابق عهدها، وأن تعمل الأطراف كافة على المصالحة في أقرب وقت ممكن، وأن يسهم هذا في توافق الشعب الليبي.

ربما يعجبك أيضا