ما دلالات العزوف عن الانتخابات التونسية في مشروع قيس سعيّد السياسي؟

إسراء عبدالمطلب
نتائج الانتخابات التشريعية التونسية وتداعياتها

وسط صورة باهتة للمشهد السياسي في تونس، جرت المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية أملًا في الوصول بالبلاد إلى الاستقرار.. فهل يكتمل مشروع قيس سعيد الرئاسي؟


مع إغلاق مراكز الاقتراع بالمرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية، أسدلت تونس الستار على آخر فصول خريطة الطريق، التي فرضها الرئيس قيس سعيّد، للإصلاح السياسي.

ورغم نسبة الإقبال الضعيفة، التي لم تتجاوز 11.3% في مرحلتي الاقتراع، يتوقع محللون أن يستمر المشروع السياسي للرئيس التونسي، فما دلالات العزوف الانتخابي؟ وهل تستطيع المعارضة تطويعه في سياق مشروعها المناهض للرئيس؟

هل يعبر العزوف الانتخابي عن رفض شعبي؟

بدأت عملية فرز أصوات جولة إعادة الانتخابات البرلمانية في تونس، يوم أمس الأحد 29 يناير 2023، مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع، تمهيدًا لإعلان تشكيل البرلمان الجديد للبلاد، وسط إقبال ضعيف. وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة في الدورة الثانية لم تتجاوز 11.3%، في حين بلغت 11.2% في الجولة الأولى، التي جرت في ديسمبر الماضي.

وقال رئيس جبهة الخلاص، ائتلاف المعارضة الرئيس في تونس، نجيب الشابي، في مؤتمر صحفي يوم الأحد، إن الشعب التونسي أصدر اليوم حكمًا “باتًا ونهائيًّا” ضد المسار الانتخابي الحالي، مطالبًا الحركة السياسية والمدنية أن تتعاون معه لإحداث التغيير.

عودة إلى ما قبل الثورة التونسية

قالت هيئة الانتخابات إن نحو 887 ألف ناخب أدلوا بأصواتهم من إجمالي 7.8 مليون، لكن النتائج النهائية قد تستغرق وقتًا أطول لتجميعها، ومع مقاطعة معظم الأحزاب للانتخابات، من المتوقع أن تذهب معظم المقاعد إلى المستقلين.

وتنافس 262 مرشحًا على 131 مقعدًا في البرلمان الجديد، من أصل 161، في الانتخابات التي تمثل المرحلة الأخيرة من خريطة الطريق، التي فرضها الرئيس قيس سعيّد، وأبرز ملامحها إرساء نظام رئاسي معزّز، على غرار ما كان عليه الوضع قبل الثورة التونسية. وقال سعيَد إن إجراءاته قانونية وضرورية “لإنقاذ تونس من الفساد والتدهور الاقتصادي على مدار سنوات على يد نخبة سياسية لا يهمها سوى مصالحها الذاتية.”

صلاحيات أقل

تعلن النتائج الأولية للدور الثاني من الانتخابات يوم الأربعاء، 1 فبراير المقبل، في حين تكشف هيئة الانتخابات عن النتائج النهائية على إثر الانتهاء من الطعون، على ألا تتجاوز موعد 4 مارس المقبل.

وحسب تقرير لـدويتشه فيله، سيكون للمجلس النيابي الجديد عدد قليل جدًا من الصلاحيات، فلا يمكنه عزل الرئيس ولا مساءلته، ويتمتع الرئيس بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين، ولا يشترط الدستور الجديد أن تحظى الحكومة، التي يعينها الرئيس، بثقة البرلمان.

انتخابات تونس

انتخابات تونس

من أجل تونس

تعد نسبة المشاركة المقياس الأساسي لنجاح الاستحقاق، الذي تقاطعه المعارضة، في ظل أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلاد، ويرى الباحث في مركز كولومبيا، يوسف الشريف، أنه بالنظر إلى عدم الاهتمام التام للشعب التونسي بالحياة السياسة، فإن هذا البرلمان لن يحظى بشرعية كبيرة، وبفضل دستور 2022، سيتمكن الرئيس القوي من الهيمنة عليه كما يشاء.

وزاد الشعور بالإحباط من السياسة في تونس، بسبب الأزمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم، التي أفضت إلى نقص في بعض السلع الأساسية، ودفعت الحكومة إلى خفض الدعم، سعيًا للحصول على دعم مالي دولي يجنبها الإفلاس.

سبب العزوف عن المشاركة

قال الصحفي والمحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، إن ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية له دلالات كثيرة، أهمها تقارب المحطات الانتخابية زمنيًّا وتعددها، ما جعل جزءًا كبيرًا من التونسيين يملون من الانتخابات، ويعزفون عنها.

وأضاف حمدي أن الدلالة الثانية هي أن جزءًا كبيرًا من التونسيين يرون أن العمليات الانتخابية لم تغيّر شيئًا على أرض الواقع، ولم تغيّر في المستوى المعيشي، ولم يكن لها ارتدادات على المستوى الاجتماعي، لذلك عزفوا عنها.

المرحلة السياسية النهائية

تابع حمدي أن الدلالة الثالثة لعزوف التونسيين عن الانتخابات، فهي أن جزءًا منهم سلطوا عقوبة شعبية على رئيس الجمهورية، من خلال الامتناع عن التوجه لصناديق الاقتراع، ورأوا أن قيس سعيّد انشغل كثيرًا بإدارة الملف السياسي والدستوري، على حساب الشأن الاقتصادي.

بسام حمدي

بسام حمدي

وأضاف أن الانتخابات البرلمانية هي خاتمة المشروع السياسي للرئيس قيس سعيّد، وتبقى انتخابات ما يسمى بمجلس الأقاليم، والجهات، التي تنتظم بعد تنصيب البرلمان الجديد، وربما في الخطوات المقبلة، سيتوجه الرئيس إلى العمل على الملف الاقتصادي والاجتماعي، من خلال التركيز على توجيه البرلمان الجديد نحو التنمية والتنمية المحلية.

التونسيون فقدوا الثقة في الإسلاميين

أشار حمدي إلى أنه من الناحية السياسية، انتهى قيس سعيّد كليًّا من مشروعه السياسي، بانتهاء هذه الانتخابات التشريعية، مضيفًا أن تحركات خصوم قيس سعيد، خاصة الإسلاميين، لن تغيّر شيئًا في المشهد السياسي، رغم أن تحركاتهم لها ارتدادات حادة ضد الحكومة، لكن في أرض الواقع غير قادرة على تغيير المشهد العام.

واختتم حمدي أن خصوم سعيد والجماعات الإسلامية لن يؤثروا كثيرًا، لان نتائج الانتخابات التشريعية ستعتمدها قانونيًّا، رغم نسبة المشاركة البسيطة، مضيفًا أن تلك الجماعات غير قادرة على فعل أي شيء، لأن الشعب التونسي فقد الثقة في الأحزاب السياسية وفي حركة النهضة، ولن يذهب وراءها في احتجاجات، كما أنها لن تقدر على الحشد الشعبي.

ربما يعجبك أيضا