إيران بين رسالتين.. «عسكرية» من إسرائيل و«نووية» في بريد قطر

يوسف بنده

الهجوم بالمسيرات على أهداف إيرانية يضع إيران بين خيارين: العودة إلى الاتفاق النووي والرضوخ للمطالب الغربية أو مواجهة دفاعاتها القاذفات الإسرائيلية.


يتهم الغرب المسيرات الإيرانية بلعب دور في الحرب الروسية الأوكرانية، لذا يأتي الهجوم على مدينة أصفهان، لينذر بإمكانية توجيه ضربة عسكرية لطهران.

ويأتي هذا الهجوم المتهمة إسرائيل بالوقوف ورائه، ليدل على استخدام الغرب إيران “كبش محرقة”، بعد فشل المواجهة مع روسيا، والرسائل، التي حملتها قطر إلى طهران، محاولة لإخراج الاتفاق النووي من “الثلاجة”، لإنقاذ إيران من عملية إسرائيلية كبرى.

im 712626

تهديد بضربة عسكرية

هددت إسرائيل مرارًا بأنها لن تظل مكتوفة الأيدي مع اقتراب إيران من صنع القنبلة النووية، في إشارة إلى إمكانية شنّها هجومًا على المواقع النووية لإيران، في ظل جمود المفاوضات النووية بين طهران والغرب، ونفذ الجيشان الإسرائيلي والأمريكي، الأسبوع الماضي، مناورة عسكرية تحاكي الأهداف الإيرانية، وتحمل رسالة تحذير إلى إيران: “نستعد لاحتمال شن هجوم”.

ويبدو أن العالم الغربي قلق من أن تضعهم إيران أمام خيارات صعبة، فحسب تقرير صحيفة إكسبريس البريطانية، توجد خطط إسرائيلية لتوجية ضربة عسكرية لإيران، بعدما حذرت مصادر متعددة من أن “النظام الإيراني أمامه أسابيع لتخصيب مخزوناته من اليورانيوم إلى 90%”.

1376277

ضربة مصغرة

تعرضت منشأة عسكرية في أصفهان لهجوم بالطائرات المسيرة، ليل أول من أمس السبت، استهدف موقعين على الأقل في أصفهان وتبريز، وهما عبارة عن مصنعين عسكريين لإنتاج قطع إلكترونية خاصة بتشغيل مقاتلة SU35 الروسية الحديثة، التي سلّمت موسكو بعضًا منها إلى طهران، وتستخدم القطع في صناعة المسيرات الإيرانية.

ويأتي هذا الهجوم في ظل تورط إيران في الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد التوتر مع الغرب بسبب عدم الاستجابة لمطالب العودة إلى الاتفاق النووي، وتوجهت أصابع الاتهام نحو إسرائيل التي اتهمتها إيران بالوقوف وراء عمليات اغتيال لعلماء وقادة عسكريين، وتخريب للمنشآت العسكرية والنووية والبنية التحتية في إيران.

20230129 014727

وتقف إسرائيل خلف الهجوم الذي استخدمت فيه طرازًا جديدًا من المسيّرات غير المعلنة سابقًا. في المقابل، أشارت وكالة “تاس” الروسية إلى أن سلاح الجو الأمريكي شارك في الهجوم، وربطت تقارير إسرائيلية بين الهجوم ووجود مدير CIA، وليام بيرنز، في إسرائيل في زيارة غير معلنة.

1376763

تورط إسرائيل

حسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فإن المسيّرات الحديثة المهاجمة انطلقت من مكان داخل الأراضي الإيرانية، ومسيّرات أخرى من طراز “شوفال” هاجمت عدة نقاط أخرى في البلاد، بينها موقع قرب ميناء بندر عباس للإلهاء والتمويه، ما أدى إلى تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية فوق العاصمة ومدن عدة، وأكد المصدر أن الهجوم حقق أهدافه كاملة، فدمر الأهداف وأخرجها من الخدمة.

وأقرت وزارة الدفاع الإيرانية، بسرعة على غير العادة، بوقوع الهجوم، قائلة إنه استهدف أحد المجمعات العسكرية التابعة لها، ووصفت الغارة بـ”الفاشلة”، لافتة إلى أن “الدفاعات الجوية للمجمع أسقطت إحدى المسيّرات، في حين حاصرت مسيّرتان وانفجرتا”، مشددة على أنّ الهجوم “لم يتسبّب في أيّ تعطيل لعمل المجمّع”، ولم يؤد إلى وقوع إصابات بل أحدث “أضرارًا طفيفة في سقف أحد المباني فقط”.

هجمات بمسيرات إيرانية في أوكرانيا

احتواء إيران

تركز القوى الغربية على احتواء إيران التي تساند روسيا في حربها بأوكرانيا بتزويدها بالمسيرات العسكرية، بدلًا من استئناف محادثات العودة إلى الاتفاق النووي، وما زالت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تراهن على جدوى هذا الاتفاق، إلا أنها قالت إن العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران لم تعد مطروحة الآن، وعبّرت عن قلقها من تزويد طهران موسكو بالمسيّرات التي تُستخدم في أوكرانيا.

وحسب تقرير صحيفة وول ستريت جورنال، إن المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين يبحثون طرائق جديدة لمكافحة عمليات إيران المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك تعزيز التعاون العسكري الإيراني مع روسيا. وأشار المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إينهات، إلى أن انفجار مركز وزارة الدفاع في أصفهان، هو نتيجة سياسات النظام في إيران، وأعرب إينهات عن أمله أن تجعل طهران سياساتها “حضارية”.

الحرس الثوري

ضغط القوى الغربية على إيران

تضغط القوى الغربية على إيران بإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الإرهاب. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الاتحاد الأوروبي يدرس الخيارات القانونية لإدراج الحرس في قائمة المنظمات الإرهابية، ووفقًا لهذا التقرير، فقد أيد وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا هذا الإجراء، وستقدم الدائرة القانونية بالاتحاد الأوروبي مسودة للأعضاء بشأن شرعية هذا الإجراء في غضون الأسابيع الـ3 المقبلة.

وأفاد تقرير الصحيفة بأن الخطوة ستكون بمثابة تغيير جاد في السياسة من شأنه أن ينهي أي أمل في إحياء الاتفاق النووي، الذي يهدف إلى منع طهران من تطوير قدرتها على إنتاج أسلحة نووية، وتأتي هذه الخطوة في محاولة للرد على تزويد النظام الإيراني روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في العدوان العسكري ضد أوكرانيا، فضلًا عن القمع العنيف للمتظاهرين في الانتفاضة الشعبية.

الحرس الثوري يهدر ملايين الدولارات في سوريا .. وتسليح الجيش الإيراني لم يُحدث منذ العهد البهلوي

موقف البرلمان الإيراني

إن إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الإرهاب يدفع البرلمان الإيراني إلى اعتبار الجيوش الأوروبية “إرهابية”، كما هدد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وقد يعني هذا إغلاق مضيق هرمز أمام السفن الأوروبية أو التي تحمل النفط الذي تستخدمه الجيوش الأوروبية، حسب تقرير صحيفة الراي.

وأوضحت إيران أن نيتها الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وينطوي التهديد الإيراني عن غير قصد على إمكان وصول طهران إلى المستوى النووي اللازم (90% من التخصيب الغني لليورانيوم)، لإنتاج القنبلة النووية التي يخشاها الغرب والعديد من دول الشرق الأوسط.

1376879

رسالة للتهدئة

جاء الموقف الإيراني من هذا الهجوم على لسان وزير الخارجية حسين عبداللهيان، في أثناء استقباله نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، فقال حسب صحيفة الراي: “وقع عمل جبان لجعل إيران أقل أمنًا، إن مثل هذه الأفعال لا يمكن أن تؤثر في إرادة خبرائنا لتطوير الطاقة النووية السلمية”. وكشف عن أن بلاده تلقت، عبر قطر، رسائل من دول مشاركة في مفاوضات الملف النووي.

وقال عبد اللهيان: “تسلمنا عبر وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رسائل من جانب أطراف الاتفاق النووي”، مشيرًا إلى أن “قطر تحاول إعادة جميع الأطراف في الاتفاق النووي إلى التزاماتها”. ولم يرد عبداللهيان أي تفاصيل عن مضمون الرسائل، لكنه رحب بالجهود التي تبذلها الدوحة لإحياء المفاوضات النووية المتوقفة منذ أشهر.

1376760

وأشار الوزير القطري إلى أنه حمل خلال هذه الزيارة رسائل غربية إلى الجانب الإيراني، قائلًا إن “الرسائل كانت من أطراف متعددة وبشأن موضوعات مختلفة وحاليًا تتوافر فرصة مناسبة لتسوية المشكلات والعودة إلى الاتفاق النووي”، موضحًا أن “واشنطن حملته رسائل لنقلها إلى إيران في شأن موضوع يتعلق بالاتفاق النووي، وربما ليس له صلة مباشرة بالاتفاق”.

ربما يعجبك أيضا