نتنياهو للعرب: لا ترهنوا السلام بمفاوضاتنا مع الفلسطينيين

إسراء عبدالمطلب
نتنياهو - فلسطين - إسرائيل

محلل: نتنياهو يعترف نظريًّا بدولة فلسطينية ولكن يريد تجريدها من 60% من أراضيها في الضفة الغربية.


قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنه لا يجب تعليق السلام مع إسرائيل على مفاوضاتها مع الفلسطينيين.

وأضاف في مقابلة مع شبكة سي إن إن، بثتها يوم الثلاثاء الماضي 31 يناير 2023، أنه اختار نهجًا مختلفًا في التعامل مع الفلسطينيين، وأنه عندما ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي فعليًّا، سيمكن تحقيق سلام فعلي بين إسرائيل والفلسطينيين.

نتنياهو - فلسطين - إسرائيل

نتنياهو – فلسطين – إسرائيل

تفاقم التوترات

بشأن مخاوف إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من أن تؤدي المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى تفاقم التوترات وإعاقة آفاق السلام، قال نتنياهو إنه يختلف تمامًا مع الولايات المتحدة في هذا الرأي، مضيفًا أن اتفاقات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية، نجحت بالفعل.

وتابع نتنياهو: “تجاوزت الفلسطينيين ذاهبًا مباشرة إلى الدول العربية، وصغت مفهومًا جديدًا للسلام، وأبرمت 4 اتفاقيات تاريخية، وهذا العدد هو ضعف اتفاقيات السلام، التي سبق أن أبرمها كل من سبقوني في 70 عامًا”.

نتنياهو يضع يده على عجلة القيادة

قلل رئيس الوزراء الإسرائيلي على المخاوف بشأن حكومته اليمينية، التي واجهت بالفعل توترات داخلية واحتجاجات عامة واسعة النطاق، بسبب اعتماد الائتلاف الحاكم على دعم عدد من الشخصيات المدانة جنائيًّا، قائلًا: “لقد وضعت يدي على عجلة القيادة”.

وبشأن التصريحات المتطرفة لأعضاء الحكومة، والتقارير التي تفيد بأن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وصف نفسه بأنه “فاشي ضد المثليين”، قال نتنياهو: “الناس عندما يكونون خارج السلطة يقولون الكثير من الأشياء، لكنهم يتحلون بالهدوء عندما يصلون إلى السلطة، وأن هذا هو بالتأكيد ما يحدث في هذه الحالة”.

الرد الفلسطيني الأعنف منذ سنوات

رغم الهدوء، الذي يصف بها نتنياهو حكومته، اقتحم وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى في اليوم التالي لتوليه منصبه، مثيرًا غضب الفلسطينيين وسط تخوف دولي من انتفاضة جديدة، ما حدث بالفعل نتيجة التصريحات الاستفزازية من بن غفير وسموتريتش حول التوسع في الضفة الغربية وهدم بيوت الفلسطينيين.

وشهدت الأيام الماضية أحداث عنف بين الطرفين، بعد عملية إسرائيلية بمخيم جنين، يوم 26 يناير الفائت، راح ضحيتها 10 فلسطينيين، وبعد يوم واحد جاء رد الفعل الفلسطيني الأعنف منذ سنوات، عندما فتح رجل النار على مستوطنين قرب كنيس يهودي بمستوطنة النبي يعقوب، ما أسقط 7 قتلى، وأعقبه هجوم آخر أصيب فيه إسرائيليان في منطقة معالوت في القدس.

نتنياهو يتهم منتقديه بالنفاق

بالعودة إلى لقاء نتنياهو مع سي إن إن، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي منتقديه بالنفاق وعدم تطبيق نفس المعايير، التي طُبقت على أسلافه، مضيفًا أنه يسيطر على الحكومة، وأنه مسؤول عن سياساتها، وأن السياسات في حكومته عاقلة ومسؤولة، وستستمر كذلك.

ورفض نتنياهو الانتقادات الموجهة له ولحكومته بشأن خطة الإصلاحات القضائية، بعد إجباره على إقالة حليفه الرئيس، أرييه درعي، زعيم حزب شاس، من مناصبه الوزارية، بعد أن قضت المحكمة العليا بأنه غير مقبول تعيينه بسبب إدانته الجنائية، وقال نتنياهو إن التغييرات ستجعل الديمقراطية أقوى.

نتنياهو يتجاوز القضاء

لا يزال نتنياهو يواجه اتهامات في 3 قضايا منفصلة في محاكمة فساد طويلة الأمد تطارده سياسيًّا، ونفى مرارًا جميع التهم الموجهة إليه، واصفًا المحاكمة بأنها تشبه مطاردة الساحرات.

وبشأن الادعاءات الموجهة إلى نتنياهو بأنه يحاول تجاوز القضاء من خلال إحداث ما يسميه بالإصلاحات القضائية، التي من شأنها سحب العديد من صلاحيات القضاء، ومنح البرلمان والأحزاب الحاكمة صلاحية إلغاء أحكام المحكمة العليا، قال نتنياهو إن هذا خطأ، وأن لا علاقة لأي من الإصلاحات القضائية بمحاكمته.

نتنياهو يفرغ فكرة حل الدولتين

معلقًا على مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، إن نتنياهو صرح منذ 2009 بأنه مع حل الدولتين، لكن التفاصيل متروكة للتفاوض.

أضاف أنه حين جاء وقت التفاوض، بعدما استهلك الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، فترة ولايته الأولى في التوصل لعملية السلام، تبين أن الإسرائيليين يحاولون تفريع فكرة حل الدولتين من معناها.

نتنياهو يجرد فلسطين من محتواها

أوضح عكاشة أن نتنياهو سيعترف نظريًّا بدولة فلسطينية، لكن سيجردها من 60% من أراضيها في الضفة، وسيمنعها من عقد معاهدات أو اتفاقات، إلا بموافقته، وسيسيطر حتى على سمائها، فلا تستطيع بناء مطارات أو تشغيلها أو امتلاك أسطول جوي، دون مظلة إسرائيلية، أي أنه سيفرغ الدولة الفلسطينية من محتواها.

وتابع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يغير موقفه، ولا يزال يقول إنه مع حل الدولتين، إلا أن شركاءه في الائتلاف يرفضون هذا الحل، لكنه يطمئنهم بأنه لن يوقّع اتفاقيات بعد، وقد يدور الكلام على نحو مختلف وقت التوصل لاتفاق، وأضاف الخبير الاستراتيجي أن نتنياهو يجري المفاوضات حتى لا يخسر الولايات المتحدة، أو مصر والأردن في إطار اتفاقية السلام، ويماطل ولكن بطريقة ممنهجة.

تهدئة مرهونة بحسابات أخرى

أشار الخبير المصري إلى أن توسيع المستوطنات يؤثر في عملية السلام، على عكس ما صرح به نتنياهو، لأن زيادة أعداد الإسرائيليين في الضفة الغربية يزيد المشكلة، متابعًا أن التهدئة مرهونة بحسابات كل طرف، لأن الاشتباكات مع الفلسطينيين وسقوط القتلى من الأطفال والعجائز يقلب الرأي العام الدولي على إسرائيل، علاوة على الضغوط الأمريكية والأوروبية.

سعيد عكاشة

سعيد عكاشة

وأضاف أن الجانب الفلسطيني المحتل والمضار ليس من مصلحته التصعيد، وإذا جرى إطلاق الصواريخ من قطاع غزة يكون رد الفعل الإسرائيلي عنيف، ويصبح الشعب الفلسطيني بلا حماية، لذلك ليس من مصلحة حركة حماس تحديدًا أن تخوض حربًا الآن.

توتر دون انفجار

أكمل سعيد عكاشة أن جميع الأطراف لا تريد توتر الأوضاع وتريد التهدئة، حتى أمريكا المشغولة بالحرب الروسية الأوكرانية، على حد قوله، وقد يكون الوضع متوترًا ولكن دون انفجار، متابعًا أن حديث نتنياهو صحيح بشأن تغيّر تصريحات وأفعال السياسيين في السلطة، لأنه قبلها يطلق تصريحات انتخابية لجذب الجمهور.

وأوضح أن سموتريتش وبن غفير رغم مناصبهما الوزارية، فإن القرار في النهاية يصدر عن المجلس الوزاري المصغر، وهو مجلس أمني يضم أفراد من كل أحزاب الائتلاف الحاكم، لذلك لا يستطيع الوزيران تمرير قرار يعترض عليه باقي أعضاء المجلس، مضيفًا أن في المعارضة يمكنك قول ما تريد، لكن موقع السلطة يفرض مسؤولية كبيرة، لأن القرارات قد تؤدي إلى كوارث.

ربما يعجبك أيضا