«سي إن إن»: درجات الحرارة تهبط إلى مستويات خطيرة

بسام عباس

مع استمرار العالم في تكثيف غازات الاحتباس الحراري حول الأرض سيشهد الكوكب مزيدًا من الظواهر الجوية المتطرفة وتغيرات حادة في درجات الحرارة.


ينزلق العالم إلى مستويات حرجة من الاحتباس الحراري، ويسبب تغير المناخ موجات من درجات الحرارة المنخفضة، مع طقس جليدي وثلوج كثيفة.

وكشف علماء عن أن التغيرات المناخية، وتحديدًا الاحتباس الحراري السريع في القطب الشمالي، تزيد من احتمالية اتجاه الهواء القطبي المتجمد جنوبًا، وقد توقف اتجاه الاحترار بسبب البرودة الهائلة التي سجلت أرقامًا قياسية.

تأرجح الطقس

ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية، أن الشتاء في شهر يناير الماضي كان أكثر دفئًا في جميع المدن الأمريكية في الشمال الشرقي، وكان كذلك الشهر الأول الذي كانت درجات الحرارة فيه أعلى من المتوسط، والمرة الأولى التي انتهى فيها الشهر دون تساقط ثلوج.

وأوضحت الشبكة في تقرير نشرته أمس الجمعة 3 فبراير 2023، أن حالة الطقس تتأرجح بشدة إلى الطرف الآخر في نهاية هذا الأسبوع عندما أصبح الدفء القياسي باردًا بدرجة قياسية. ومن المتوقع أن تهبط الرياح الباردة إلى مستويات خطيرة تصل إلى 34 درجة مئوية تحت الصفر.

البرد القارس

أوضحت “سي إن إن” أن شهر يناير 2023 جاء بموجة برد قاسية في عمق أجزاء من آسيا، وانخفضت درجات الحرارة في مدينة موخه شمالي الصين إلى 53 درجة مئوية تحت الصفر، وتسببت موجات البرد العنيفة والثلوج الكثيفة في اليابان في مقتل 4 أشخاص.

وأضافت الشبكة أن درجات الحرارة انخفضت في كوريا الجنوبية، ولقي أكثر من 150 شخصًا مقتلهم في أفغانستان حيث وصلت الحرارة إلى أقل من 28 درجة مئوية تحت الصفر، في أقسى فصول الشتاء في البلاد. وانخفضت درجات الحرارة في مدينة ياكوتسك شرقي سيبيريا، أبرد مدينة في العالم، إلى 62.7 درجة مئوية تحت الصفر.

وذكرت أن الطقس الشتوي القاسي يتحول إلى الولايات المتحدة، حيث يتجه هواء القطب الشمالي شديد البرودة جنوبًا، ويمتد عبر أجزاء كثيرة من البلاد ليحل محل ما كان يوصف بالطقس المعتدل في شهر يناير.

التيار النفاث

يرتبط الطقس ارتباطًا وثيقًا بالتيار النفاث، وهو تيار متموج من الهواء سريع يتحرك عاليًا في الغلاف الجوي، حول المستوى الذي تطير فيه الطائرات. وعندما يتجه التيار النفاث جنوبًا، يمكن لهواء القطب الشمالي البارد أن يغوص في خطوط العرض الوسطى معه، حيث يعيش معظم الناس في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، وفق “سي إن إن”.

ومن جانبه، قال عالم المناخ في معهد ماساتشوستس، ومدير التنبؤات الموسمية في الغلاف الجوي وأبحاث البيئة، جودا كوهين، للشبكة الأمريكية، إن “هذا ما حدث في آسيا في يناير، فعندما يتراجع التيار النفاث شمالًا، يدفع الهواء الدافئ أيضًا شمالًا، ما أدى إلى تسجيل درجات حرارة شتاء دافئة”.

الدوامة القطبية

أوضحت “سي إن إن” أن الدوامة القطبية هي أحد العوامل التي ينبغي وضعها في الحسبان، وهي حزام من الرياح القوية التي تحيط بهواء القطب الشمالي شديد البرودة، والذي يوجد في طبقة الستراتوسفير، فوق مستوى التيار النفاث، حول القطب الشمالي.

ونقلت الشبكة عن كوهين قوله إن “الدوامة القطبية تشبه العجلة الدوارة، ففي حالتها الطبيعية، تدور بسرعة كبيرة، مع إبقاء الهواء البارد قريبًا من المركز، ولكن بين الحين والآخر تتعطل، وتتأرجح الدوامة القطبية، وتصبح مشدودة ومشوهة، ويتسرب الهواء البارد ما يؤثر في مسار التيار النفاث”.

كيف يحدث تغير المناخ؟

أفادت “سي إن إن” أن القطب الشمالي ترتفع درجة حرارته بمعدل 4 مرات أسرع من بقية العالم، نتيجة للتلوث المحتجز للحرارة الناجم عن حرق الوقود الأحفوري، لافتة إلى أن بعض العلماء يقول إن الاحترار يتسبب في حدوث تغييرات في التيار النفاث والدوامة القطبية، ما يتسبب في زيادة تواتر فترات الشتاء القاسية.

وأضافت أن عالمة الغلاف الجوي في مركز وودويل لأبحاث المناخ، جينيفر فرانسيس، أشارت في دراسة نشرتها عام 2012، إلى أن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي يقلل من الاختلاف بين درجات الحرارة الباردة في الشمال ودرجات الحرارة الدافئة في الجنوب، ما يؤدي إلى تيار نفاث أضعف وأكثر تموجًا، وهو ما يدفع بدوره الهواء شديد البرودة جنوبًا.

وكشفت ورقة بحثية شارك في تأليفها كوهين عام 2021، عن روابط واضحة بين ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي واضطرابات الدوامة القطبية، وأوضحت أن التسخين السريع في منطقة القطب الشمالي، مع زيادة تساقط الثلوج في سيبيريا، يزيد من تموج التيار النفاث، ما يؤدي إلى انحراف الدوامة القطبية عن مسارها.

نماذج مناخية

في تصريحات إلى “سي إن إن”، قال أستاذ علوم المناخ في جامعة إكستر، جيمس سكرين، إن عددًا من فصول الشتاء الباردة في الولايات المتحدة وآسيا تزامنت مع فصول الشتاء الدافئة في القطب الشمالي، موضحًا أن “التحدي الذي نواجهه هو تحديد السبب من النتيجة”.

وكشف بحث شارك في تأليفه سكرين، استخدم فيه نماذج مناخية للتنبؤ بما سيحدث عندما ينخفض ​​الجليد البحري في القطب الشمالي، عن أن فقدان الجليد البحري كان له تأثير ضئيل للغاية في التيار النفاث، ولم تكن توجد أي علامة حقيقية على وجود تأثير في الدوامة القطبية.

آلية عمل المناخ

أوضحت “سي إن إن” أن من الانتقادات الرئيسة للبحث الذي يربط بين التغيرات في القطب الشمالي والطقس الشتوي القاسي، أنه يعتمد على البيانات التاريخية. فمن جانبه قال أستاذ المناخ في جامعة فريجي أمستردام، ديم كومو: “إذا نظرنا أكثر إلى بيانات نموذج المناخ، فإننا لا نرى هذه الأنواع من الروابط أو أنها ضعيفة جدًّا”.

وأضافت الشبكة أن العلماء يتفقون على الحاجة إلى الاستمرار في دراسة هذه النوبات شديدة البرودة. وأوضحت أستاذة المناخ في المعهد التقني السويسري بزيورخ، دانييلا دوميزن، أنه “لا يوجد ما يكفي من الدراسات والأبحاث حول آلية عمل المناخ، ولكننا لم نصل إلى مرحلة فهم هذه الآلية حتى الآن”.

ربما يعجبك أيضا