ليس المنطاد الأول.. اختراقات صينية متكررة للأجواء الأمريكية تثير تساؤلات

آية سيد
للتعامل مع الأجسام المجهولة.. البيت الأبيض يشكل فريقًا من الخبراء

تعرضت الأجواء الأمريكية للاختراق من المناطيد الصينية، قبل ذلك أكثر من مرة، ما أثار تساؤلات تعكس نخوفات الأمريكيين حيال قدرة الرادارات الأرضية الأمريكية على تحديد تهديدات المجال الجوي لواشنطن.


أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون)، أول من أمس السبت 4 فبراير 2023، أن مقاتلة من طراز “إف-22 رابتور” أسقطت المنطاد الصيني.

وقد تريثت القوات الأمريكية، قبل إسقاطه في الساحل الجنوبي الشرقي لأمريكا، خشية تضرر مدنيين منه. وتوجد اختراقات أخرى، كشف عنها مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن، تثير تساؤلات حول مدى جاهزية الولايات المتحدة للتعامل مع مثل هذه الحوادث.

اختراقات سابقة

لم تكن هذه المرة هي الأولى التي تتعرض فيها الأجواء الأمريكية للاختراق من المناطيد الصينية، حسب ما كشف مسؤول رفيع في البنتاجون، السبت 4 فبراير.

وأفاد المسؤول أن مناطيد مراقبة صينية عبرت المجال الجوي للولايات المتحدة الأمريكية، لفترة وجيزة 3 مرات على الأقل، خلال عهد إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، ومرة سابقة خلال حكم الإدارة الحالية.

إدارة ترامب تنفي

من جهتهم، نفى مسؤولو إدارة ترامب علمهم بوقوع هذه الحوادث في أثناء وجودهم بالمنصب، حسب ما أوردت شبكة فوكس نيوز. وقال ترامب في تصريحات للشبكة الأمريكية: “هذا لم يحدث مطلقًا، ولو كان حدث، كنا سنُسقطه على الفور”.

وصرّح مستشار الأمن القومي الأسبق في عهد ترامب، جون بولتون، بأنه لم يسمع بوقوع مثل هذه الحوادث خلال فترة توليه المنصب، قائلًا: “لم أسمع عن تحليق أي مناطيد فوق الولايات المتحدة في أثناء فترتي بالمنصب”، مضيفًا أنه لم يسمع بها حتى قبل توليه المنصب في 2018 أو بعد مغادرته.

وقال القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية السابق، ريتشارد جرينيل، الذي قاد مجتمع الاستخبارات الأمريكي في أثناء بداية جائحة كوفيد-19، إنه جمع أكبر قدر من المعلومات الاستخباراتية عن الصين، وأعمال التجسس ومنشأ فيروس كورونا في أثناء توليه المنصب، ولكن مسألة المناطيد “لم تظهر”.

الكشف عن المعلومات

أوردت مجلة بوليتيكو أن إدارة بايدن أبدت استعدادها لإحاطة مسؤولي إدارة ترامب السابقين بالمعلومات الاستخباراتية المكتشفة حديثًا بشأن مناطيد التجسس التي أرسلتها الصين إلى المجال الجوي الأمريكي خلال فترة حكمهم.

ونقلت المجلة الأمريكية عن مسؤول رفيع في إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، أن هذه الحوادث، وغيرها من الأحداث، لم تُكتشف وقت حدوثها.

حوادث متكررة

قال مسؤول رفيع في البنتاجون إن وزارة الدفاع تتعقب “مئات” المناطيد كل يوم، ولكنها لا تُعد تهديدًا، ولا يُخطَر القادة رفيعو المستوى بوجودها بالقرب من الولايات المتحدة أو فوقها إلا إذا “خرج سلوكها عن المألوف، مثل المنطاد الأخير”.

وحسب بوليتيكو، قال مسؤولان أمريكيان إن أحد المناطيد في عهد ترامب حلق فوق جزر جوام، في حين قال مسؤول سابق بالبنتاجون إن المناطيد الأصغر المرصودة قبالة ساحل فيرجينيا، في 2020، كانت أجهزة صينية للتشويش على الرادار.

فشل في التعامل

بعد رصد المنطاد فوق جزر ألوتيان بولاية ألاسكا، في 28 يناير الماضي، حلق المنطاد فوق الولاية ثم كندا، وصولًا إلى شمال أيداهو، في 31 يناير. ومن هناك، مر فوق مواقع للصواريخ الباليستية العابرة للقارات في مونتانا، قبل الانجراف إلى الساحل الجنوبي الشرقي.

ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، قال بعض المشرعين الجمهوريين إنه كان يتعين على إدارة بايدن إسقاط المنطاد قبل دخوله المجال الجوي للولايات المتحدة القارية، نظرًا إلى التقارير الواردة عن وقوع حوادث اختراق صينية سابقة.

وفي هذا الشأن، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مايك تيرنر، في تصريحات لشبكة إن بي سي: “الإدارة لم تفشل هنا فقط، بل فشلت في الاستعداد بعد الحادثة الأولى التي وقعت في أثناء حكم هذه الإدارة”، مضيفًا أن الرئيس سمح لهذا المنطاد “بالعبور فوق مواقعنا الأكثر حساسية”.

سبب الانتظار

قالت الإدارة الأمريكية إنه كان من الحكمة الانتظار حتى يصبح المنطاد قبالة الساحل لإسقاطه، لأن هذا يمكّن الولايات المتحدة من استعادة أجهزة المراقبة دون تعريض حياة الناس للخطر بسبب الحطام.

وحسب وول ستريت جورنال، صرّح مسؤول دفاعي كبير يوم السبت الماضي: “كان شاغلنا الأول هو كيف نُسقط المنطاد دون خلق مخاطر لا داعي لها على الأشخاص أو الممتلكات على الأرض”.

ليس المنطاد الأول.. اختراقات صينية متكررة للأجواء الأمريكية

لحظة استهداف المنطاد الصيني

استعادة الحطام

بعد إسقاط المنطاد، يحاول الجيش الأمريكي استعادة بقاياه من المياه الساحلية، بعُمق 47 قدمًا تقريبًا، ومعرفة المزيد عن قدرات المراقبة. ووفق الصحيفة الأمريكية، تشارك 6 سفن من البحرية وقوات خفر السواحل الأمريكية في هذه العملية.

وحتى عصر أمس الأحد، لم يُعثر على أجزاء كبيرة من المنطاد في حقل الحطام، الذي وصفه مسؤول دفاعي أمريكي بأنه “كبير جدًّا”. وأضاف المسؤول أن السفن تطوق معظم تلك المنطقة.

مخاوف بشأن «نوراد»

تسببت حادثة الاختراق الأخيرة، والحوادث الأخرى التي كُشف عنها مؤخرًا، وحقيقة أنها لم تُكتشف إلا بعد وقوعها، في إثارة المخاوف بشأن قوة شبكة الرادارات الأرضية الأمريكية والكندية وقدرتها على تحديد التهديدات الجوية، حسب وول ستريت جورنال.

وكانت منظومة الدفاع القارية لأمريكا الشمالية (نوراد)، التي تديرها الولايات المتحدة وكندا، قد أعلنت أنها تتعقب المنطاد الصيني وتحلل مساره. وفي هذا السياق، لفت مدير الشؤون الخارجية والأمن القومي والدفاع الوطني بمعهد ماكدونالد لورييه الكندي، جوناثان ميلر، إلى أن حادثة المنطاد قد تدفع دول “نوراد” إلى تحديث دفاعاتها.

وفي تصريحات لصحيفة تورنتو ستار الكندية، قال ميلر: “هذا سيدفع كندا والولايات المتحدة تحديدًا إلى تحديث نوراد”. واتفقت معه في هذا الشأن الأستاذة المساعدة بجامعة مانيتوبا الكندية والخبيرة في شؤون نوراد، أندريا تشارون، التي قالت إن الحادثة تشدد على الحاجة المُلحة إلى تحديث نظام الإنذار المبكر لأمريكا الشمالية.

ربما يعجبك أيضا