قمة بين طوكيو وسيول تطوي سنوات من الخلاف.. هل تعود المياه لمجاريها؟

محمد النحاس

طي خلافات الماضي لمواجهة تحديات الحاضر.. لماذا تسعى اليابان وكوريا الجنوبية لتعزيز علاقاتهما؟


تعهدت كوريا الجنوبية واليابان بطي صفحات الماضي المليئة بالخلاف، وتنحية التاريخ الشائك، لمواجهة التحديات الأمنية والإقليمية المشتركة.

واضطرت الدولتان للسعي للتقارب ومحاولة إذابة الجليد بينهما، تحت وطأة الصواريخ الكورية الشمالية، بعد أن بلغ معدل التجارب الصاروخية لبيونج يانج رقمًا قياسيًّا، خلال العام الماضي، في ظل مخاوف من إقدامها على تجربة نووية جديدة.

الزيارة الأولى منذ عقد

في زيارةٍ هي الأولى من نوعها منذ 12 عامًا، التقى رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، برئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، في طوكيو، اليوم الخميس 16 مارس 2023، وشدد الجانبان على خطورة الوضع الإقليمي بالمنطقة، والتهديد “الخطير”، الذي تشكله كوريا الشمالية.

وحسب وكالة أنباء رويترز، أطلقت كوريا الشمالية صاروخًا باليستيًّا، قبل وصول يون إلى اليابان بساعات معدودة، سقط في المياه الواقعة بين شبه الجزيرة الكورية واليابان، في ما بدا رسالة إلى الدولتين الطامحتين لمزيدٍ من التقارب، وعلاوةً على ذلك، كثّفت الصين مناوراتها بالمنطقة على مدار الأشهر الماضية.

نقطة تحول؟

تاريخيًّا، لطالما قوّضت الخلافات بين كوريا الجنوبية واليابان، المجهود الذي تقوده الولايات المتحدة لجمع البلدين، وتكوين جبهة مشتركة في مواجهة الصين وكوريا الشمالية، وانتقدت كوريا الجنوبية بعض بنود الاستراتيجية الأمنية والدفاعية، التي أصدرتها اليابان، ديسمبر الماضي، والتي شهدت حيودًا عن النهج الدفاعي السلمي، الذي تبنته طوكيو بعد الحرب العالمية الثانية.

وعلى مدار 10 سنوات، لم يتمكن البلدان من الاجتماع على المستويات العليا، رغم كونهما جارتين ديموقراطيتين، تتمتعان بسوق اقتصادي حر ومفتوح، وحليفتين لواشنطن، وفق أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الوطني للعلاقات الدولية، هيديكي أوكونو، الذي وصف القمة الثنائية بأنها “نقطة تحول”.

الدبلوماسية واتفاقات أمنية

اتفق الجانبان على تفعيل “الدبلوماسية المكوكية”، ما يعني إجراء زيارات دبلوماسية منتظمة بين كوريا الجنوبية واليابان، وقررا إعادة تفعيل الحوار الأمني الثنائي المعلق منذ 2018، ما يسلط الضوء على محاولات التقارب بين الجانبين، في وقت تُكثّف فيه كوريا الشمالية من تجاربها الصاروخية.

وأعلن الجانبان التطبيع الكامل لاتفاقية “الأمن العام للمعلومات العسكرية”، التي هددت كوريا الجنوبية بالانسحاب منها عام 2019، وفق ما نقلته وكالة أنباء رويترز.

رفع قيود التصدير

قالت وزارة التجارة اليابانية إنها سترفع قيود التصدير إلى كوريا الجنوبية على بعض المواد المستخدمة في صناعة الرقائق الإلكترونية، والتي فرضتها طوكيو في العام 2019.

وتعهد الجانبان بإجراء مؤتمر لمناقشة قضايا الأمن الاقتصادي، واتفقا على إنشاء صندوق يهدف إلى بناء “علاقات موجهة نحو المستقبل”، عن طريق مشاريع مشتركة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة.

ما سبب الخلاف التاريخي؟

في حديث مع شبكة رؤية الإخبارية، أفاد الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون شرق آسيا، محمد صلاح الدين، بأن الخلاف بين كوريا الجنوبية واليابان يعود إلى الحقبة الاستعمارية اليابانية، حين احتلت شبه الجزيرة الكورية بين 1910 و1945، وحدثت بعض الانتهاكات وجرائم الحرب.

وأضاف أنه بعد تطبيع العلاقات عام 1965، اختلف الجانبان بشأن التعويضات التي تطالب سيول الشركات اليابانية بدفعها، ما رفضته طوكيو، ووصل الخلاف أوجه في العام 2019، واتخذت اليابان بعض القرارات آنذاك لفرض قيود تجارية على الصادرات المرتبطة بصناعة الرقائق.

ربما يعجبك أيضا