شلل مروري وإضرابات واسعة.. فرنسا إلى أين؟

عمر رأفت
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

تسببت إصلاحات المعاشات التقاعدية التي أقرتها الحكومة الفرنسية في إحداث الفوضى في الشارع الفرنسي، وسط استمرار التظاهرات في العاصمة باريس حتى الآن.


اعتقلت الشرطة الفرنسية ما لا يقل عن 310 أشخاص في تظاهرات ضد إصلاحات الحكومة بشأن المعاشات، حسب ما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وفرضت الحكومة الفرنسية، أول من أمس الخميس 16 مارس 2023، إصلاحات من شأنها رفع سن التقاعد في البلاد، من 62 إلى 64، وهي خطوة أثارت الاضطرابات في البلاد، التي استمرت لأسابيع.

اقرأ أيضًا: الضغوط تتراكم على الرئيس الفرنسي عقب اضطرابات عنيفة

تظاهرات واعتقالات

قال وزير الداخلية جيرالد دارمانين، في تصريحات لراديو آر تي إل الفرنسي، وأبرزتها “سي إن إن”، إن معظم الاعتقالات كانت في باريس.

وأشارت “سي إن إن” إلى أنه رغم عودة الهدوء إلى شوارع العاصمة الفرنسية، صباح أمس الجمعة 17 مارس 2023، فإن الحكومة الفرنسية تحاول الدفاع عن قراراتها بشأن المعاشات التقاعدية.

وكرر المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، أوليفييه فيران، ووزير الميزانية جابرييل أتال ادعاءات الرئيس إيمانويل ماكرون بأن الحكومة لم ترغب في استخدام سلطتها لتطبيق القانون ضد المتظاهرين.

ماكرون

ماكرون

إجراءات أكثر صرامة

قال عتال في تصريحات، أبرزتها “سي إن إن”، إنه في حال لم تقم الحكومة بتطبيق الإصلاحات، فسنتخذ إجراءات أكثر صرامة، في المستقبل.

وأشارت “سي إن إن”، إلى أن المتظاهرين أغلقوا الطريق الدائري في باريس لفترة وجيزة صباح الجمعة، احتجاجًا على إصلاحات نظام التقاعد، ما أصاب حركة المواصلات بالشلل لفترة طويلة.

ويتواصل إضراب عمال القمامة الذي خلف العديد من الشوارع في باريس مليئة بأكياس النفايات، وقال وزير الداخلية الفرنسي إنه سيأمر الشرطة بإجبار بعضهم على العمل، وقال: “أحترم إضراب عمال القمامة، ولكن ما هو غير مقبول استمرار هذا الوضع”.

اعتراضات اليسار الفرنسي

حسب “سي إن إن”، قال وزير الداخلية الفرنسية، في مذكرة، مساء الخميس، إن قوات الشرطة ستتعامل بحزم مع التظاهرات، لحماية الأشخاص الذين يتعرضون للتهديد أو الإضرار بالممتلكات.

وأعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، أمام الجمعية الوطنية، في وقت سابق، يوم الخميس، أن ماكرون سيعلن عن مشروع قانون إصلاح المعاشات التقاعدية المقترح، وقالت: “لا يمكننا الرهان على مستقبل معاشاتنا، هذا الإصلاح ضروري”.

وأخذ أعضاء من اليسار يرددون النشيد الوطني الفرنسي، في حين يرفعون بأيديهم لافتات مكتوبًا عليها “لا لـ64″، في إشارة إلى سن التقاعد، وتعرضت رئيسة الوزراء للمقاطعة في أثناء حديثها بصيحات تطالبها بالاستقالة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

دعوات لتظاهرات جديدة

قالت “سي إن إن”، إن قادة حزب العمال في فرنسا دعوا إلى مظاهرات جديدة بعد إعلان بورن، حيث تجمع آلاف من الأشخاص في ساحة الكونكورد في باريس، وفي عدة مدن أخرى في فرنسا.

ونظمت احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء فرنسا منذ منتصف يناير الماضي، وخرج الملايين للتعبير عن معارضتهم لخطة الحكومة، وأضرت الإضرابات الجماهيرية بقطاعي النقل والتعليم.

وشددت “سي إن إن”، على أن الحكومة قالت إن الإصلاح ضروري لإبقاء الموارد المالية لنظام المعاشات تحت السيطرة في السنوات المقبلة، والهدف منه هو تحقيق التوازن دون زيادة الضرائب أو قطع المعاشات.

تظاهرات فرنسا

تظاهرات فرنسا

خيارات مختلفة على الطاولة

قال المتحدث باسم الحكومة اوليفييه فيران، في تصريحات نقلتها رويترز وأبرزتها “سي إن إن”، في يناير الماضي: “توجد خيارات مختلفة مطروحة على الطاولة، ولكن جميعها يشمل رفع سن التقاعد”.

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، إن فرنسا تمر بحالة من المنعطفات السياسية، جزء منها ليس لها علاقة بالتظاهرات، لأنه توجد مشكلات تتعلق بالاقتصاد الداخلي.

وأضاف فهمي، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، أن التظاهرات جزء منها فئوية، ولكن لا تستطيع القول إن التظاهرات سياسيةٌ حتى الآن، ولكن تنال جزءًا اقتصاديًّا اجتماعيًّا تنمويًّا، وبالتالي هنا يبرز السؤال، هل الرئيس ماكرون قادر على جمع الصف الفرنسي؟.

تظاهرات السترات الصفراء

أشار فهمي إلى أن الوضع مشابه لما حدث في تظاهرات السترات الصفراء، معتقدًا أن فرنسا مقبلة على حالة من عدم الاستقرار، خصوصًا مع زيادة الأزمات الداخلية المتعددة ومنها الطاقة وغيرها، بالإضافة إلى فشل الحكومة في تقريب وجهات النظر.

وأشار فهمي إلى أن الأحزاب بدأت تنظر في سحب الثقة من الحكومة، وسط استمرار الاحتجاجات على تمرير قانون التقاعد، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الشغب والعنف ونتائج سلبية في الفترة المقبلة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن فرنسا تعيش أزمة حقيقية هيكلية منذ عامين تقريبًا، وبالتالي فالرئيس ماكرون سوف يتعامل مع المسألة من زاوية سياسية ليس أكثر.

ربما يعجبك أيضا