شمخاني.. دخول مفاجئ على السياسة الخارجية بمباركة مرشد إيران

يوسف بنده

يأتي اتفاق المصالحة السياسية بين إيران والسعودية بتغييرات جديدة في المعادلة السياسية داخل إيران، بما ينعكس على معالجة القضايا الخارجية للجمهورية الإسلامية.


أثار تولي أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني ملف المفاوضات والحوار مع السعودية الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية في طهران.

وقد زاد الجدل بعد زيارة شمخاني لدولة الإمارات، وبعدها جرى الإعلان عن زيارة مقررة أخرى للعراق، ما أثار التساؤل حول مَن يدير السياسة الخارجية لإيران، الأمن القومي أم جهاز الخارجية، المرشد الأعلى أم رئيس الجمهورية؟

news 180323 iran 0

جدل حول شمخاني

بعد تمثيل مسؤول الأمن القومي، علي شمخاني، لإيران أمام السعودية في المفاوضات التي استضافتها العاصمة الصينية، بكين، من 6 إلى 10 مارس، والتي انتهت بالإعلان عن اتفاق استئناف الحوار بين البلدين، دار التساؤل عمن يدير السياسة الخارجية لإيران.

وناقشت صحيفة آرمان ملي، اليوم السبت 18 مارس الحالي، أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، تواجه حرجًا بسبب غياب وزير خارجيتها عن هذا الاتفاق، خاصة أن شمخاني قد واصل زياراته للإمارات، وبعدها يعتزم زيارة العراق، ما يدل على توليه دورًا إقليميًّا هو من مهام وزارة الخارجية.

رغبة خامنئي

رأت الصحيفة الإيرانية أن الأمر يرجع إلى رغبة من جانب النظام الحاكم المتمثل في المرشد الأعلى، علي خامنئي، وأنه هو من اتخذ قرار المصالحة مع السعودية.

170254988

وقد رد وزير الإيراني في تغريدة، أمس الجمعة، بأن زيارة شمخاني، للإمارات والعراق تجري في إطار العلاقات الأمنية السائدة وسياسات النظام، وتحت إشراف رئيس الجمهورية، ويرافقه ممثل وزارة الخارجية في زیارته، وأنه لا یوجد خلاف.

إعلام إيراني: على أكبري قدّم لبريطانيا معلومات سرية عسكرية

استقالة مقررة

حسب تقرير الصحيفة الإصلاحية، فإنه كان من المقرر إقالة علي شمخاني من منصبه، كأمين مجلس الأمن القومي، وذلك بعد ضغوط من جانب المتشددين، على الرئيس الإيراني في ضوء اعتقال وإعدام “الجاسوس الخارق” علي رضا أكبري، بتهمة التجسس لصالح بريطانيا.

وإضافة إلى قضية الجاسوس الخارق، تبرز اتهامات موجهة إلى شمخاني بعدم تأديته واجبه بكفاءة في المجال الأمني في إيران، كما أن أكبري كان من الشخصيات المقربة من شمخاني.

وينتمي شمخاني إلى الأقلية العربية الإيرانية، وهو من كبار قادة الحرس الثوري المقربين من الإصلاحيين، وقد تولى منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، ووزارة الحرس في حكومة مير حسين موسوي، عندما كان المرشد نفسه رئيسًا للجمهورية.

5881487281370efc3c87c3bd0b17e041cc5ad235 441x432 1

تأييد رجال الدين

يبدو أن الاتفاق الإيراني مع السعودية بمثابة بداية للتغيير في السياسة الخارجية لإيران، بما يمهد للعودة إلى الاتفاق النووي والحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن منابر رجال الدين التي تمثل خطاب نظام ولاية الفقيه الرسمي، قد أبدت تأييدها لهذا الاتفاق.

وحسب تقرير صحيفة آرمان ملي الإصلاحية، قال إمام جمعة مدينة قم المقدسة، هاشم حسيني بوشهري، إن بلاده مصممة على المصالحة مع الجيران، وأضاف أن بلاده لا مشكلة لديها في إقامة علاقات مع أمريكا، إذا اتخذت مسارًا “عقلانيًّا” مع طهران.

إيران تستثني إسرائيل

استثنى بوشهري تل أبيب من انفتاح إيران خارجيًّا فقال: “لدينا استثناء واحد هو إسرائيل”. وقال إمام جمعة مدينة قم المقدسة: “إذا كان العمل جيدًا فلا يهم إذا كان مبكرًا أو متأخرًا، يجب أن نكون معًا لتحقيق هذا التقارب مع الجيران”، مطلقًا إشارة ضمنية إلى الأطراف الداخلية.

170238410

وبدت تعليقات بوشهري كمحاولة لتهدئة الردود السياسية داخل إيران، بعد عودة مجلس الأمن القومي إلى واجهة الحراك الدبلوماسي، في وقت تصر فيه حكومة رئيسي على سياسة أولوية دول الجوار.

ودافع بوشهري عن توجهات الحكومة، قائلًا: “على المحافظين والإصلاحيين وجميع السياسيين أن يدعموا ما يخدم الأوضاع الحالية وأمن البلاد، لأن مشكلات الناس ليست مزحة، والوقت الآن ليس مناسبًا لتصفية الحسابات السياسية”.

230672 290

النووي في يد الأمن القومي

يعزز ظهور شمخاني احتمال إعادة صلاحيات التفاوض حول الملف النووي من وزارة الخارجية إلى مجلس الأمن القومي الذي يتخذ القرار النهائي حول الملف النووي، وهو خاضع لصلاحيات المرشد الأعلى.

وقد جاء ظهور شمخاني في المناسبات الدبلوماسية الإيرانية، بعدما ترددت معلومات عن احتمال تغيير وشيك في تركيبة فريق المفاوضين النوويين الإيرانيين، خصوصًا إبعاد كبير المفاوضين علي باقري كني.

وحسب تقرير لوكالة إرنا، 17 مارس، فإن “حل التوتر المستمر منذ 7 سنوات مع السعودية هو مفتاح إنهاء العديد من التوترات والبدء في إزالة سوء التفاهم مع دول أخرى في المنطقة”. وأضاف التقرير أن “شمخاني مسؤول عن استقرار دبلوماسية الأولوية لدول الجوار”.

تقرير ارنا

تحديات شمخاني الجديدة

حددت الوكالة عددًا من الأهداف لمهمة شمخاني الجديدة، وفي شرح الهدف الأول قالت إن “سياسة الحكومة في الدبلوماسية عدم التأخير في هذا المجال، ومثل ما قال الرئيس فإن المصالح الوطنية ستجري متابعتها في أي منطقة تتطلب ذلك، والأبواب في فيينا وبروكسل ونيويورك لن تبقى مغلقة”.

وأما الهدف الثاني فقد تحدثت الوكالة عن إمكانية “تحقيق السلوك العقلاني مع دول المنطقة، خصوصًا السعودية، عن طريق إزالة المتغيرات الدخيلة في العلاقات، وإعادتها مرة أخرى إلى مستوى المنطق وحسن والجوار وضمان المصالح الوطنية”.

ربما يعجبك أيضا