تحت مظلة «الجنائية الدولية».. ما الدول التي يمكنها اعتقال الرئيس الروسي؟

عمر رأفت
بوتين

منذ أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرنية، قبل أكثر من عام، والعقوبات الغربية والأمريكية تتوالى على موسكو، حتى طالت رأس السلطة هناك، فما مصير بوتين بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بشأنه مذكرة توقيف؟


ما إن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحث كثيرون عن الدول التي يمكنها اعتقاله.

وألقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نظرة فاحصة على المحكمة الدولية، وأمر التوقيف، وما يعنيه ذلك لبوتين، خصوصًا أن معظم الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية والجنوبية، باستثناء أمريكا، وقعت على الاتفاقية التي بموجبها يمكن اعتقال الرئيس الروسي.

اختطاف وترحيل الأطفال الأوكرانيين

أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المحكمة الدولية أصدرت أمر التوقيف لاتهامها بوتين بتحمل المسؤولية الجنائية عن اختطاف وترحيل الأطفال الأوكرانيين منذ بدء الحرب الأوكرانية في فبراير العام الماضي 2023.

وأصدرت المحكمة أيضًا مذكرة توقيف بحق بيلوفا، التي كانت المسؤولة الرئيسة لبرنامج يرعاه الكرملين، بموجبه جرى نقل الأطفال والمراهقين الأوكرانيين إلى روسيا.

وأبرزت نيويورك تايمز بيان المحكمة، التي قالت فيه إنه توجد أسباب منطقية لتوجيه مذكرة التوقيف، منها التهم المتمثلة في الترحيل ونقل السكان على نحو غير قانوني من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا.

بوتين

بوتين

منع ارتكاب جرائم الحرب

كانت الصحيفة الأمريكية قد أجرت تحقيقًا نُشر في أكتوبر الماضي، أفاد أن الكثير من الأطفال الأوكرانيين نُقلوا في إطار جهود إعادة التوطين الممنهجة التي تبذلها روسيا، ووصف الأطفال تلك العملية بأنها جاءت بالإكراه والقوة، وقالت روسيا إن تلك العمليات هدفها إنساني.

وقال محامون مطلعون على القضية مؤخرًا، في تصريحات أبرزتها نيويورك تايمز، إنهم يتوقعون من المدعين المضي قدمًا في مذكرة التوقيف، نظرًا إلى قوة الأدلة الموجودة، في حين أكدت المحكمة في بيان، أن أمر التوقيف قد يسهم في منع ارتكاب المزيد من جرائم الحرب.

وشددت نيويورك تايمز على أن جماعات حقوق الإنسان أشادت بالمذكرة، بوصفها خطوة مهمة نحو إنهاء جرائم الحرب في أوكرانيا، ولكن احتمال المحاكمة في أثناء بقاء بوتين بالسلطة يبدو ضعيفًا، لأن المحكمة لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابيًّا.

بوتين

بوتين

عزلة بوتين

قالت الصحيفة الأمريكية إنه سرعان ما رفضت وزارة الخارجية الروسية مذكرة التوقيف، مشيرة إلى أنها ليست طرفًا في المحكمة، ومع ذلك فإن المذكرة تعمق عزلة بوتين، ويمكن أن تحد من تحركاته في الخارج، وإذا سافر إلى دولة طرف في محكمة العدل الدولية، يجب أن تعتقله تلك الدولة، وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

اقرأ أيضًا: بوتين يوقع قانونًا بشأن إسقاط الجنسية الأوكرانية

وقال السفير السابق المتجول الذي يترأس مكتب العدالة الجنائية العالمية في وزارة الخارجية الأمريكية، ستيفن راب، في تصريحات أبرزتها نيويورك تايمز، إن تلك المذكرة تجعل بوتين منبوذًا، وفي حالة سفره فانه يضع نفسه في خطر الاعتقال.

ومنذ بداية الحرب الأوكرانية، سافر بوتين إلى ثماني دول فقط، سبعة منها كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق، وكانت إيران الوجهة الوحيدة للرئيس الروسي التي كانت مختلفة عن دول الاتحاد السوفيتي السابق، والتي زارها في يوليو الماضي، للقاء المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي.

بوتين

بوتين: روسيا بحاجة لوجود مخزونات من الأدوية للحد من نقصها

هل يمكن اعتقال بوتين؟

زار بوتين طهران، لأنها أحد داعمي روسيا بقوة في جهودها الحربية، من خلال توفير طائرات مسيرة إيرانية الصنع وغيرها من المعدات الحربية التي تستخدمها في حربها ضد أوكرانيا، ولن تمثل أي زيارة أخرى لطهران خطرًا على الرئيس الروسي.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المحكمة لا تملك سلطة اعتقال رؤساء الدول أو تقديمهم للمحاكمة، وبدلًا من ذلك تعتمد على القادة والحكومات الأخرى للعمل كممثلين لها في جميع أنحاء العالم، واعتقال الشخصيات المدانين. ويمكن توقيف بوتين في الدول التي باللون الأخضر فقط.

May be an image of map and text that says 'International Criminal Court Rome Statute of the International Criminal Court Parties and signatories of the Statute State party Signatory that has not ratified State party that subsequently withdrew its membership Signatory that subsequently withdrew its signature Non-party, non-signatory'

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، “بي بي سي” إن أول مذكرة توقيف كانت في عام 1945، وتحديدًا في نورمبرج الألمانية، لمحاكمة قيادات ألمانيا النازية على الهولوكوست وجرائم بشعة أخرى، ومن بينهم نائب الزعيم النازي أدولف هتلر، رودولف هيس، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة وانتحر عام 1987.

بوتين

بوتين

ما المحكمة الجنائية الدولية؟

جرى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية قبل عقدين من الزمن كهيئة دائمة للتحقيق في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، بموجب معاهدة 1998 المعروفة باسم نظام روما الأساسي.

ويقع مقر المحكمة في لاهاي الهولندية، وانضمت إليها العديد من الديمقراطيات، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة، وعلى رأسهم بريطانيا، ولكن، حسب ما ذكرت نيويورك تايمز، لا تدعم واشنطن المحكمة دعمًا كاملًا، خوفًا من محاكمة مسؤولين أمريكيين يومًا ما.

ماذا يعني ذلك للحرب في أوكرانيا؟

يُنظر إلى مذكرة التوقيف على أنها إشارة من المجتمع الدولي، إلى أن ما يحدث في أوكرانيا يخالف القانون الدولي. ولا ترجح الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن يكون لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية أي أثر في الصراع في أوكرانيا، وعليه تستمر “العملية العسكرية الخاصة” للرئيس بوتين بلا هوادة.

ربما يعجبك أيضا