20 عامًا على غزو العراق.. تدخلات إيرانية ونزاعات طائفية مستمرة

أسماء حمدي

تسبب غزو العراق من التحالف الذي قادته الولايات المتحدة، في زعزعة استقرار لا يزال واضحًا حتى اليوم، في أركان الدولة العربية الأصيلة، بل وفي خارجها أيضًا، وتبع ذلك صراعٌ طويلٌ ضد التمرد واستقطاب سياسي لا يزال قائمًا حتى الآن.


في 20 مارس 2003، هاجمت أمريكا العراق للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين من السلطة، وسرعان ما تحقق الهدف.

وعقب سقوط نظام صدام حسين، وحتى الآن، دخل العراق دوامة من العنف. ومنذ ذلك الحين، أصبحت بغداد مسرحًا للصراعات بين الفصائل المتناحرة، وميدانًا للنزاعات والتدخلات الإيرانية ومحاولاتها للهيمنة، في ظل خلافاتها مع الولايات المتحدة.

دوامة من العنف

كانت أسلحة الدمار الشامل هي الحجة التي استخدمتها واشنطن لتبرير غزوها العراق، ولكنها لم تعثر عليها ولم تحقق هدفها الذي حددته ظاهريًّا، ما فعلته هو أنها أسقطت نظام صدام حسين بداعي تحقيق الديمقراطية في البلاد التي حكمها منذ 1979.

وكان الغزو بمثابة الخطوة الأولى التي تلتها سلسلة من الأحداث التي أسفرت عن دوامة من العنف، خلفت مئات الآلاف من القتلى في السنوات التالية، بالإضافة إلى الحرب الطائفية في البلاد بعد الهجوم الدامي 2006 ضد المرقد الشيعي في سامراء، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

معارك ضارية

بين عام 2003 وحتى عام 2011، وهي السنوات التي قضتها الولايات المتحدة في العراق، شهدت البلاد مقتل أكثر من 100 ألف مدني، و4500 من القوات الأمريكية، وفق منظمة ضحايا حرب العراق، نقلًا عن وكالة أنباء رويترز.

وبعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق في العام 2014، عانت البلاد كثيرًا حتى إعلان دحر التنظيم في 2017، بعد معارك ضارية للقوات العراقية ودعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

انتهاكات

خلال العقدين الماضيين، أفرزت أحداث العنف تغييرًا عميقًا في المجتمع العراقي الذي يتميز بتنوعه العرقي والمذهبي الكبير، إذ تراجعت أعداد المسيحيين بسبب تعرض هذه الأقلية لهجمات خلال الحرب الطائفية، وانتهاكات على أيدي تنظيم داعش.

وأما الأيزيديون، وهي أقلية يعود تاريخها إلى عدة قرون، ويعتنقون ديانة توحيدية باطنية، فقد كانوا ضحايا جرائم ارتكبها داعش وصنفها محققون في الأمم المتحدة على أنها إبادة جماعية.

دروس من غزو العراق

يقول الكاتب جوناثان فريدلاند، في تقرير له نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، إنه يوجد درسان رئيسيان لنتائج الغزو الأمريكي للعراق، محذرًا من أن الحلفاء قد يجرونك إلى حرب.

ويشير فريدلاند، في تقريره إلى أن الدرس الأول هو عدم إلحاق الضرر أو الأذى، لافتًا إلى أن الحجج التي قدمها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، للحرب متعددة.

وكان المبدأ الأساسي للتدخل العسكري هو أن هذا كان لصالح الشعب العراقي نفسه، الذي سيجري تحريره من قبضة طاغية وحشي، وجرت الإطاحة بصدام حسين بالفعل، ولكن بتكلفة باهظة، أي بنحو 300 ألف شخص، معظمهم من المدنيين العراقيين، إذ إن الغزو خلق فراغًا مُلئ بالرعب وسفك الدماء، بحسب الكاتب.

مبالغة وتضخيم

أما الدرس الثاني، فيقول الكاتب إنه عندما يتعلق بالاستخبارات السرية، كن متشككًا، فعند طرح قضية الحرب، ركز بلير كثيرًا على المعلومات الاستخباراتية التي رآها، وكما قال أثبتت دون أدنى شك، أن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل.

ولكن اتضح أنه خاطئ تمامًا، ولم تكن توجد أسلحة دمار شامل، وخلص تحقيق تشيلكوت عن غزو العراق إلى أن رئيس الوزراء آنذاك قد بالغ عمدًا في تضخيم التهديد، وهذه الحقيقة وحدها تكفي لإدانة بلير في عيون التاريخ.

حماقة متعجرفة

ذكر الكاتب أن أحد الدروس المستفادة من غزو العراق هو أنه حتى أقرب الحلفاء يجب أن لا يقدموا دعمًا شاملًا لبعضهم وبعض، إذ إن بلير برر أفعاله بالقول إن لندن كانت أقوى حليف لواشنطن، ولهذا انقادت للمشاركة في غزو العراق.

وبعد 20 عامًا على الغزو، أصبح من المعترف به أن الغزو أخفق إخفاقًا كبيرًا، وكان حماقة متعجرفة تستند إلى معلومات استخبارية كاذبة، كما تستمر تداعيات الغزو على مر السنين، ما أدى إلى زيادة قدرة القادة الاستبداديين في أماكن أخرى من العالم على التصدي لمناشدات شعوبهم من أجل الديمقراطية.

ربما يعجبك أيضا