للمرة الأولى.. مواجهة عسكرية بين الهند والصين بمشاركة أمريكية

آية سيد
كيف ساعدت الولايات المتحدة الهند في صد التوغل الصيني في المناطق الحدودية؟

كشف تقرير عن أن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخباراتية مع الهند بشأن مواقع قوات صينية وحجمها قبل اشتباك حدودي بين الدولتين الآسيويتين.


كشف تقرير صحفي عن كيف ساهمت الولايات المتحدة في تصدي الهند لتوغل للجيش الصيني في منطقة حدودية متنازع عليها.

وذكرت شبكة “يو إس نيوز” الأمريكية، أمس الاثنين 20 مارس 2023، أن الجيش الأمريكي شارك معلومات استخباراتية مع نظيره الهندي، ساعدته على مباغتة قوات الصين، ما أغضب بكين ودفعها لإعادة التفكير في نهجها للاستيلاء على الأراضي الحدودية.

معلومات غير مسبوقة

نقلت الشبكة في تقرير، عن مصدر وصفته بالمطلع على مراجعة استخباراتية أمريكية غير معلنة، تخص المواجهة التي وقعت في قطاع تاوانج بولاية أروناتشال براديش، في ديسمبر الماضي، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قدمت للمرة الأولى معلومات في الزمن الفعلي للهنود، بشأن المواقع الصينية وحجم القوات، قبل حدوث التوغل.

وتضمنت هذه المعلومات صور أقمار صناعية، وكانت أكثر تفصيلًا وأسرع في الوصول من أي شيء شاركته الولايات المتحدة سابقًا مع الجيش الهندي، حسب التقرير. وقال المصدر إن هذه المعلومات أحدثت فرقًا، ولم تسفر المواجهة عن وفيات، لأن القوات الهندية كانت مستعدة.

ورفض منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، الإقرار بما ورد في تقرير “يو إس نيوز”، ردًّا على سؤال لأحد المراسلين خلال مؤتمر صحفي اعتيادي، أمس الاثنين.

كيف ساعدت الولايات المتحدة الهند في صد التوغل الصيني في المناطق الحدودية؟

قافلة شاحنات تابعة للجيش الهندي في الطريق إلى تاوانج

مرحلة اختبار صينية

قال المسؤول السابق عن القضايا الإقليمية في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فيكرام سينج، إن الجيش الصيني في “مرحلة استكشاف واختبار” لمعرفة كيف سيرد الهنود وما يمكنهم رصده، موضحًا أن الأمر يتعلق بـ”استعداد الصين لصراع مستقبلي”، حسب ما نقلت الصحيفة الأمريكية في تقريرها.

وقال المصدر المطلع على المسألة إن الحكومة الأمريكية كانت مدركة تمامًا، قبل أسابيع من المواجهة، أن الصين تجري تدريبات اختبار في المنطقة، لمعرفة إذا كانت ستتمكن من الاستيلاء على موطئ قدم جديد في الممرات الجبلية النائية، أو في أي أراضي تطالب بها البلدان.

 

اقرأ أيضًا: اشتباكات حدودية بين الهند والصين.. هل يتكرر سيناريو الستينات؟

عصر جديد للتعاون الأمريكي الهندي

وفق التقرير، خطط المئات من قوات جيش التحرير الشعبي الصيني، لرؤية إذا كانوا يستطيعون التقدم والبقاء في المنطقة الحدودية، التي لم يجر ترسيمها رسميًّا، كما حدث في السابق. ولكن القوات الهندية استطاعت هذه المرة تحديد المواقع الصينية باستخدام المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، واعترضتها.

وشدد عدة محللين ومسؤولين حاليين وسابقين على أن تفاصيل المواجهة الأخيرة والدور الأمريكي، الذي شمل دعمًا غير مسبوق للهند، هو نتاج عصر جديد من التعاون بين القوتين، إدراكًا لطموحاتهما المشتركة بصد التوسع الصيني.

وذكر تقرير “يو إس نيوز” أن أساس الترتيب الجديد لمشاركة المعلومات الاستخباراتية ينبثق من اتفاقية وقعتها الحكومتان الأمريكية والهندية في 2020، المعروفة باتفاقية التبادل والتعاون الأساسية. وكانت هذه رابع اتفاقية تؤمن مستويات جديدة من اندماج الولايات المتحدة والهند في تبادل المعلومات العسكرية واللوجيستية والأمنية.

تدريبات استفزازية

أشار تقييم استخباراتي أمريكي منفصل إلى أن الصينيين أولوا اهتمامًا خاصًا لأنشطة عسكرية أمريكية في منطقة أخرى، قبل أسابيع من وقوع الاشتباكات. وحسب “يو إس نيوز”، جميعها كانت جزءًا من تدريبات غير مسبوقة استضافها الجيش الهندي مع الفرقة 11 المحمولة جوًا الأمريكية، المتمركزة في ألاسكا والمسؤولة عن العمليات في منطقة الباسيفيك.

كيف ساعدت الولايات المتحدة الهند في صد التوغل الصيني في المناطق الحدودية؟

تدريبات عسكرية مشتركة بين الجيشين الأمريكي والهندي

وبعيدًا عن التدريبات نفسها، التي تراها الصين استفزازية، أجرى الأمريكيون احتفالية ترقية لـ4 ضباط في الفرقة تحت جبل ناندا ديفي، ثاني أعلى جبل في الهند، والذي يحمل أهمية ثقافية كبيرة للمجتمعات المحيطة، وكذلك أقامت حفلًا موسيقيًا في إحدى القواعد مع نظرائهم المحليين.

ورأى مسؤولون حاليون وسابقون أن هذه الفعاليات كانت متعمدة لإثارة غضب الصين. وفي هذا الشأن، قال سينج: “لقد بدت أنها متعمدة لإزعاج الصينيين. كانت من الأشياء التي سيتعبرها الصينيون إشارة أو رسالة، وسيرغبون في الرد عليها”.

تعاون متنامٍ

قال الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية، أنس القصاص، إن التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والهند آخذ في التنامي، في إطار استراتيجية الهندوباسيفيك، التي تُعد نيودلهي مكونًا رئيسًا فيها بالنسبة لأمن المنطقة.

وأضاف، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، أن أكبر ثمار هذا التعاون هو إنشاء مجموعة الحوار الأمني الرباعي (كواد)، التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند.

التعاون الاستخباراتي

أوضح القصاص أن “التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة والهند آخذ في التطور منذ أواخر الثمانينات، مع قرب انهيار الاتحاد السوفييتي، الذي كان شريكًا عسكريًّا أساسيًّا للهند. ثم في التسعينات ومع دخول الألفية الجديدة، توسع التعاون العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة والهند”.

ولفت الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية إلى وجود مشكلات كبيرة بين واشنطن ونيودلهي في ما يتعلق بالتسلح الهندي، لكن على الصعيد الاستخباراتي، تعد الهند شريكًا أساسيًّا للولايات المتحدة، على حد وصفه.

دور محوري

قال القصاص إنه بناءً على هذه الأرضية من التعاون، “يتوسع دور الهند في العملية الأمنية في الباسيفيك، وسمح بتوسيع النشاط الأمريكي في المحيط الهندي، في الجزر التي تسيطر عليها الهند، مثل أرخبيل نيكوبار القريب من مضيق ملقا”.

وأوضح القصاص لشبكة رؤية الإخبارية، أن “الوضع الحالي من التعاون في ازدياد ويشهد قوة أكبر، خصوصًا مع تصاعد الصراع الأمريكي الصيني في المنطقة”. وقال: “في نهاية المطاف، الهند حليف للولايات المتحدة وصاحبة أكبر ديمقراطية في آسيا، وأي مواجهة لها مع الصين ستكون مدعومة من الولايات المتحدة”.

ربما يعجبك أيضا