بعد 20 عامًا.. من دفع ثمن الغزو الأمريكي للعراق بالشرق الأوسط؟

آية سيد
بعد 20 عامًا.. تداعيات غزو العراق لا تزال تعصف بالشرق الأوسط

بعد مرور 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق، لا تزال المنطقة تعاني من تداعياته الكارثية.


يزامن هذا الشهر مرور 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق، الذي أطلق العنان لسلسلة من الكوارث في العراق والشرق الأوسط، والعالم أجمع.

وأوضحت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس، لينا الخطيب، أن أبرز النتائج الكارثية التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، تتمثل في الفساد المنهجي داخل الدولة العراقية، والتأثير المدمر للحرب في سوريا، والصعود الإقليمي لإيران.

انتشار الفساد

في مقال بموقع وورلد بوليتيكس ريفيو الأمريكي، قالت الخطيب إن أحد الأهداف المعلنة للحرب هي جلب الديمقراطية إلى العراق. وبعد 20 عامًا، أصبح العراق ديمقراطيًا بمعنى أنه يجري انتخابات، لكنه ليس ديمقراطية ليبرالية.

وتشير الباحثة اللبنانية إلى أن الفساد المنهجي يعصف بمؤسسات الدولة، التي جرى تعيينها بعد الغزو الأمريكي، والسلطات الحكومية ليست متجاوبة بنحو ملائم مع احتياجات الشعب، الذي يعاني نقص الكهرباء، والفساد، والدواء غير الصالح للاستهلاك، من ضمن مشكلات أخرى.

الأزمة السورية

تسببت الكوارث الناتجة عن غزو العراق في تأكيد شكوك الكثيرين في الغرب بشأن صلاحية تغيير النظام عبر الوسائل العسكرية. لكن وفق الخطيب، دفعت سوريا الثمن الأكبر. فبعد اندلاع احتجاجات في 2011 ضد نظام الرئيس بشار الأسد، استخدمت قوات الأمن القوة لقمع المحتجين، ما حوّل الاحتجاجات السلمية إلى تمرد مسلح.

وعلى الرغم من أن التدخل العسكري الغربي بدا مرجحًا في 2012، بعد أن تجاوز النظام السوري الخط الأحمر، الذي حدده الرئيس الأمريكي حينذاك، باراك أوباما، بشأن مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية، نظر صناع السياسة الغربيون للتدخل العسكري في سوريا من منظور التدخل الفاشل في العراق، ما أثنى أوباما عن فكرة التدخل.

اقرأ أيضًا: 20 عامًا على غزو العراق.. تدخلات إيرانية ونزاعات طائفية مستمرة

صعود الجماعات الإرهابية

تلفت الخطيب إلى أن غزو العراق كان مرتبطًا بالحرب في سوريا، بطرق لم يفكر فيها صناع السياسة الغربيون. لأن نظام الأسد أطلق سراح عملاء تنظيم القاعدة، الذين حاربوا في العراق، من سجن صيدنايا في 2011، كي يُظهر للعالم أنه لم يكن يسحق المعارضة، بل كان يحارب إرهابيين.

وفي العام التالي، شكل هؤلاء الإرهابيون جماعات جديدة، أبرزها جبهة النصرة، التي بايعت تنظيم القاعدة. وبعد عامين، أعاد فرع تنظيم القاعدة في العراق تسمية نفسه بـ”تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا” (داعش)، وسرعان ما أصبح ينافس جبهة النصرة في سوريا، وتنظيم القاعدة نفسه، معلنًا عن إحياء “دولة الخلافة” في العراق وسوريا، حسب الباحثة اللبنانية.

أزمة المهاجرين

استطاع تنظيم داعش جذب أشخاص من أكثر من 85 جنسية مختلفة للسفر إلى العراق وسوريا والانضمام إلى صفوفه، في حين نفذ آخرون هجمات إرهابية باسم التنظيم في بلادهم، وفق الباحثة اللبنانية.

ولفتت الخطيب إلى أنه بحلول 2015، بدأ اللاجئون السوريون الهاربون من داعش في إيجاد طريقهم إلى أوروبا، ما أسهم في ما أطلقت عليه الأحزاب اليمينية الأوروبية “أزمة المهاجرين”.

وعلى الرغم من أن داعش هُزم عسكريًا إلى حد كبير، قالت الخطيب إنه لا يزال لديه آلاف المقاتلين في سوريا والعراق ويواصل رعاية فروع تابعة له في مناطق من إفريقيا.

الرابح الأكبر

أشارت الخطيب إلى أن إيران كانت الرابح الرئيس من غزو العراق. فبعد إسقاط نظام صدام حسين، عاد مجتمع الشيعة العراقي إلى تولي مقاليد السلطة. وقدم فرصة للميليشيات الشيعية، المدعومة إيرانيًّا لبسط النفوذ، حتى أصبحت الفصائل العسكرية والسياسية الأكثر هيمنة في العراق.

وقالت إن الميليشيات المدعومة إيرانيًا تستمد بعض شرعيتها من مساهمتها في الهزيمة العسكرية لداعش في الفترة من 2015 حتى 2017. موضحة أنه في تلك المعركة، جرى منحها طابع مؤسسي رسمي كجزء من قوات الأمن العراقية، ما جعلها تستفيد من تركيز الغرب على محاربة داعش، بدلًا من معالجة قضايا الفساد أو الدور الإقليمي لإيران.

واليوم، تحظى هذه المليشيات بتمثيل في البرلمان والحكومة، وتفرض السيطرة خارج المؤسسات الحكومية عبر وسائل غير رسمية، مثل العنف.

اقرأ أيضًا: 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق.. كيف استغلت إيران «الخطيئة الأصلية»؟

ربما يعجبك أيضا