اعتن بنفسك صديقي العزيز.. وصية الرئيس الصيني إلى بوتين

محمد النحاس

ما أبرز مخرجات القمة الثنائية بين الصين وروسيا؟ وإلى أين تمضي العلاقات بين زعيميهما؟


استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الزعيم الصيني شي جين بينج، في زيارته الأخيرة لموسكو التي استمرت ثلاثة أيام.

وتأتي الزيارة في ظل عزلة دولية، يسعى الغرب بها لتشديد الخناق على موسكو، كما تأتي بعد أيام من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد بوتين، فما أبرز مخرجات القمة؟ وهل تعزز التعاون الثنائي؟ أم تفرض هيمنة صينية على موسكو؟

بيان حول الحرب في أوكرانيا

في بيانٍ صيني روسي مشترك، بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، شدد الجانبان على أبرز النقاط الواردة في وثيقة السلام الصينية، غير أن البيان لم يشر إلى “الحفاظ على وحدة الأراضي واستقلالها”.

ووفقًا لما نقلت وكالة أنباء رويترز في تقرير لها، اليوم الأربعاء 22 مارس 2023، أدان البيان أيضًا العقوبات المفروضة على روسيا، وحذر من مواجهة بين حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وروسيا، ومحاولات الغرب استهداف روسيا.

بوتين وشي جين بينجوتعرف روسيا أن أوكرانيا لن توافق على أي خطط سلام، تتضمن التنازل عن أراضيها، لذلك ووفقًا لرويترز، يدعم بوتين الوثيقة الصينية، وهو يعلم أنها لن توصل إلى أي شيء.

فرصة لبوتين؟

ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن خطة السلام الصينية، تدعم بوتين، وتعطيه الفرصة لإعادة تنظيم صفوفه، وطرحت بكين الوثيقة ذات الـ12 بندًا للمرة الأولى في ذكرى الحرب السنوية الأولى هذا العام.

ويخلص تقرير وكالة أنباء رويترز إلى أن لغة القمة تناسب أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتمكنه من مواصلة القتال، في حين تسمح له بالقول إنه منفتح على السلام.

تأسيس لحقبة جديدة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان قد شدد على أن الجانبين خلال القمة، قد وقعا اتفاقًا يُدشن لـ”حقبة جديدة من العلاقات الثنائية”، في حين قال شي جين بينج، إن تعزيز علاقات بكين وموسكو “خيار استراتيجي”، لن تتنازل عنه الصين، وفقًا للإذاعة الأمريكية “إن بي آر”.

بوتين
وبحسب بوتين، ستدعم روسيا في تجارتها مع إفريقيا، استخدام اليوان الصيني، ويشدد على أن الشركات الصينية ستحل محل نظيرتها الغربية، التي سارعت لمغادرة موسكو بعد بدء الحرب. وكان الجانبان قد وقعا قبل الحرب بأيام اتفاقية “شراكة بلا حدود”.

علاقة غير متكافئة؟

في مقابل التصور الروسي- الصيني، تشير الزيارة، وفق رويترز، إلى “علاقة غير متكافئة”، بين موسكو وبكين، تميل فيها كفة القوة لصالح الصين، التي استفادت كثيرًا من انخفاض أسعار الطاقة الروسية، ما يجعل الموقف كالآتي “مكاسب قصيرة الأجل للكرملين، في مقابل استفادة صينية بعيدة المدى”.

وفي الوقت الحالي تعتمد روسيا على نحو متزايد على الصين، وتستولي الصين على ما يقرب من ثلث إجمالي الصادرات الروسية، وفقًا لموقع إذاعة راديو “إن بي آر”، وفي تغريدة له على تويتر، يرى خبير شؤون الروسية في مركز تحليل السياسة الأوروبية، سام جرين، أن الصين باتت “تسيطر على روسيا سيطرة تامة، وأن الكرملين أصبح رهنًا لرغبات بكين”.

ماذا عن الغاز؟

توصلت القمة الثنائية إلى 14 اتفاقية اقتصادية، بدايةً من توريد فول الصويا، وحتى التعاون في مجالات دقيقة مثل الطاقة الذرية، ولكن لم يتفق الجانبان على صفقة خط غاز “باور أوف سيبيريا 2” لضخ 50 مليار مكعب من الغاز للصين عبر منغوليا، والذي تتوق روسيا لإنشائه لتعويضها عن فقدان السوق الأوروبية التي كانت تمثل، وفق رويترز 80% من صادراتها.

أنابيب الغاز السيل الشمالي1
وتتمحور نقاط الخلاف حول من سيشيد خط الطاقة، وكيفية تسعير الغاز، ولذلك لم يتفق الجانبان بعد، ويشير تقرير رويترز إلى أن بكين لديها شروط “مواتية” ونفوذ قوي لتحقيق صفقة بسعر مناسب، في حين ينتظر الروس التوصل إلى الاتفاق.

نظام دولي متعدد الأقطاب

يبدو أن أكثر ما يجمع الجانبين، هو العمل على تأليف “نظام عالمي متعدد الأقطاب”، وقد شدد البيان المشترك على ضرورة المضي قدمًا تجاه تحقيق هذا الهدف، وقد أدانا كذلك “دور واشنطن في زعزعة الاستقرار الدولي والإقليمي”.

وفي مقطع فيديو، يظهر شي وهو يغادر موسكو، قائلًا لبوتين: “في الوقت الحالي، توجد تغييرات، لم نشهد مثلها منذ 100 عام، ونحن من نقود هذه التغييرات معًا”. ثم صافح الرئيس الصيني نظيره الروسي، وأوصاه قائلًا “من فضلك، اعتن بنفسك يا صديقي العزيز”، ورد بوتين “أتمنى لك رحلة آمنة”.

بوتين وشي جين بينج

أوكوس الأمنية

منتقدين اتفاقية أوكوس الأمنية بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، اتفقا على تعزيز التعاون العسكري بالباسفيك. وبالفعل حملت الأشهر الأخيرة زيادة لمعدل المناورات البحرية المشتركة، والتي كثّف الجانبان من وتيرتها، ومن تعداد القطع والعتاد المشارك بها، في رد على زيادة النشاط الأمريكي بالمنطقة.

وبحسب خبير العلاقات الدولية بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، ألكسندر كوروليف، فإن البيان المشترك أظهر “تقاربًا شاملًا في وجهات النظر الصينية والروسية حول رؤية العالم، ومقارباتهما تجاه العديد من القضايا الدولية”، مشيرًا إلى أنهما عدَّا الولايات المتحدة الأمريكية “تهديدًا أمنيًّا كبيرًا”، وفقًا لما نقلت شبكة سي إن إن الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا