علماء يحذرون من تجاهل المياه في التخطيط المناخي رغم المخاطر التي تهدد العالم

بسام عباس
التصحر والجفاف يهددان كوكب الأرض

يواجه مليارات الأشخاص نقصًا في المياه بحلول نهاية العقد مع زيادة تواتر وشدة الفيضانات والجفاف والأمراض المنقولة عن طريق المياه.


يتجاهل قادة العالم وضع المياه في التخطيط والتمويل المناخي، رغم أن نصف سكان العالم سيواجهون نقصًا مائيًّا حادًّا بحلول عام 2030.

ويدعو علماء البيئة إلى تركيز أقوى بكثير على المياه كقضية مناخية، محذرين من تجاهل المياه حتى في تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي أكثر التقييمات العلمية تحديدًا لمخاطر المناخ.

الحلقة المفقودة

أوضحت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، حذر من الإفراط في الاستهلاك والتلوث، لأنهما يستنزفان “شريان الحياة الثمين”، خاصة في ظل تغير المناخ الذي يتسبب في “تدمير” دورة المياه الطبيعية، في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، 22- 24 مارس في نيويورك.

ونقلت الصحيفة، في تقرير نشرته الجمعة 24 مارس 2023، عن مدير برنامج الأمم المتحدة الاستراتيجي للمياه والنظم البيئية، ستيفان أولينبروك، قوله إن الماء هو الحلقة المفقودة في جميع مفاوضات المناخ، ففي العام الماضي في مؤتمر COP27، احتفت منظمات الحفاظ على الماء بذكر المياه في بيانه الختامي.

الماء مناخ والمناخ ماء

يعتقد الدكتور راجندرا سينج، المعروف باسم رجل الماء في الهند لدوره في إحياء النظام البيئي في ولاية راجاستان الصحراوية من خلال إنشاء الآلاف من برك مياه الأمطار، أن الحفاظ على المياه، والتنوع المناخي البيئي الزراعي، لا يحظى بشعبية، لأنه ليس مربحًا.

وأضاف أنه حاول إدخال المياه إلى جدول أعمال الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في منتصف العقد الماضي، عندما كان رئيسًا لمجلس الإدارة، مشددًا على أن “الماء مناخ، والمناخ ماء”، لأنه في حالة عدم وجود رطوبة في التربة، لن توجد مساحات خضراء، وحينها سيحيط الكربون بالغلاف الجوي.

أزمات وجودية

حذرت وكالة البيئة البريطانية من أن الطلب على المياه سوف يفوق العرض خلال 20 عامًا ما لم تجر تغييرات، وقالت مجموعة الجفاف الوطنية إن المملكة المتحدة تمر بفترة حارة وجافة، بعيدًا عن ظروف الجفاف، في حين كانت مستويات الأنهار في أدنى مستوياتها المسجلة لشهر فبراير.

وتعتقد وزيرة البيئة الألمانية، شتيفي ليمكي، أن الحلول تكمن في الحفاظ على الأراضي الرطبة، وقالت إن تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث هي أزمات وجودية في عصرنا، لافتةً إلى أن الإدارة المستدامة لموارد المياه هي مفتاح حل هذه الأزمات.

زيادة الكوارث المائية

قالت الصحيفة البريطانية إن ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع كوارث العالم في الـ20 عامًا الماضية مرتبطة بالمياه، ووفقًا للأمم المتحدة، أثرت الفيضانات والجفاف في أكثر من 3 مليارات شخص، ما أسفر عن مقتل أكثر من 166 ألفًا وتكلفة 700 مليار دولار.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن الكوارث المرتبطة بالفيضانات زادت 134%، وزاد عدد حالات الجفاف ومدتها 29%، منذ عام 2000، ولقى نحو 43 ألف شخص في الصومال مقتلهم، بسبب الجفاف العام الماضي، في حين لا يزال عشرات الآلاف في خطر.

وقالت وزيرة المياه والصرف الصحي في مالاوي، عبيدة صديق ميا، للمندوبين في نيويورك، إن أكثر من 1000 شخص لقوا مقتلهم في بلادها، في حين تشرد نصف مليون شخص، منذ أن بدأ إعصار فريدي في تدمير جنوب إفريقيا الشهر الماضي.

أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر انتشارًا نتيجة الاحتباس الحراري

أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر انتشارًا نتيجة الاحتباس الحراري

الأراضي الرطبة في خطر

أفادت الصحيفة البريطانية أن الأراضي الرطبة والأراضي الخثية تفقد قدرتها في احتواء الكربون، إذا أصبحت مستنزفة أو ملوثة أو تالفة، رغم أنها الأكثر تنوعًا من الناحية البيولوجية من بين جميع النظم البيئية.

وأضافت الأراضي الرطبة والخثية مناطق خصبة لـ40% من الأنواع النباتية والحيوانية في العالم، إلا أنها تفقد أكثر من 85% من مساحتها على كوكب الأرض، وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة.

الأراضي الرطبة ذات أهمية حيوية لسلامة كوكب الأرض

الأراضي الرطبة ذات أهمية حيوية لسلامة كوكب الأرض

بريطانيا تفقد أراضيها الرطبة

ذكرت الصحيفة أن المملكة المتحدة فقدت 75% من أراضيها الرطبة في الـ300 عام الماضية، وفقًا لـمؤسسة ويلد فول و ويتلاندز ترست (Wildfowl and Wetlands Trust)، التي تضطلع بحملة لاستعادة وإنشاء 100 ألف هكتار في جميع أنحاء البلاد.

وقال رئيس السياسات في المؤسسة الخيرية، توم فيوينز، إن الأراضي الرطبة تحتفظ بمعظم المياه العذبة المتاحة لدينا، وتخزن كمية أكبر من الكربون مقارنة بالغابات، وتحسن جودة المياه عن طريق تصفية الملوثات بنحو طبيعي، وتساعد على حمايتنا من الفيضانات.

وأضاف أن الأراضي الرطبة في المملكة المتحدة تشهد تدهورًا خطيرًا، رغم كل هذه الفوائد، وكشفت أحدث الأبحاث أننا فقدنا أكثر من 75% من أراضينا الرطبة في آخر 300 عام، لافتًا إلى أن الفرصة ما زالت سانحة، فاستعادة وحماية الأنهار والأراضي الرطبة ستساعد المملكة المتحدة في مكافحة أزمات المناخ والطبيعة.

ربما يعجبك أيضا