تحليل| هل الصين بديل روسيا في آسيا الوسطى حقًّا؟

محمد النحاس

توجد نظرة سائدة تعتبر زيادة النفوذ الصيني في آسيا الوسطى بديلًا للدور الروسي في المنطقة.. هل هذا التصور صائب؟


كتب نائب رئيس التحرير في مجلة فورين بوليسي، جيمس بالمر، تحليلًا أفاد أن الصين قد تكون بالفعل شريكًا جذابًا لدول آسيا الوسطى.

لكن مع ذلك يرى بالمر في مقاله أن هذه المنطقة قريبة بالفعل من روسيا، على النقيض من النظرة السائدة التي تقرن تعزيز علاقات آسيا الوسطى والصين، بأن تنأى دول المنطقة بنفسها عن موسكو، مسلطًا الضوء على بعض التفاصيل المهمة في هذا السياق.

قمة آسيا الوسطى.. لماذا أخافت واشنطن؟

التقى الرئيس الصين شي جين بينج، يوم الخميس الماضي، قادة دول آسيا الوسطى في مدينة شيان الواقعة غربي الصين، ودار كثير من النقاش بين الدول المجتمعة حول التجارة، وفقًا للمقال المنشور أمس الأول الثلاثاء 23 مايو 2023.

لكن الرئيس الصيني شي جين بينج، تحدث كذلك عن مساعدة بلدان آسيا الوسطى في تحسين إنفاذ القانون، والأمن، والقدرات الدفاعية. ويرى كاتب المقال أن هذا الخطاب يأتي في سياق تركيز الصين على الأمن العالمي، الذي يبدو موجهًا بالأساس ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

ويشير المقال إلى أن هذه القمة أثارت مخاوف جمة في واشنطن تتعلق باندفاع صيني تجاه آسيا الوسطى، في حين أن روسيا غافلة عن المنطقة بفعل الحرب المحتدمة التي تخوضها في أوكرانيا. وكانت القمة الآسيوية تنعقد بالتزامن مع قمة دول مجموعة الـ7 في هيروشيما باليابان.

الصين بديلاً

يشير المقال إلى أنه على الرغم من بحث دول آسيا الوسطى عن شريك أمني موثوق مع غياب روسيا، لا تبحث هذه الدول عن شريكٍ معادٍ لروسيا، ولا تريد حماية ما ضد القوى العظمى، وكل ما تريده هو ضمان أمني لمواجهة أي تمرد داخلي محتمل، وكان هذا هو الغرض العسكري الرئيس لمنظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين.

اقرأ أيضًا| ندوة «رؤية»: كيف تؤثر تحولات آسيا الوسطى في رسم معالم النظام الدولي؟ (1-2)

وخلال اجتماعات قادة القمة، سلّط الزعيم الصيني الضوء على أن بلاده تدعم سيادة دول آسيا الوسطى. وحسب المقال، يأتي هذا لمعالجة الآثار المترتبة على تصريح سابق أدلى به السفير الصيني في فرنسا، لو شاي، حين شكك في شرعية الدول التي تشكلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

تراجع الدور الروسي

لطالما مثّلت روسيا ضمانًا رئيسًا للاستقرار المحلي في آسيا الوسطى، وهو ما ظهر حين أرسلت في يناير 2022 آلاف الجنود إلى كازاخستان، لإخماد انتفاضة اندلعت ضد الحكومة هناك. ويشير المقال إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كانت روسيا الشريك الأكثر جذابيةً من الصين.

اقرأ أيضًا| كيف تعيد الحرب الروسية الأوكرانية تشكيل خريطة النفوذ في آسيا الوسطى؟

لكن الحرب في أوكرانيا أسهمت في تغيير هذا التصور، خاصةً مع تراجع شعبية روسيا إثر الحرب، ما يجعل من الصعوبة بمكان وجود القوات الروسية في المنطقة، فضلًا عن الصعوبات المتعلقة بإمكانات تلبية احتياجات المنطقة مع تأزم الموقف في أوكرانيا، إلى جانب دعم شعب كازاخستان مثلًا لأوكرانيا بقوة، وإدلاء الحكومة الكازاخية بتصريحات داعمة لكييف، وفقًا للمقال.

ماذا تريد الصين؟

كل العوامل سالفة الذكر تجعل الصين بديلًا مثاليًّا، ومع ذلك لا تسعى بكين لإبعاد دول آسيا الوسطى عن موسكو، لكنها بدلًا من ذلك حريصة على إبعاد الولايات المتحدة، ودعم الحكومات الاستبدادية التي يسهل استمالتها أكثر من الديمقراطية، حسب مقال بالمر.

وتحرص بكين على إدخال الشركات الصينية إلى دول المنطقة، وتقدم نفسها كمعارض لـ”الثورات الملونة” التي تعتبرها مؤامرات أعدتها واشنطن، وهي رواية تؤمن بها نخب سياسية في آسيا الوسطى. وفي المقابل تواصل حكومات آسيا الوسطى خاصةً كازاخستان المجاورة للصين، دعمها للموقف الصيني في شينجاينج، وتعتبر إجراءات بكين في هذا الإقليم “إجراءات لمكافحة الإرهاب”.

وختامًا، يشير المقال إلى عدم صحة التصور السائد الذي يعتبر أن منطقة آسيا الوسطى تذهب إما تجاه الصين، وإما تجاه روسيا، ويقول : “لطالما اعتبرت الصين وروسيا أن الولايات المتحدة عدو مشترك لهما، وأن تنافسهما السلمي على النفوذ لن يقود إلى تقاسم الشراكة بين كلٍ منهما في منطقةٍ تعد فناءً خلفيًّا لروسيا”.

اقرأ أيضًا| انتقاد غربي لـ«شنجهاي للتعاون».. ومخاوف من فخ الديون الصيني

ربما يعجبك أيضا