نفاق الغرب والتحول الأخضر بإفريقيا.. معركة جديدة مع الصين

آية سيد
التحول الأخضر في إفريقيا.. معركة جديدة بين واشنطن وبكين

تسعى الولايات المتحدة وأوروبا لبناء سلاسل إمداد صناعية خضراء في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية.


في ظل سعي العالم للتحول إلى الطاقة النظيفة، تكتسب القارة الإفريقية أهمية خاصة في هذا المجال.

وتواجه الولايات المتحدة والدول الأوروبية منافسة شرسة مع الصين، التي تمتلك استثمارات ضخمة في إفريقيا. ولهذا، يلفت باحثان إلى أن الدول الغربية تحتاج إلى إعادة تعريف شراكاتها مع إفريقيا، وفق مبدأ المعاملة بالمثل.

أهمية إفريقيا

في تحليل بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الأول الثلاثاء 23 مايو 2023، أوضح الزميلان غير المقيمين بمركز أوروبا في المجلس الأطلسي، ثيوفيل بوجيه أبادي، وراشيل ريزو، أن إفريقيا موطن الكثير من المواد الخام الضرورية لسباق إزالة الكربون العالمي، ولديها إمكانات طاقة متجددة ضخمة، ومصارف كربون حيوية، وستكون شريكًا مهمًّا في معركة تغير المناخ.

وبينما تصعّد الولايات المتحدة وأوروبا جهودها لتسريع التحول إلى صفر انبعاثات، و”الحد من مخاطر” سلاسل الإمداد الخضراء من الصين، حسب المصطلح الذي تستخدمه الحكومة الأمريكية الآن، ستحتاج إلى إفريقيا بجانبها. لكن بعد عقود من الدبلوماسية والمساعدات الإنمائية الصينية الناجحة في القارة، لن يكون ذلك سهلًا.

تفوق صيني

باستثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت 40 مليار دولار في 2020، تتفوق الصين على الولايات المتحدة في إفريقيا كل عام منذ 2013، ومن المتوقع أن تتجاوز أوروبا كأكبر شريك تجاري لإفريقيا بحلول 2030.

ووفق الباحثين، ردت الدول الإفريقية الجميل، على سبيل المثال، بتصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الصين أكثر من الغرب في عدة قضايا. إلا أن الأوروبيين والأمريكيين يتحملون المسؤولية عن هذا، إلى حد ما.

وضرب الباحثان مثالًا بجائحة كوفيد-19، عندما لم يُظهر الغرب تضامنًا كافيًا مع إفريقيا، بفشله في توفير لقاحات كافية من مخزونه، ورفضه التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات. لكن الصين سارعت بتقديم الدعم في صورة لقاحات ومعدات طبية.

اتهامات بالنفاق

كثيرًا ما يتهم القادة الأفارقة نظرائهم الغربيين بـ”النفاق وتوقع المستحيل”، وأوضح الباحثان أن أوروبا، في الوقت الذي تفصل فيه نفسها عن الغاز الروسي، كثفت استثمارات النفط والغاز في إفريقيا لتلبية احتياجاتها المستمرة.

لكنها تواصل الضغط على الحكومات الإفريقية كي تلتزم بأهداف الطاقة المتجددة، على الرغم من عجز تلك الحكومات عن توفير الكهرباء لقطاعات كبيرة من السكان. وبالنسبة إلى الشركاء الأفارقة، تبدو المشاركة الغربية في القارة أحادية الجانب، وغير كافية، ومرهقة، وفي كثير من الأحيان “منافقة”.

اقرأ أيضًا| هل تستطيع إفريقيا النمو دون الوقود الأحفوري؟ «تفاعلي»

سباق التحول الأخضر

رأى الباحثان في تحليلهما أن امتلاك الصين لليد العليا في إفريقيا ستكون له عواقب وخيمة على التحول الأخضر. وبينما تسعى الولايات المتحدة وأوروبا لبناء سلاسل إمداد صناعية خضراء خاصة بها في مجال طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، تظل إفريقيا شريكًا لا غنى عنه.

ويُعد أحد العناصر الرئيسة في سباق التفوق الصناعي الأخضر الجاري بين أوروبا والولايات المتحدة والصين، الوصول إلى المواد الخام الحرجة، وهي مكونات مهمة في أشياء مثل البطاريات والألواح الشمسية، مثل الجرافيت، والنيكل، والليثيوم.

المواد الخام

من المتوقع أن يتضاعف طلب الاتحاد الأوروبي على الليثيوم 18 مرة بحلول 2030، عندما تصبح إفريقيا مسؤولة عن توفير خُمس احتياجات العالم. وتمثل الدول الإفريقية بالفعل ثلث الإنتاج العالمي للكوبالت، والبوكسيت، والبلاتين، والكثير من المواد الأخرى. وتستخرج جمهورية الكونغو الديمقراطية ثلثي الكوبالت العالمي، لكن يجري تكرير 70% منه في الصين.

ووفق الباحثين، تتحكم الصين في سلسلة الإمداد بالكامل، من الاستخراج والشحن إلى التكرير والمعالجة. وهذا يعني أن على الغرب الاستثمار في ما هو أكثر من المناجم في إفريقيا، والاستثمار في البنية التحتية للإنتاج أيضًا. وتمتلك إفريقيا كذلك الحل للكثير من المشكلات الأوروبية عبر مصادر الطاقة المختلفة.

اقرأ أيضًا| مركز فاروس: قلب إفريقيا يمتلك معادن التحول إلى الطاقة النظيفة

خطوات جادة

قال الباحثان إن على أوروبا إنهاء نفاقها المتعلق بالغاز، وعلى الغرب اتباع نهج أكثر توازنًا تجاه تحول الطاقة في إفريقيا، عبر إدراك التأثير الضئيل للقارة في انبعاثات الكربون العالمية، وتوجيه تركيزها إلى دعم البنية التحتية للطاقة وتوليد الطاقة بمعايير بيئية أعلى.

وعلى الولايات المتحدة وأوروبا أيضًا العمل لبناء شراكات صناعية حقيقية. وهذه الشراكات الصناعية ستحتاج إلى أن تشمل استثمارات القطاع الخاص، ما يعني تقديم حوافز لرأس المال الخاص من المراكز المالية الغربية، مثل لندن ونيويورك، لتتدفق إلى الدول الإفريقية.

وأضاف الباحثان أن منح الأولوية للتحول الأخضر سيتطلب المزيد من الحوار السياسي بين الغرب وإفريقيا. وأخيرًا، يتعين على الشركاء الغربيين توفير التمويل أو دعم تخفيف عبء الديون لتمكين الدول الإفريقية من تحقيق التحول في مجال الطاقة، والمقصود به هنا توفير الطاقة لشعوبها.

اقرأ أيضًا| جولة لنائبة الرئيس الأمريكي بإفريقيا.. منافسة جيوسياسية وشكوك في الزيارة

اقرأ أيضًا| غانا أول اختبار.. خطوة صينية غربية لتخفيف أزمة الديون في إفريقيا

ربما يعجبك أيضا