هجوم كورسك.. نقطة تحول حاسمة أم خطوة استراتيجية خاطئة؟

عمر رأفت
منطقة كورسك

طرحت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، سؤالًا مفاده: “هل هجوم كورسك المفاجئ الذي شنته أوكرانيا على روسيا يمثل نقطة تحول حاسمة في الحرب الأوكرانية، أم أنه لا معنى له، أم خطوة استراتيجية خاطئة من جانب كييف؟”.

وقالت المجلة، في تقرير، أمس الأربعاء 28 أغسطس 2024، إن هذا الهجوم كان بمثابة نجاح ولكن قصير المدى، فالمهم من تلك الخطوات هو المدى المتوسط أو الطويل، وطرحت سؤالًا أخر وقالت: “هل له آثار أوسع على السياسة الغربية تجاه روسيا بشكل عام والحرب في أوكرانيا بشكل خاص؟”.

رفع الروح المعنوية

أضافت أن الهجوم حقق بعض النتائج الجيدة بالنسبة لأوكرانيا، حيث أدى إلى رفع الروح المعنوية الأوكرانية، وأعطاها دفعة قوية كانت في أمس الحاجة إليها، وساعد في مواجهة المخاوف من أن كييف وقعت في فخ حرب استنزاف ضد عدو لا تستطيع هزيمته أو التفوق عليه.

وأعاد الهجوم الحرب لتتصدر عناوين الصحف، وعزز الأصوات الداعية إلى زيادة الدعم الغربي لكييف، كما كشف عن عيوب خطيرة في الاستخبارات الروسية واستعدادها، وربما أحرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم عدم وجود أي علامة على أن الهجوم أدى إلى تقليص عزيمته أو إبطاء التقدم الروسي في دونباس.

وأوضحت المجلة، أنه من الجيد رؤية أوكرانيا تنجح في ساحة المعركة، ولكن من غير المرجح أن تؤثر هذه العملية على نتائج الحرب المستمرة، وقد ينتج عن عملية كورسك خسائر أوكرانية أكبر من الخسائر الروسية.

خسارة الجانبان

سيكون من الخطأ استنتاج أن النجاحات الأخيرة على جبهة كورسك تعني أن المساعدات الغربية الإضافية ستمكن أوكرانيا من استعادة دونباس أو شبه جزيرة القرم، كما أكدت فورين بوليسي.

وذكرت أن النقطة السابقة حاسمة، لأن الدولتين تواجهان ظروفًا مختلفة تمامًا، فلقد خسر الجانبان الكثير من القوات والمعدات، لكن أوكرانيا خسرت أراضي أكثر بكثير، فوفقًا للتقارير المنشورة، استولت أوكرانيا الآن على حوالي 400 ميل مربع من الأراضي الروسية وأجبرت حوالي 200 ألف روسي على إخلاء هذه المناطق.

وأشارت فورين بوليسي إلى أن هذه الأرقام تعادل 0.0064% من إجمالي مساحة الأراضي الروسية و0.138% من سكانها، وعلى النقيض من ذلك، تسيطر روسيا الآن على ما يقرب من 20% من أوكرانيا، وتشير التقارير إلى أن الحرب أجبرت ما يقرب من 35% من سكان أوكرانيا على الرحيل من ديارهم، وحتى لو تمكنت كييف من التمسك بالأراضي التي استولت عليها مؤخراً، فأنها لن تجعلها طرفًا في أي مفاوضات.

مواصلة دعم أوكرانيا

يترتب على ذلك أن مصير أوكرانيا سيتحدد في المقام الأول بما يحدث في أوكرانيا، وليس بعملية كورسك، وسوف تتلخص العوامل الرئيسة في رغبة كل جانب وقدرته على الاستمرار في تقديم التضحيات في ساحة المعركة، ومستوى الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من الآخرين، وما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف يترك الأجزاء غير المحتلة من أوكرانيا سليمة وآمنة.

وأوضحت فورين بوليسي، أنه لتحقيق هذه الغاية، ينبغي على الولايات المتحدة وأوروبا مواصلة دعم أوكرانيا، ولكن هذا الدعم يجب أن يقترن بجهد كبير للتفاوض على وقف إطلاق النار والتسوية النهائية، لسوء الحظ، يبدو أن المسؤولين الأمريكيين نسوا كيفية إقناع الحلفاء المقربين بالموافقة على وقف إطلاق النار.

وأشارت إلى أن هجوم كورسك يؤدي إلى نتيجتين، وهما التذكير بمحدودية نفوذ روسيا وأدائها العسكري المخيب، وأضافت فورين بوليسي أنه منذ عام 2022، تحاول الصقور الأمريكية إيصال فكرة أن بوتين عازم على استعادة الإمبراطورية الروسية وربما حتى حلف وارسو، وأن أوكرانيا كانت مجرد خطوة أولى قبل أن يشن هجمات جديدة على النظام القائم، ولكن بعدما يحدث، لا يبدو أن هذا الأمر يتحقق، أما النتيجة الثانية، ثانياً، فقد أشار العديد من الأشخاص، بما في ذلك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى أن توغل كييف الناجح في روسيا يُظهر أنه يجب التخلص من القيود المفروضة على العمليات العسكرية ضد روسيا، وأن الغرب يجب أن يسمح لكييف بتصعيد المعركة ضد موسكو.

ربما يعجبك أيضا