الفلسطينيون يحققون مكاسب رقمية بعد حرب غزة الأخيرة

نشاط رقمي غير مسبوق للفلسطينيين بعد حرب غزة

أحمد عبد الحفيظ

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الشهر الذي أعقب حرب غزة الأخيرة نشاطًا غير مسبوق من قبل الفلسطينيين وأنصارهم حول العالم، ما أدى إلى تأثيرات كبيرة ومتنوعة على عدة مستويات.
التفاعل الرقمي المستمر والمتزايد لم يكن مجرد رد فعل عفوي، بل كان له فوائد عديدة ومهمة للفلسطينيين، سواء على مستوى الحشد الجماهيري، أو الضغط السياسي، أو توضيح الصورة للعالم الخارجي.

التضامن العالمي

بحسب صحيفة “الجارديان البريطانية” في تقرير لها نشر الخميس 29 أغسطس 2024، فإنه بعد حرب غزة، استفاد الفلسطينيون من وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لتعزيز التضامن الدولي مع قضيتهم، فقد شارك ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم في حملات تضامنية، مستخدمين وسوم مثل #أنقذوا_حي_الشيخ_جراح و#غزة_تحت_القصف.
هذه الحملات أثارت وعيًا عالميًا واسعًا حول الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، مما ساهم في تحفيز النقاشات على مستوى الإعلام الدولي والسياسي، وجذب الانتباه إلى التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

إظهار الرواية الفلسطينية

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي، دورًا رئيسًا في توصيل الرواية الفلسطينية للعالم، بعيداً عن الفلاتر التي قد تفرضها بعض وسائل الإعلام التقليدية.
تمكن النشطاء والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية من نشر مقاطع فيديو وشهادات مباشرة وصور تعكس الواقع على الأرض، متصدين بذلك للدعاية المضادة التي تسعى لتشويه الحقائق أو تجاهلها.
هذه الجهود الإعلامية المستمرة ساعدت في كسب تعاطف واسع، ودفعت بالكثيرين إلى إعادة النظر في مواقفهم التقليدية من الصراع.

شبكة دعم اقتصادي واجتماعي

استخدم الفلسطينيون السوشيال ميديا أيضًا لتعزيز الدعم الاقتصادي والاجتماعي، سواء من خلال حملات جمع التبرعات أو مبادرات الدعم النفسي والاجتماعي.
انتشرت حملات التمويل الجماعي عبر منصات مثل “GoFundMe” و”LaunchGood” بشكل كبير، ما أدى إلى جمع ملايين الدولارات لدعم الضحايا وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
كما استخدمت المنظمات المحلية والدولية هذه المنصات للترويج للمشاريع التنموية، وتقديم الدعم النفسي للأطفال والعائلات المتضررة.

الضغط على صانعي القرار والسياسيين

ساعدت منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل ضغط جماهيري عالمي على الحكومات وصانعي القرار.
استخدم النشطاء والشباب الفلسطينيون منصات مثل “تويتر” و”إنستجرام” لإرسال رسائل مباشرة للسياسيين والقادة في مختلف الدول، مطالبين إياهم باتخاذ مواقف صارمة ضد الاحتلال الإسرائيلي ودعم حقوق الفلسطينيين.
ونتيجة لهذا الضغط، شهدنا تغيرًا في مواقف بعض البرلمانات والشخصيات السياسية، وحتى فرض عقوبات أو إصدار بيانات إدانة.

تمكين الشباب الفلسطيني

أدت الحملة الإلكترونية الواسعة إلى تمكين الشباب الفلسطيني، وإعطائهم منصة للتعبير عن هويتهم الثقافية والوطنية، فقد بدأ الكثيرون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر القصص والتجارب الشخصية، والتعبير عن أفكارهم وأحلامهم ومخاوفهم.
هذه المساحة سمحت لهم ببناء شبكات تواصل قوية مع الشباب العربي والعالمي، وعززت من الشعور بالانتماء الوطني والهوية الثقافية.

محاولات تقييد المحتوى

رغم الفوائد الكبيرة التي حققها الفلسطينيون من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه المساحات الافتراضية لم تكن خالية من التحديات، فقد تعرض الفلسطينيون لمحاولات تقييد وصول محتواهم وانتشاره من قبل منصات مثل فيسبوك.

اشتكى العديد من المستخدمين والنشطاء الفلسطينيين من حجب حساباتهم أو تقييد وصول منشوراتهم المتعلقة بالأحداث في غزة أو القدس، بحجة انتهاك سياسات النشر أو التحريض، وقد أثارت هذه القيود موجة من الانتقادات ضد فيس بوك، حيث اتهمها الكثيرون باتباع سياسة مزدوجة والتواطؤ مع السلطات الإسرائيلية لقمع حرية التعبير.

وفي مواجهة هذه التقييدات، لجأ النشطاء إلى استخدام منصات أخرى مثل “تويتر” و”تيك توك”، وابتكروا أساليب جديدة للتحايل على الخوارزميات التي تراقب المحتوى، مثل استخدام رموز وأشكال خاصة للكتابة، أو مشاركة الروابط عبر قنوات مغلقة أو مجموعات خاصة.

مصائب قوم

يمكن القول إن الشهر غير المسبوق على السوشيال ميديا بعد حرب غزة أظهر مدى قدرة الفلسطينيين على استخدام هذه المنصات بشكل فعال لتعزيز قضيتهم والدفاع عن حقوقهم.
من خلال التضامن العالمي، ونشر الرواية الفلسطينية، ودعم الاقتصاد المحلي، والضغط السياسي، وتعزيز الهوية الثقافية، استطاع الفلسطينيون تحقيق مكاسب كبيرة على الساحة الدولية، مما يعكس قوتهم في التكيف مع الأدوات الحديثة لتحقيق أهدافهم.

ربما يعجبك أيضا