تحركات واشنطن.. هل تنجح الضغوط على إسرائيل بإنهاء حرب غزة؟

لماذا الضغوط الأمريكية ستجبر نتنياهو على تغيير مساره الدموي في غزة؟

بسام عباس
بايدن ونتنياهو

توصل باحثون أمريكيون، إلى أن ممارسة الإدارة الأمريكية ضغوطًا على إسرائيل لوقف الحرب على غزة، لن تضر بالولايات المتحدة، بل ستكون فعالة وتصب في المصلحة الوطنية الأمريكية.

ولكن على مدار الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كانت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مترددة في ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل لتقليص عملياتها الأكثر تدميرًا والسعي إلى إنهاء الصراع.

تردد بايدن

كشفت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية عن وجود عدة أسباب وراء تردد بايدن، وأحدها هو التشكيك في إمكانية تحقيق أي شيء ملموس من خلال الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتغيير مسارها، فيما زعم بعض المحللين والخبراء أن الولايات المتحدة لا تملك النفوذ الكافي لتغيير سلوك الحكومة الإسرائيلية بشكل جذري، وأن تحدي إسرائيل سيأتي بنتائج عكسية.

وأضافت، في تقرير نشرته الخميس 29 أغسطس 2024، أن هذه التصورات تحمل ثقلًا بين كبار صناع القرار في الولايات المتحدة، ففي وقت سابق من هذا الصيف، حذر كبير مستشاري الرئيس جو بايدن، آموس هوكستين، الساسة اللبنانيين من أن الولايات المتحدة تفتقر إلى القوة اللازمة للضغط على إسرائيل.

وذكرت أن هذا الرأي يعود جزئيًا إلى ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين، فعلى سبيل المثال، أكد وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، مرارًا وتكرارًا أن أي ضغط أمريكي لإنهاء الحرب يحفز الإسرائيليين في الواقع على مواصلة القتال.

ضغوط حقيقية

قالت المجلة إن عددًا من الباحثين أجروا، في شهر مايو الماضي، استطلاعًا للرأي العام الإسرائيلي حول الحرب، لفهم كيفية رد فعل الإسرائيليين على تصريحات الدعم غير المشروط من قبل الحكومة الأمريكية مقارنة بالضغط الأمريكي لتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة.

وأظهرت النتائج أن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تفتقر إلى النفوذ خاطئ، وأنه من المرجح أن تتمكن الولايات المتحدة من الضغط على الإسرائيليين للتحرك نحو تسوية سلمية، وإنهاء الحرب في غزة من دون إثارة ردود فعل عنيفة كبيرة.

وإذا كانت إدارة بايدن أو ربما خليفتها على الأرجح ستمارس ضغوطًا حقيقية ومستدامة على إسرائيل، مثل وضع شروط لتصدير الأسلحة الهجومية إلى البلاد من أجل التوصل إلى اتفاق، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تقويض الدعم العام الإسرائيلي للحرب بشكل كبير وتسريع نهايتها.

نتائج مذهلة

أظهرت استطلاعات الرأي العام الأخيرة أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد اتفاق وقف إطلاق النار للإفراج عن جميع الأسرى في مقابل إنهاء إسرائيل الحرب والانسحاب الكامل من غزة. وحتى أغسطس، أعرب 63% من الإسرائيليين عن تأييدهم لمثل هذه التسوية، مقارنةً بـ 56% في يونيو.

وربما أثرت السياسة الأمريكية بالفعل على هذه الأرقام إلى حد ما، فقد أشار بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز بوضوح إلى دعمهم الخطابي للصفقة ونفاد صبرهم المتزايد إزاء رفض الحكومة الإسرائيلية قبولها.

وتضمن الاستطلاع الحالي اختبارًا للرسائل مصممًا بعناية لمعرفة كيفية استجابة الإسرائيليين لموقف الولايات المتحدة. وكانت النتائج مذهلة. فقد وجدنا أن معرفة هؤلاء أن الولايات المتحدة مستعدة لممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لإنهاء الحرب لم تغير آراءهم نحو واشنطن إلى سلبية.

نفوذ كبير

أشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة تتمتع في الواقع بنفوذ كبير على كيفية تفكير الإسرائيليين في التكاليف والفوائد المترتبة على استمرار الصراع، وان انتشار الأنباء بأن هناك ضغوطًا أمريكية لإنهاء الحرب، يمكن أن يدفع الإسرائيليين إلى الانقلاب على استمرار العمليات العسكرية والتوجه نحو التسوية من دون تكبد تكاليف كبيرة للرأي العام الإسرائيلي عن الولايات المتحدة.

ولم يكن القلق من فشل الضغوط الأمريكية العائق الوحيد أمام سعي واشنطن إلى ممارسة المزيد من النفوذ على حكومة نتنياهو وسلوكها، فهناك على الأقل سببان رئيسيان آخران وراء امتناع بايدن عن ممارسة ضغوط جدية على الحكومة الإسرائيلية بشأن سلوكها في الحرب. فبايدن لديه تعاطف شخصي طويل الأمد مع إسرائيل.

تشجيع إنهاء الحرب

تساءلت الدراسة حول إمكانية أن تؤثر نتائج الاستطلاع في سياسات إدارة ترامب الثانية؟ نظرًا إلى احتضان دونالد ترامب لليمين الإسرائيلي في ولايته الأولى، ومعارضته المعلنة لحجب الأسلحة عن إسرائيل لإنهاء الحرب، وتعليقاته بأن إسرائيل يجب أن “تنهي المهمة”، فمن الصعب أن نتخيل أن إدارة ترامب ستكون على استعداد للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب.

ولفتت إلى أن التوترات بين ترامب ونتنياهو التي يرجع تاريخها إلى نهاية ولاية ترامب الأولى، فضلًا عن العلاقات الوثيقة الأخرى لترامب في المنطقة، مثل علاقاته مع السعوديين، تترك الباب مفتوحًا لاحتمال أن تتزايد الضغوط الأمريكية على إسرائيل لإنهاء الحرب في الإدارة المقبلة، بغض النظر عن نتيجة انتخابات نوفمبر.

ومن الواضح أن إنهاء هذه الحرب يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. والواقع أن ممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية هي الأداة الأساسية التي تمتلكها الولايات المتحدة لتشجيع إنهاء الحرب، وإذا كان الرئيس الأمريكي القادم يريد إنهاء الحرب، فلا بد أن يجد الشجاعة للدفع في اتجاه ذلك.

ربما يعجبك أيضا