تميل نحو اليمين.. موقف هاريس من قضية الهجرة

كيف تحولت السياسة العامة للهجرة في الغرب إلى اليمين؟

بسام عباس
مرصد مراكز الأبحاث| حماية بيانات الأمريكيين.. والعقيدة النووية الروسية.. والقدرة الاستراتيجية لحزب الله

في أول مقابلة رسمية لها منذ أن أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة، تعهدت كامالا هاريس، بتجديد الدفع من أجل التشريع الشامل الذي من شأنه تشديد الهجرة على طول الحدود الأمريكية مع المكسيك.

وأوضحت وكالة” رويترز”، أن هاريس، في المقابلة مع مذيعة شبكة “سي إن إن”، دانا باش، صرحت بأنها ستجدد الدفع من أجل تشريع حدودي شامل من شأنه أن يشدد الهجرة إلى الولايات المتحدة، وتعهدت “بإنفاذ قوانيننا” ضد المعابر الحدودية.

تصريحات متناقضة

قالت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 30 أغسطس 2024، إن تعليقات هاريس بشأن الهجرة لا ينبغي أن تكون مفاجأة لأي شخص يتابع سياسات الهجرة في الغرب في السنوات الأخيرة، ففي الولايات المتحدة، تبنى الرئيس جو بايدن في النصف الثاني من ولايته تدابير هجرة أكثر تقييدًا، وتبنى نهجًا وسطيًا يردد صدى سياسات سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب.

وأضافت أن تعليقات هاريس تتناقض بشكل صارخ مع نوع الخطاب الذي كان معروضًا في دورة الانتخابات الماضية، حتى عندما كانت هاريس نفسها تترشح في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الديمقراطية في عام 2019، بعد أن حوّل ترامب الهجرة إلى قضية مثيرة للجدال في منتصف العقد الأول من القرن 21.

وذكرت أن ذلك دفع الحزب الجمهوري إلى تبني مواقف يمينية متطرفة بشأن هذه القضية، مما حدا باليسار إلى تبني الطرف الآخر من الطيف، ففي حين دعا اليمين إلى ردع طالبي اللجوء وتقييدهم، دعا اليسار إلى الانفتاح على المهاجرين واحترام حقوق الإنسان.

إجراءات صارمة

أوضحت المجلة أن هاريس، بعد مرور 5 سنوات، لا تدافع عن سياسات بايدن الأخيرة في التعامل مع الهجرة فحسب، بل إنها تتعهد أيضًا باتباع نهج أكثر صرامة، من تلك السياسات الأكثر تقييدًا بين أي رئيس ديمقراطي حديث، ومن المؤكد أنها لا تدافع عن التدابير القاسية التي يدافع عنها ترامب، ولكن خطابها وسياسات بايدن تشير إلى أن كلا الحزبين في الولايات المتحدة تحولا نحو اليمين في التعامل مع الهجرة.

وأفادت بأن هذا الاتجاه لا يقتصر على الولايات المتحدة بطبيعة الحال، ففي الأسبوع الماضي، تعهد المستشار الألماني، أولاف شولتز، وهو سياسي من يسار الوسط، باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، فيما وافق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على مشروع قانون لإصلاح الهجرة تضمن بعض التفضيلات السياسية لليمين المتطرف.

تحوُّل إلى اليمين

قالت المجلة إن اللافت للنظر ليس أن صناع السياسات الوسطيين واليساريين يتحولون نحو اليمين فيما يتصل بالهجرة، بل إن هذا التحول لا يبدو أنه يقسم اليسار على المستوى الذي كان متوقعًا، ومن المؤكد أن البعض في الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي ما زالوا يطالبون بتبني نهج أقل تقييدًا وإنسانية في التعامل مع الهجرة.

وأضافت أن بايدن وهاريس لم يتلقيا الكثير من الانتقادات من داخل حزبهما بسبب التحول نحو الوسط، ويمكننا أن نشهد ظاهرة مماثلة في أوروبا، لافتة إلى أن هذا يرجع جزئيا إلى أن اليسار في الولايات المتحدة وأوروبا مدفوع بشدة بإبعاد أقصى اليمين عن السلطة.

وأشارت إلى أنه أصبح أكثر استعدادًا للتغاضي عن التحول في السياسة بشأن قضية مثل الهجرة، التي أصبحت مهمة للغاية على المستوى الانتخابي في الغرب، ولكن استطلاعات الرأي كشفت عن تحول حقيقي على اليسار بشأن قضية الهجرة في مختلف الدول الغربية، لافتة إلى أن السياسة بشكل عام تحولت إلى اليمين بشأن الهجرة.

أزمة الحدود

ذكرت المجلة أن زيادة أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود الجنوبية الأمريكية في السنوات الأخيرة يرجع إلى عوامل سياسية واجتماعية في أمريكا الوسطى، موضحة أن “أزمة الحدود” ليست قضية وصول أعداد كبيرة من الناس بقدر ما هي قضية إجراءات شاقة ومعقدة وغير فعّالة للتعاطي معهم، بحسب تقرير نشره بول بوست في مايو 2023.

وتابعت بأن محاولة الحد من الهجرة باستخدام تدابير إنفاذ القانون المعوقة فقط مع الفشل في معالجة أسبابها الجذرية، لا تقوض حقوق الإنسان فحسب، بل ومن غير المرجح أن تكون مستدامة في الأمد البعيد، ولكن في سباق المائة يوم قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن الاستدامة على المدى الطويل ليست الشغل الشاغل لهاريس، ولا يبدو أنها تشكل الشغل الشاغل للناخبين أيضًا.

ربما يعجبك أيضا