نتنياهو في مأزق.. ضغوط التصعيد العسكري وتهديدات «الجنائية»

نتنياهو في الأمم المتحدة بين التوترات الإقليمية والضغوط الدولية

شروق صبري
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

زيارة نتنياهو للأمم المتحدة تواجه توترات إقليمية ودعوات دولية للتهدئة وسط تهديدات بتصعيد عسكري ضد حزب الله.


قبل عام، جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأمم المتحدة برؤية لشرق أوسط جديد يرتكز على تعزيز العلاقات مع الدول العربية.

تلك الزيارة كانت بمثابة بداية لمبادرات دبلوماسية تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. ولكن الوضع قد تغير بشكل جذري، حيث يواجه نتنياهو الآن ضغوطًا لبدء تصعيد عسكري كبير ضد حزب الله اللبناني، في ظل تزايد الدعوات من حلفائه للتهدئة وسط الحرب المستمرة في غزة.

التوترات المتزايدة مع لبنان

من المقرر أن يتحدث نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر، وهو ظهور يتوقع أن يؤدي إلى احتجاجات ومظاهرات في شوارع مانهاتن الأمريكية. حسب ما نشرت صحيفة “الجارديان” أمس 21 سبتمبر 2024.

ولقد تأجل وصوله إلى الولايات المتحدة ليوم واحد على الأقل بسبب تصاعد التوترات مع لبنان، بعد عملية معقدة لتفجير الآلاف من أجهزة الاتصال المستخدمة من قبل حزب الله. هذه العملية قد تشير إلى بداية حرب أوسع في المنطقة، وتضع نتنياهو في موقف حساس بين التزامات الدبلوماسية والأمن القومي.

تقييم الدعم الدولي

تتيح الزيارة لنتنياهو فرصة لتقييم مدى الدعم الدولي لتصعيد العمليات العسكرية في لبنان، أو لإبلاغ الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفاء آخرين بأنه اتخذ قراره بشأن كيفية التصرف في الوضع المتأزم.

وبعد عام من العنف في غزة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 41,000 شخص، تدرس المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو، مما يزيد من تعقيد موقفه على الساحة الدولية.

الانتقادات الدولية وتأثيرها

خلال الصراع، قُتل حوالي 200 من عمال الإغاثة الإنسانية من الأمم المتحدة. وقد زعم نتنياهو أن موظفي وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شاركوا في الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل مما أدى إلى إنهاء عقود تسعة موظفين بعد مراجعة داخلية.

هذا التصريح أثار انتقادات واسعة من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، الذي اعتبره تهربًا من المسؤولية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

الموقف من الأمم المتحدة

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن قلقه من تدهور الوضع، حيث أشار إلى أنه لم يتحدث مع نتنياهو منذ بداية الحرب، لكنه مستعد للقاءه إذا طلب ذلك.

جوتيريش انتقد “نقص المساءلة” عن مقتل عمال الإغاثة، الذين قُتل معظمهم في ضربات وُصفت بأنها عشوائية. هذا يعكس فقدان الثقة المتزايد بين إسرائيل والأمم المتحدة، والذي قد يؤثر سلبًا على العلاقات المستقبلية.

التحديات الداخلية والخارجية

 

كان آخر ظهور لنتنياهو في الولايات المتحدة في يوليو 2024، حيث ألقى كلمة أمام جلسة مشتركة للكونجرس، مُعبرًا عن “النصر الكامل” في حربه ضد حماس. وسخر من المتظاهرين ضد ظهوره في مبنى الكابيتول الأمريكي ووصفهم بأنهم “أغبياء”.

وفي الشوارع خارج محطة يونيون الكندية، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة وشوهوا تماثيل الرخام بالطلاء.مما يعكس الاستياء المتزايد من سياساته، حيث تتزايد الضغوط الشعبية من الحرب واستمرار العنف.وإذا لم يتمكن نتنياهو من تحقيق تقدم ملموس، فإنه قد يجد نفسه في وضع أكثر صعوبة، مما قد يؤثر على مستقبله السياسي وسمعة إسرائيل في العالم.

 

إشارات تحذير

يتوقع المراقبون أن تنفذ إسرائيل عمليات عسكرية جديدة في لبنان بعد الضربة الجوية التي أدت إلى مقتل قائد كبير في حزب الله، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أن العمليات ستستمر حتى تتحقق الأهداف الأمنية. هذه التصريحات تشير إلى أن إسرائيل قد تكون في خضم تصعيد عسكري كبير، مما يعيد إلى الأذهان الأزمات السابقة التي شهدتها المنطقة.

حذر جوتيريش من أن الهجمات ضد حزب الله قد تمثل مقدمة لتصعيد عسكري إسرائيلي في لبنان. ومع ذلك، يبقى السؤال قائمًا حول ما إذا كان نتنياهو مستعدًا لتصعيد العمليات، بما في ذلك إمكانية تنفيذ عملية برية، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل أكبر.

تداعيات الاعتراف الدولي

إذا قررت المحكمة الجنائية الدولية توجيه تهم لنتنياهو بارتكاب جرائم حرب في غزة، فسيشكل ذلك إحراجًا إضافيًا له، مما قد يُعرّضه لخطر التحول من شخص غير مرغوب فيه إلى هارب دولي. هذه التطورات قد تؤثر على صورته السياسية وتضعه في موقف ضعيف أمام المجتمع الدولي.

تأتي هذه التطورات في وقت صعب لإسرائيل، حيث أدت أحداث غزة إلى زيادة التوترات بشكل كبير. في هذا السياق، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن بلاده لن تعترف بإسرائيل دون دولة فلسطينية وعاصمة في القدس الشرقية. هذا الموقف يبرز التحديات التي تواجهها إسرائيل في تحقيق السلام مع الدول العربية، ويشير إلى أن الوضع قد يتجه نحو مزيد من الانقسامات في المنطقة.

قائد مدعوم من الغرب

كان كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، تقدم بطلب إصدار مذكرات اعتقال في وقت سابق من هذا العام ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، وثلاثة من قادة حماس، بتهم تتعلق بجرائم حرب مرتبطة بالحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

فيما ردت إسرائيل، من خلال وزارة خارجيتها، وأعلنت يوم 20 سبتمبر أنها تطعن في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وكذلك في شرعية طلب خان لمذكرات الاعتقال، مشيرة إلى أن خان لم يوفر لإسرائيل فرصة التحقيق في الادعاءات بنفسها قبل الشروع في الإجراءات القانونية. حسب ما نشرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت، فسيكون ذلك لأول مرة في تاريخ المحكمة منذ تأسيسها في 2002، أن تصدر مذكرة ضد قائد مدعوم من الغرب، مما يعرض نتنياهو وجالانت لخطر الاعتقال إذا زارا أيًا من الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

ربما يعجبك أيضا