معضلة «الموازنة».. هل تتخلى إيران عن حلفائها؟

محمد النحاس

إيران لا ترغب في الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، حيث يدرك القادة الإيرانيون، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، أن ذلك قد يفتح الباب أمام تدخل الولايات المتحدة، وهو أمر قد يكون مدمرًا.


تواجه إيران معضلة معقدة في ظل تصعيد إسرائيل هجماتها ضد حزب الله في جنوب لبنان، ما يطرح تساؤلات بشأن خطواتها المستقبلية.

الوضع الراهن يضع طهران في موقف صعب، إذ تجد نفسها مضطرة للدفاع عن حلفائها دون الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة قد تستنزف مواردها وتؤدي إلى دمار داخلي، وفقًا لتحليل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الأربعاء 25 سبتمبر 2024.

معضلة معقدة

يواجه الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، الذي يسعى لإظهار معتدل للنظام الإيراني، ضغوطًا متزايدة من الداخل والخارج، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وفي الأمم المتحدة هذا الأسبوع، وجه بزشكيان انتقادات حادة لإسرائيل، مؤكدًا أن الأخيرة تسعى لاستدراج إيران إلى صراع شامل.

وأردف: “إسرائيل تسعى لجرنا إلى حرب شاملة، وهذا ليس المسار الذي نرغب في سلوكه”، ورغم ذلك، يدرك بزشكيان أنه يجب الحفاظ على هيبة إيران في المنطقة، خاصة بعد سلسلة من الإخفاقات المتتالية نتيجة تصعيد إسرائيل هجماتها على حلفاء إيران.

استراتيجية طهران

إيران لا ترغب في الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، حيث يدرك القادة الإيرانيون، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، أن ذلك قد يفتح الباب أمام تدخل الولايات المتحدة، وهو أمر قد يكون مدمرًا.

وفي الوقت نفسه، تسعى إيران للحفاظ على حلفائها الإقليميين، مثل حزب الله وحماس والحوثيين، باعتبارهم أدوات رئيسة في استراتيجية “الدفاعات الأمامية” التي تتبعها طهران لحماية أراضيها من تهديدات مباشرة.

التوترات في لبنان

إسرائيل، من جانبها، استغلت الهجوم الذي شنته حماس على أراضيها قبل نحو عام لإضعاف وكلاء وحلفاء إيران في المنطقة، فإلى جانب الضربات التي وجهتها لحماس على الحدود الجنوبية، كثفت إسرائيل من عملياتها العسكرية ضد حزب الله في الشمال، حيث أطلقت صواريخ وقنابل أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص في لبنان في هجوم هو الأعنف من نوعه.

وتسعى إسرائيل إلى استدراج حزب الله إلى مواجهة مفتوحة بهدف تدمير قدراته العسكرية، ما سيؤثر بشكل مباشر على إيران، وفق التحليل.

حزب الله، الذي يمتلك ترسانة تقدر بحوالي 150 ألف صاروخ، يُعتبر خط الدفاع الأول لإيران ضد إسرائيل، وإذا تم تدمير هذا الحليف، فإن طهران ستصبح عرضة للخطر بشكل مباشر.

ماذا يريد حزب الله؟

مع ذلك، يواصل بزشكيان محاولاته الدبلوماسية لتهدئة التوترات، وفي نيويورك، اجتمع مع دبلوماسيين أوروبيين في محاولة لإحياء المحادثات النووية التي قد تؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني.

لكن بزشكيان يواجه صعوبات داخلية أيضًا، حيث يوجد تيار متشدد داخل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يرغب في المواجهة المباشرة مع إسرائيل ويعتبرها حتمية.

وإلى جانب ذلك، تراقب إيران عن كثب تطورات الأوضاع في لبنان وسوريا، حيث يبدو أن حزب الله، رغم تسليحه الجيد، ليس في عجلة من أمره للانخراط في حرب قد تؤدي إلى تدميره.

المستقبل

في خضم هذه الأحداث، يدرك النظام الإيراني أن الحفاظ على حلفائه دون التدخل المباشر هو الخيار الأنسب حاليًا، وفي حال فشل المفاوضات النووية مع الغرب، قد تلجأ إيران إلى تصعيد مسارها النووي، وهو ما سيزيد من تعقيد الوضع ويؤدي إلى تغيرات جذرية في حسابات طهران الأمنية.

ختامًا، إيران تجد نفسها على مفترق طرق، حيث يجب عليها الموازنة بين تجنب الحرب الشاملة والحفاظ على على نفوذها الإقليمية، مع السعي للتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية التي تهدد استقرارها الداخلي.

ربما يعجبك أيضا