غزو جديد للبنان.. هل تحاول إسرائيل تجاوز عقدة 2006؟

إسراء عبدالمطلب

بعد مرور ما يقرب من عقدين على حرب 2006، لا تزال إسرائيل تحاول تحقيق أهدافها التي فشلت في تحقيقها آنذاك، وسط تصاعد التوتر مع حزب الله في لبنان.

وفي ظل الأجواء الحالية المشحونة، بدأت الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قادة بارزين في حزب الله تعيد إلى الأذهان ذكريات الماضي وتفتح التساؤلات حول مدى استيعاب إسرائيل لدروس تلك الحرب.

عقدة 2006

تسعى إسرائيل اليوم لتجاوز عقدة 2006 عبر شن حملة عسكرية جديدة على لبنان، حيث  بدأت بضربات جوية مكثفة استهدفت البنية التحتية لحزب الله وأسفرت عن مقتل عدد من القادة البارزين، ويعكس هذا التصعيد رغبة إسرائيل في تحقيق أهداف فشلت في تحقيقها قبل أكثر من 20 عامًا، وهي تحاول التغلب على ذكريات أخطاء الماضي التي ما زالت تلاحقها.

وعند العودة إلى حرب 2006، التي شهدت اجتياحًا إسرائيليًا للبنان، واجهت إسرائيل مقاومة شرسة من حزب الله، وعلى الرغم من وصول القوات الإسرائيلية إلى عمق الأراضي اللبنانية، إلا أن مقاتلي حزب الله تمكنوا من صد هذا التقدم بفضل الصواريخ المضادة للدبابات، ما أدى إلى مقتل 121 جنديًا إسرائيليًا، الصراع الذي استمر 34 يومًا، وانتهى بإعلان كل طرف النصر، كشف عن ثغرات كبيرة في أداء الجيش الإسرائيلي.

قرارات متسرعة

بعد الحرب، أصدرت لجنة فينوجراد تقريرًا انتقدت فيه قرار خوض الحرب واعتبرته متسرعًا وغير مدروس، وأشارت إلى وجود ثغرات استخباراتية كبيرة قللت من فعالية الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله.

ورغم نجاح إسرائيل في تدمير 75 منصة لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى لحزب الله في غضون دقائق، إلا أن نقص المعلومات الاستخباراتية أدى إلى استنفاد قائمة الأهداف المعدة سلفًا بسرعة، مما اضطر الجيش إلى البحث عن أهداف جديدة أثناء القتال.

وكان الهجوم الجوي المكثف الذي استهدف الضاحية الجنوبية في بيروت بمثابة صدمة لحزب الله، ولكنه لم يغير بشكل جذري من مسار الحرب.

هل استفادت إسرائيل من الماضي؟

حسب صحيفة واشنطن بوست، فاليوم وبينما تستعد إسرائيل لاحتمالية شن غزو بري جديد، يبدو أنها استفادت من دروس الماضي، وعلى مدار الأيام الماضية، استهدفت إسرائيل البنية التحتية لحزب الله ونجحت في إلحاق أضرار كبيرة بمخازن الأسلحة وقتل عدد من القادة، ومع ذلك، لا تزال ذكريات الفشل تلاحقها خصوصًا فيما يتعلق بالعمليات البرية.

ومنذ حرب 2006، حسنت إسرائيل قدراتها الاستخباراتية بشكل كبير، ووضعت آلاف الأهداف الاستراتيجية في جنوب لبنان تحسبًا لأي صراع مستقبلي، ويرى رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، أن الغزو البري ليس ضروريًا، مشيرًا إلى أن حزب الله قد يُهزم دون الحاجة لعملية برية شاملة.

ازدياد المخاطر

رغم ذلك، فإن المخاطر التي تحيط بأي عملية عسكرية جديدة تزداد في ظل التنسيق الإقليمي بين الميليشيات المدعومة من إيران، ما قد يؤدي إلى توسع الصراع ليصبح حربًا إقليمية شاملة. رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو أكد أن إسرائيل أمام نقطة تحول تاريخية، متعهدًا بمواصلة الضغط على حزب الله بكل قوة.

وعلى الجانب الآخر، لا يبدو أن حزب الله مستعد للاستسلام، ورغم الخسائر التي تكبدها، فإنه ما زال يشكل تهديدًا كبيرًا بفضل الدعم الإيراني المستمر، وتطوير قدراته في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة والأنفاق.

هل حزب الله مستعد؟

داخليًا، يعارض الكثير من الإسرائيليين فكرة شن عملية برية جديدة في لبنان، مستندين إلى التجارب المريرة السابقة، إلا أن الجيش الإسرائيلي يبدو أكثر استعدادًا، معتمدًا على استراتيجية جديدة أطلقت منذ عام 2020 تحت عنوان «النصر الحاسم»، التي تستند إلى استخدام معلومات استخباراتية دقيقة واستهداف مواقع حزب الله الحيوية بدقة متناهية.

وفي المقابل، يبدو أن حزب الله استوعب دروس 2006 جيدًا، وخلال السنوات الماضية طور الحزب قدراته القتالية بشكل كبير بفضل الدعم الإيراني، ليصبح أكثر استعدادًا لمواجهة أي هجوم إسرائيلي جديد، إضافة إلى ذلك تشكل التضاريس الوعرة لجنوب لبنان عاملًا مساعدًا للحزب في أي مواجهة برية محتملة.

2024

ربما يعجبك أيضا