في لوحات أيمن لطفي.. سكون وصراخ ومحاولة للتحليق بأجنحة الحلم

شيرين صبحي

رؤية- شيرين صبحي

رغم محاولات التحرر المستمرة لتحرير المرأة، إلا أن قيود العهد القديم لا زالت كزهرة صبار بأشواكها الحادة في لوحات الفنان أيمن لطفي، تثبتها كهدف للنيشان، وتحاول حجبها بأوراق توت لا يمكنها إخفاء عورات وعيوب مجتمعنا، بل سرعان ما تتساقط لتفضحنا جميعا..!

لم تعد الصورة العادية تشبع طموحات الفنان الذي قرر أن يتجه إلى الفوتوغرافيا التشكيلية، تتكون في وجدانه الفكرة، فيبدأ في تكوين صورة تخيلية لها، ولكن بدلا من استخدام الفرشاة لرسم لوحة تشكيلية تقليدية؛ يستخدم عدسة كاميرته ليخرج لنا لوحة مختلفة في تكوينها.

يستخدم “لطفي” الجرافيك والفن التشكيلي ليخرج لنا صورة ليست فوتوغرافية خالصة أو تشكيلية بحتة، يمسك بخيوط اللوحة ليرصد أحاسيس البشر، يهتم بالتعبيرات المرسومة على الوجوه ويلتقط تعابير الوجه المتنوعة، ليخبرنا بحكايات مختلفة ويبعث لنا برسائله عبر الصورة.

في معرضه “الشريان” الذي احتضنته مؤخرا قاعة الباب سليم بدار الأوبرا، يحتفي لطفى بالمرأة فى جميع لوحاته، بوصفها رمزا للحياة، رافضا القيود التي تكبلها، كما يرمز بتلك المرأة إلى بلده مصر ووطنه الأكبر الوطن العربي. ويبعث برسائله إلي العالم الجنوني الذي أصبحنا نعيشه ويعيشنا.

لا يكتفي لطفي بومضات الفوتوغرافيا لتسجيل لقطة ثابتة، بل يبعث بالعديد من المعاني والرموز، ليكتب نصوصا إنسانية بعدسة الكاميرا. في اللوحات نظرات عاتبة أو متحدية، وجوه تختفي خلف أقنعة، أفواه مكممة، وقيود من سلاسل وأقفال تمنعنا من التحليق بأجنحة الحلم، وفضاءات هائلة تغزوها الآلة وتصيب الإنسان بالوحدة.

يقول الفنان إننا نشعر فى بعض الأحيان بتوقف الشريان بسبب مشاكل الحياة الصعبة، وشريان هو محاولة لاستمرار الحياة، يتلمس طريقه مرة ويفقد الاتجاه مرات.. تتحرك الحياة بداخله مرة وتفقد الاتجاه مرات، السكون عنوانه والصراخ متنفسه. وفي النهاية ليس هناك من مجيب إلا من يحاول تقطيع مساره. لن يتوقف أبدا ولكن سوف يستمر بالتأكيد مع الحياة التي أمدها بالحياة، داخل ذلك الشريان.

أعمال الفنان أيمن لطفي الفوتوغرافية معزوفة جميلة للانسجام والتكامل بين رؤية المبدع وموهبته وقدراته وبين عالم التكنولوجيا وأدواتها وتقنياتها الحديثة، كما يصفها الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، ولها بصمة واضحة ومميزة تدل وترشد فور مشاهدتها على شخصه وأسلوبه المتفرد القادر على التحرر من مباشرة اللقطة التقليدية مُحلقًا بها لعالم خاص أكثر رحابة وعمقًا ووعيًا، يطرح من خلاله العديد من الأفكار والقضايا في رحاب بيئة بصرية ثرية بالعناصر والرموز والمؤثرات التقنية في اللون والضوء وكأنه مُخرج فني لمشهد يستثير به في وجدان ومُخيلة المتلقي الكثير من التساؤلات ويستدعي من معينه الثقافي أو واقعه مغزى وفكرة مستهدفة.

ربما يعجبك أيضا