الإحباط والغضب والمحاكمة في مواجهة عناد “موجابي” للتخلي عن رئاسة زيمبابوي

حسام السبكي

حسام السبكي

حالة عامة من الإحباط سادت أوساط الشعب في زيمبابوي، بعد الخطاب المخيب للآمال الذي ألقاه الرئيس المعزول “روبرت موجابي”، أمس الأحد، والذي كان متوقعًا أن يعلن خلاله عن تنحيه عن منصبه الذي ظل به طيلة 37 عامًا، قبل أن يتحرك الجيش للإطاحة به أواخر الأسبوع الماضي.

وقد حمل خطاب “الرجل الكبير المحنك” اعترافًا مباشرًا بالانتقادات الموجهة إليه لسوء إداراة البلاد، خلال السنوات الأخيرة، سواءً من قبل حزبه الحاكم الذي أعلن إقالته خلال الساعات الماضية، أو من قادة الجيش، وحتى على المستوى الشعبي، إلا أنه بدل من تقديم الاستقالة، أعلن الاستمرار في قيادة الحزب، وعقد اجتماع في ديسمبر المقبل، رافضًا ما أسماه “الانقلاب على الشرعية”.

نبحث في التقرير التالي، تداعيات رفض رئيس زيمبابوي التنحي عن منصبه، ومجمل ردود الأفعال بشأنه، ومستقبل الوضع السياسي في زيمبابوي خلال الفترة المقبلة.

موجابي.. وخطاب مخيب للآمال

بعد مرور نحو 6 أيام على تحرك الجيش في زيمبابوي لعزل الرئيس “روبرت موجابي” عن منصبه، بعد تصاعد الاحتجاجات والمطالبات برحيله عن سدة الحكم عقب 37 عامًا حكم فيها البلاد بـ “القبضة الحديدة”، باعترافٍ شخصي منه بفخر بالحصول على “درجة علمية في العنف”، أطل “موجابي” على شعبه، مساء الأحد، بخطابٍ حمل آمال وطموحات الزيمبابويين بنهاية حقبة هي الأسوأ في تاريخ بلادهم، إلا أن “موجابي”، أبى إلا العناد والمكابرة والتشبث بالسلطة حتى آخر لحظة.

وبدلًا من النزول على الرغبة على الشعبية الكبيرة لأبناء زيمبابوي، تناول في خطابه الحديث عن استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، مشيرًا إلى جملة من المشروعات التنموية التي تقوم بها الحكومة في البلاد، داعيًا الشعب إلى عدم القلق من التطورات الحاصلة في المرحلة الحالية، مضيفًا، أن المرحلة المقبلة ستشهد ما أسماه “حقبة ثقافية جديدة”، ترتكز على عزيمة قوية واهتمام بالغ باقتصادنا على أساس سياستنا، والحكومة ستبقى ملتزمة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية لسكان البلد، موضحًا، أن الحكومة ستفصح عن برنامج جديد لإطلاق الطاقات الاقتصادية المتنوعة وهذا سيتضمن رخاء زيمبابوي.

لغة الجسد تخفي ملامح الأزمة على وجه موجابي

في أول تحليلٍ للطريقة التي أدى بها الرئيس الزيمبابوي المعزول “روبرت موجابي” خطابه للتنحي المفترض، أمس الأحد، أوضح الخبير في لغة الجسد “محمد حسن”، أن “موجابي” ظهر بشكلٍ ثابت، ولم يحرك رأسه أو عينه كثيرًا خلال إلقاء الخطاب.

ووفقًا لصحيفة “الوطن” المصرية”، فسر الخبير ذلك بكون “موجابي” غير مقتنع أو مستوعب لما حدث بشكلٍ كبير، مشيرًا إلى عدم قدرة الرئيس الزيمبابوي على التأكيد حول إمكانية الوفاء بما أصدره من قرارات، موضحًا أن الأزمة السياسية الحالية التي تعصف بالبلاد لم تظهر على ملامح وجهه بشكل مباشر، مرجحًا أن يكون ذلك دلالة على عدم وثوقه في نفسه ولا فيما يقوله.

وأضاف “حسن”، أن الخطاب كان سردي بشكل كبير وكان غرضه فقط أن يوصل رسالة معينة حول بعض الأشياء، وأراد من الجميع أن يركز على رسالته من الخطاب وليس التركيز على شخصه وما هو شعوره حاليًا، مؤكدًا أن استخدامه ليده في تحريك الأوراق الخاصة به بدون استخدامها في الإشارة أو التفاعل يؤيد النظريات السابقة.

إحباط وبركان غضب متوقع في زيمبابوي

قوبل خطاب الرئيس الزيمبابوي المعزول، أمس الأحد، بحالة من الإحباط الشديد لدى جموع الشعب الرافض لسياسات “موجابي”، والطامح إلى الخلاص من سطوته التي دامت نحو أربعة عقود.

وقد عبر زعيم المعارضة الزيمبابوية “مورجان تسفانجيراي” عن ذلك، مشيرًا إلى أنه ليس الوحيد المحبط وإنما “الأمة كلها”، مشيرًا إلى أن موجابي “يلعب لعبة. لقد خذل الأمة بأسرها”.

أما عن ردة الفعل الشعبية حول خطاب “موجابي”، فقد أعلن “كريس موتسفانجوا”، والذي يقود حملة للإطاحة بـ “موجابي”، أن المواطنين في زيمبابوي سينزلون إلى شوارع هراري، يوم الأربعاء المقبل، في محاولة جديدة للضغط على الرئيس للتنحي، وذلك بعد فشل المحاولة الأولى لاقتحام مقر إقامة “موجابي”، عقب تصدي قوات الجيش لهم، ما يرجح تصاعد حالة الاحتقان الشعبي في مواجهة تشبث موجابي بالسلطة.

الجيش والحزب الحاكم والبرلمان يتمسكون برحيل موجابي.. والمحاكمة في انتظار زوجته

في أول تعليقٍ لأحد القيادات السابقة الهامة في الجيش الزيمبابوي، أكد ” كريس موتسفانجوا” زعيم قدامى محاربي زيمبابوي، والذي يتزعم جبهة المعارضة ضد الرئيس “موجابي”، أن الخطط الرامية لعزل الرئيس ستمضي قدمًا وفقًا لما هو مقررٌ له.

من جانبه، أمهل الحزب الحاكم الرئيس “موجابي” 24 ساعة للتنحي عن منصبه، أو مواجهة إجراءات عزله، وذلك بغية إيجاد نهاية سلمية لمسيرة حكمه في البلاد، عقب حدوث الانقلاب الفعلي ضده.

تواجه “جريس موجابي” زوجة الرئيس المعزول، إجراءات محاكمة غير مسبوقة، عقب الانقلاب العسكري الذي شهدته زيمبابوي أواخر الأسبوع الماضي، حيث كشف مسؤول في حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي “الحزب الحاكم” إن جريس موجابي زوجة الرئيس روبرت موجابي ستخضع للمحاكمة إلى جانب آخرين، في البلاد، حيث يتهمها الحزب “بالدعوة إلى الكراهية والانقسام والاضطلاع بأدوار وصلاحيات ليست مخولة بها”، وفقًا لصحيفة “إنتدبندنت” البريطانية.

وذكرت الصحيفة ذاتها أيضًا، أن وزير داخلية زيمبابوي “أوبيرت مابوفو” الذي ترأس اجتماع اللجنة المركزية للحزب الحاكم، الأحد – وقرر فيه عزل موجابي من قيادة الحزب – قال إن زوجة موجابي وأعوانها المقربين استغلوا حالة موجابي الواهنة وأَسَاءُوا استخدام موارد البلاد.

وقرر الحزب خلال الاجتماع عزل زوجة موجابي من منصب رئيس الرابطة النسائية للحزب. ولم تظهر جريس منذ سيطرة الجيش على السلطة في البلاد، وقيل إنها رهن الإقامة الجبرية مع زوجها.
 
يذكر أن جريس موجابي البالغة من العمر 52 عاما ظلت شخصية مثيرة للجدل، ولقبت “جوتشي جريس” نظرا لما عرف عنها من التبذير، وكانت تعد نفسها لتخلف زوجها في منصب رئيس زيمبابوي، كما ظلت تدعو لعزل نائبه إمرسون منانجاجوا لعدة أسابيع قبل أن يقرر موجابي عزله مطلع نوفمبر الجاري. ولروبرت وجريس موجابي ثلاثة أبناء.

وتزوجا في عام 1996 حيث كانت جريس تعمل كاتبة لدى موجابي، وارتبط بها أثناء زواجه بزوجته الأولى سالي التي كانت في حالة مرضية ميئوس من شفائها.

وتم تعيين جريس موجابي رئيسا للاتحاد النسائي في الحزب عام 2014، كما كانت مرشحة لتسلم منصب نائب رئيس الجمهورية خلال الشهر القادم.

الخلاصة

زيمبابوي مقبلة على بركان من الغضب، وإجراءات سياسية غير مسبوقة، إذا ما أصر الرئيس “موجابي” على البقاء في السلطة، خاصةً مع اتساع رقعة الرفض الشعبي له، وضيق مساحة التوافق أو حتى إمهاله لتحقيق الوعود التي طالما أمل الشعب أن تحقق يومًا ما، الأيام المقبلة ستكشف المزيد من التفاصيل.

ربما يعجبك أيضا