مترو طشقند.. رحلة في أحضان تاريخ أوزبكستان

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

عتيقة عمرها يزيد عن 2500 عام، إنها “سمرقند” المدينة المتحف التي قال عنها الرحالة “ابن بطوطة”: إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالًا، كما سميت بالياقوتة الراقدة على ضفاف نهر زرافشان.

على مدى عقود طويلة، كانت سمرقند ملتقى التجارة عبر طريق الحرير بين الصين وأوروبا، ونقطة التقاء بين قيم روحية وعادات وتقاليد لشعوب متعددة، أما العمارة فتعد من أهم الفنون التي أبدع فيها أهل “سمرقند”.

ومن “سمر قند” نسافر إلى “طشقند”، عاصمة أوزبكستان وأكبر مدنها، وأيضا واحدة من أكبر المدن على طول طريق الحرير، وأيضا ميناء على الطريق التجاري القديم من شرق آسيا إلى الإمبراطورية الرومانية، ووضعها كمفترق طرق ثقافي أدى إلى موجات من التغيير.

وأبدع أهالي “طشقند” في العديد من الفنون، ويظهر هذا جليا في “مترو الأنفاق” ذي النقوش البراقة، بعد حظر صوره لمدة 40 عامًا، والذي أصبح سببا كافيا للسائحين -الأجانب والمحليين- للتدفق إلى عاصمة أوزبكستان والنزول تحت الأرض.

“مترو طشقند”، هو أقدم مترو أنفاق في آسيا الوسطى وهو تحفة من الأرصفة المزينة، والأعمدة المزججة، والأنفاق المتلألئة الرائعة والمثيرة للدهشة.

 في عام 1977 بنيت 3 خطوط مترو في العاصمة، وأصبحت أيضًا موقعًا عسكريًا مخصصًا ومأوى للقنابل النووية، ولذلك تم اتخاذ تدابير أمنية صارمة تمنع المدنيين من التقاط الصور، ولكن بمجرد رفع الحظر في يوليو الماضي، أصبح من الممكن للمسافرين التقاط الصور للأعمال الفنية في باطن الأرض.

في إحدى المحطات، يظهر نحت لأحد الطيور، يعلوها قوس مدبب على الطراز العربي، يحتفل بالعام 2200 من وجودها في طشقند، كما تبرز فسيفساء عليها قطن يتفتح، في إشارة إلى واحدة من الصناعات الرئيسية في أوزبكستان، وفي محطة أخرى، تزين زخارف نباتية رائعة لوحات من الأرض إلى السقف.

وتحتفل محطة كوزمونافتلار، التي من المحتمل أنها الأكثر شهرة في طشقند، بالإنجازات العلمية للبلاد مع صور رواد فضاء مشهورين يبرزون من جدران ملوّنة تحاكي أعماق الفضاء الخارجي، يختلط  فيها العناصر السوفياتية بالتأثيرات الإسلامية لخلق جمالية أوزبكية فريدة.

يمثل الرفع الأخير لحظر التصوير الفوتوغرافي تحولا عن “القبضة الحديدية” للرئيس السابق إسلام كريموف، والآن  تأمل إدارة الرئيس شوكت ميرضيايف، المنتخبة في عام 2016، في تشجيع بقية العالم على تقدير الثراء الثقافي لأوزبكستان وتاريخها.

تمثل إصلاحات شوكت ميرضيايف الأخيرة مرحلة جديدة واعدة بعد عقود من الانعزالية والحكم الاستبدادي، وترى الحكومة في السياحة فرصة للنمو، وبرنامج تأشيراتها الجديد هو شهادة على ذلك: إنه يسهل تأشيرات الدخول من كل من الدول الغربية والمناطق المجاورة.

وبينما يأتي معظم زوار طشقند من داخل أوزبكستان، فإن مليوني سائح أجنبي يزورون البلد كل عام.
مدن تشعرك وأنت تتجول فيهها أن التاريخ ماثل بين يديك، وأنها لا تقل شأنًا عن مدن أخرى قدمت للعالم إرثًا حضاريا وإنسانيا لا يقدر بثمن.

“إنه الاختلاف، كان هناك نكهات مختلفة للفن، حيث تتشابه العناصر السوفييتية مع التصاميم الإسلامية القديمة، فالأشكال والزاويّا والحواف الحادة، التي تعبّر عن جمود وعظمة وقوّة الإمبراطورية الروسية، تتصادم مع الخطوط المتعرجة والأشكال الزمرديّة المغرّبة من النمط العربي”، حسبما قال مصور “ناشيونال جيوجرافيك” عاموس شابل.

يقول شابل: على الرغم من وجود مداخل خرسانية ودرابزينات بسيطة، إلا أن المنظر من الداخل يفتن، حيث تتميز الزخارف المصنوعة من الزجاج والسيراميك والبلاستيك والرخام والمعدن والمرمر المصنوع من قبل فنانين محليين، بأنماط وأسلوب فريد خاص بها، وتمت إعادة تسمية العديد من المحطات عندما تم حل الاتحاد السوفيتي في عام 1991 كجزء من عملية “إلغاء التفكيك”.

ربما يعجبك أيضا