بشهادة جورجيو أرماني.. الموضة “تغتصب” نساء العالم

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

نادرا ما يخلو إعلان من المرأة وكأنها العنصر الأهم الناجح في جميع الدعاية، ولكن تحول الأمر إلى استغلال وتسليع لها، سواء كانت الإعلانات صريحة أو تحمل إيحاءات أو لها مدلول جنسي، إلا أن هذا النوع من الاستغلال لم يختف وعلى العكس تطور إلى ما هو أسوأ وتحول إلى الترويج للعنف الجنسي ضد المرأة ، ولم يقف الأمر عند حد الإعلانات بل أيضا في عروض الأزياء العالمية.

اغتصاب النساء

اتهم “جورجيو أرماني” المعروف بأزيائه الرصينة والانيقة صناعة الأزياء “باغتصاب” النساء عن طريق الترويج لاتجاهات ونزعات عامة قصيرة الأجل وتسويقها على أساس الجنس.

قال “أرماني” للصحفيين -على هامش أسبوع الموضة بميلانو- “أعتقد أنه آن الأوان لأن أعبر عما أفكر فيه، النساء ما زلن يتعرضن للاغتصاب من قبل المصممين”.

وأضاف أرماني: “لو أن سيدة تسير في الشارع ورأت إعلانا فيه امرأة بصدر ومؤخرة على مرأى من الجميع وتريد أن تكون مثلها، فهذه طريقة لاغتصابها.. يمكنك اغتصاب امرأة بعدة طرق، إما بإلقائها في قبو أو عن طريق اقتراح أن ترتدي ملابس معينة”.

وأكمل: في عرضي تنورات قصيرة وطويلة وسراويل واسعة وضيقة، لقد منحت أقصى قدر من الحرية للنساء اللائي يمكن أن يستخدمن كل الخيارات الممكنة إذا كانت معقولة.

في المقابل منذ سنوات شهدت عروض دور الأزياء العالمية دخول خط جديد من الأزياء والتي تعرف بـ”الأزياء المحتشمة” والتي كانت موجودة من زمن بعيد، إلا أن هذا النوع من الأزياء بات يحظى باهتمام بالغ لدى المصممين العالميين كونه أصبح خيارا جديدا لتلبية احتياجات المرأة العصرية، وبخاصة بعد دخولها لمجالات أوسع في الحياة وسوق العمل في السنوات الأخيرة.

خط الأزياء الجديد شهد انتشارا كبيرا لدى كبرى دور الأزياء حتى أصبحت تتبنى هذا النوع من الأزياء لتصبح عبارة ” الأزياء المحتشمة” أو “modest fashion” من الأكثر بحثا في محرك البحث “جوجل” لدى مستخدمي الإنترنت.

وقد تم تعريف “الموضة المحتمشة” بـ”مجموعة من الملابس الفضفاضة والمريحة التي تغطي الجسم مع إظهار أقل ما يمكن منه”، واختيار هذا النمط، هو بمثابة رسالة تبعثها النساء لأسباب مختلفة، سواء لعدم الاكتراث بالمظهر الخارجي وبدل ذلك إثبات النفس بقوة الذكاء والشخصية، أو لسهولة الحركة التي تمنحها هذه الموضة، أو حتى لقناعات متعلقة بالعيش المستدام وعدم شراء الملابس ذات العمر القصير.

وهي تناسب المرأة التي ترغب بأن تكون متحفظة في ملابسها لأسباب شخصية أو عقائدية، وليس من الضروري أن تكون محجبة.

المرأة ليست سلعة

في يناير 2016 انطلقت حملة “المرأة ليست سلعة” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وامتدت إلى جميع مواقع التواصل الاجتماعى أطلقتها امرأة تعمل هي أيضًا في مجال الإعلانات التجارية، وحسب موقع “ذا وول ستريت جورنال”، فإن “مادونا بادجر” مؤسسة الحملة هى المدير التنفيذى لوكالة إعلانية معروفة تقوم بحملات إعلانية للعديد من العلامات التجارية الشهيرة منها “كالفن كلاين”.

وأطلقت “مادونا” الحملة بهدف زيادة الوعى بشأن مخاطر مثل هذه الإعلانات على المرأة وما تتسبب به من تقليل احترام الذات والثقة بالنفس، وتقول: “أنا أحب عملي وأحب النجاح به ولكن يمكننا دائمًا أن نفعل هذا بدون الإضرار بالناس”.

وضمن فعاليات الحملة، أطلقت “مادونا” فيديو بالغ القوة يظهر الكثير من الإعلانات التي تقدم النساء بصورة موحية جنسيًا من أجل الترويج للعديد من المنتجات، حتى المنتجات مثل الطعام والمشروبات التي لا علاقة لها بالمرأة، ويختتم الفيديو بعبارة قوية تقول: “أنا أمك، وأختك، وزوجتك وابنتك وزميلتك في العمل ومديرتك.. لا تتحدث إلىّ بهذه الطريقة”.

يقول “نضال البشراوي”، صاحب وكالة Nidal’s Agency لعارضات الأزياء في لبنان، بأن “عين المشاهد هي التي ترى.. وهو بحاجة ليرى صورة جميلة” متسائلا “أين المشكلة إذا استعملت المرأة جمالها بالمكان الصحيح؟ الجمال شيء أساسي بهذه المهنة”.

مراقبة الآخرين

حسب بحث أجرته “هانا نوريس” الباحثة الأمريكية فإن هناك العديد من الإعلانات التي تصور الاغتصاب الجماعي وقتل النساء والعنف المنزلي، وتستغل هذه الإعلانات العنف ضد المرأة لترويج العديد من المنتجات بدءًا من معجون الأسنان إلى الملابس والأحذية.

وفي هذه الإعلانات يظهر الرجال دائمًا كمعتدين، أما النساء فيظهرن في الموقف الأضعف، وفي بعض الإعلانات يظهرن مبتسمات وكأنهن يرحبن بالعنف.

حذرت الباحثة من التأثير الخطير لهذه الإعلانات، مستندة إلى نظرية التعلم الاجتماعي “باندورا” التي تقول إن البشر يتعلمون من خلال مراقبة الآخرين، وأنهم يقلدون ما يرونه من الآخرين وما يرونه حولهم، وأشارت إلى أن باحثين يعتقدون أن التعرض للعنف الجنسى ضد المرأة في الإعلانات يجعل أفعالاً مثل الاغتصاب والمطاردة للمرأة سلوكيات مقبولة بالنسبة لمن يتعرضون لهذه الإعلانات.

“توم فورد – جيمى تشو – دولتشى آند جابانا – كالفن كلاين”،  وغيرها من أكبر العلامات التجارية التي تستهدف بالأساس النساء تورطت في إعلانات تكرس للعنف الجنسي ضد المرأة، والتي وصلت إلى حد إعلان لكالفين كلاين يروج للاغتصاب، هذه الإعلانات أثارت الكثير من الضجة ضد هذه العلامات، واضطرت بعضها إلى سحبها لكن هذا لم يعني أبدًا اختفاء هذه الفكرة والمفهوم من عالم الإعلانات.

الأزياء المحتشمة رابحة

أصبح هذا النوع من الأزياء بمتناول جميع الراغبات من السيدان باقتنائه، حيث سارعت كبر دور الأزياء والمتاجر بإطلاق هذا النوع من الأزياء، منها دار DKNY التي أطلقت مجموعتها الخاصة في 2014، والتي لاقت رواجا كبيرا، لتقوم دار H&M في عام 2015، باختيار عارضة مرتدية الحجاب لتكون وجهها الإعلامي لحملتها حول هذا النوع من الأزياء.

كما خصصت دار Dolce & Gabbana، مجموعة من العباءات في موسم ربيع 2016، وفي العام 2017، قدّمت مصممة الأزياء الإندونيسية Anniesa Hasibuan عرضا خاصا بالمحجبات خلال أسبوع الموضة في نيويورك.

ليصبح أسبوع “الموضة المحتشمة” في لندن حدثا سنويا يشكل منصة عالمية مبتكرة لمصممين مبتدئين في هذا المجال من الأزياء، لمنحهم فرصة أكبر للتطور ودخول هذا المجال.

أنفق المستهلكون المسلمون 264 مليار دولار على الملابس في عام 2016، ذلك وفقا لتقرير الاقتصاد الإسلامي العالمي، في الوقت الذي تنبأ فيه المؤشر أنه بحلول عام 2020، قد تبلغ قيمة هذه السوق أكثر من 293 مليار دولار أمريكي.

ربما يعجبك أيضا