2017.. مقصلة أردوغان وترسيخ الحكم المطلق

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد مرور عام ونصف على محاولة الانقلاب على النظام في تركيا، لا تزال آثاره السلبية مستمرة حتى الآن، فخلال العام 2017 شهدت البلاد توترًا داخليًا بسبب حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها نظام أردوغان ضد جنرالات الجيش والقضاة والصحفيين ومعارضيه عموما، وارتفعت الانتقادات بشأن تقويض الحياة السياسية مع تغيير نظام الحكم إلى رئاسي للتفرد بالسلطة.

اعتقالات

منذ 2017، اعتقلت السلطات أكثر من 50 ألف شخص، بينهم 169 جنرالا، و7098 ضابطًا، و2431 موظفًا قضائيًا، و24 محافظًا، ومع نهاية العام ارتفعت الأرقام لتشمل آلاف آخرين، وقامت السلطات بتسريح ما يزيد عن 100 ألف موظف، وشملت الحملات موظفين حكوميين وقضاة وإعلاميين وعناصر من الجيش والشرطة وغيرهم، بتهمة الانتماء إلى  جماعة زعيم المعارضة فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب.

وطالت الحملات العاملين المستقلين في المجال الحقوقي، وثلث الصحفيين، والعاملين في المجال الإعلامي، والمسؤولين التنفيذيين في المهنة يقبعون في سجون تركيا، علماً بأن أغلبية كبيرة منهم ينتظرون تقديمهم إلى المحاكمة، في الوقت الذي يواجه الباقون الترهيب والمضايقة والرقابة، بحسب ما ذكرت منظمة “العفو” الدولية.

وشن أردوغان أكبر عملية تطهير ضد المعارضة، ففرض حالة الطوارئ، ووسع صلاحياته ضمن التعديلات الدستورية الأخيرة، لتضم تعيين القضاة وإمكانية عودته لقيادة الحزب الحاكم، مع إلغاء منصب رئيس الوزراء وسحب الرقابة على الوزراء من البرلمان، متيحا لنفسه البقاء في الحكم حتى 2029.

وصاحبت هذه الإجراءات موجة إدانات حقوقية ودولية، دفعت كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري إلى اتهام أردوغان بالسعي إلى التفرد بالحكم ووصفه بـ”الديكتاتور والمستبد”.

انتهاكات حقوق الإنسان

خلال العام 2017 وقعت عدة انتهاكات داخل البلاد نرصد منها:

–  ففقد 36 شخصًا حياتهم وأصيب 12 آخرون بحجة عدم التزامهم بأوامر قوات الشرطة.

–  فَقَد 695 شخصًا حياتهم بسبب الصراعات المسلحة بينهم 183 جنديًا وشرطيًا وحارسًا، و 460 مسلحًا، و52 مدنيًا، فيما أصيب لسبب نفسه 310 أشخاص بينهم 282 جنديًا، وشرطيًا وحارسًا و 28 مدنيًا.

–  نتيجة لتصادم مدرعات تابعة لقوات الأمن، فقد 23 شخصًا حياتهم بينهم 6 أطفال، كما أصيب 46 آخرون.

–  وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان التركية اشتكى هذا العام نحو 570 شخصًا من تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة ورفعوا قضايا بشأن ذلك، وصرح 328 مُدعِيًا بأنهم تعرضوا للتعذيب والمعاملة السيئة مرة أخرى في نفس العام.

–  خلال هذا العام اعتقل 423 شخصًا وتعرضوا للضرب وغيره من أساليب التعذيب، وهناك 2278 شخصًا آخرون تعرضوا للتعذيب والمعاملة القاسية في المظاهرات والتجمعات التي تدخلت فيها قوات الأمن.

–  بحلول نوفمبر بلغت أعداد المعتقلين في السجون  230735 شخصًا، ووفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء التركي، فاق مجموع الأشخاص المعتقلين في السجون عدد السكان في 13 مقاطعة تركية لعام 2016 .

–  رصد شكاوى عدة حول منع المرضى المعتقلين والسجناء من تلقي العلاج، بل وحرمانهم من الاستفادة بحقوقهم التي تكفلها لهم القوانين والدساتير، وتمتلئ السجون بـــ 1037 شخصًا مريضًا بينهم 361 شخصًا في حالة حرجة، ومن الناحية الإنسانية والقانونية هناك 361 سجينًا في حالة خطرة وحرجة يجب إخلاء سبيلهم في أسرع وقت.

–  حسب تقرير حقوق الإنسان، فقد 8 سجناء حياتهم في السجون خلال الثمانية أشهر الأخيرة، وتعرض 367 سجينًا على الأقل للتعذيب والمعاملة السيئة، ونقل قسرًا 605 سجناء من سجونهم إلى سجون أخرى،  ورُصد انتهاك الحقوق الصحية لـ 35 سجينًا، وبلغت حالات الاختفاء القسري 14 حالةً.

حرية التعبير

إلى ذلك، تدهور احترام حرية التعبير تدهورًا حادًا خلال العام، فبعد إعلان حالة الطوارئ، تم اعتقال وحبس أكثر 152 صحفيا حبساً احتياطياً تمهيداً لمحاكمتهم، وتم إغلاق عدد 184 من دور الإعلام تعسفًا، وفرضت قيود مُشددة على وسائل إعلام المعارضة، وتم إغلاق مقار 375 منظمة غير حكومية ، بما في ذلك الجمعيات المُدافعة عن حقوق المرأة، ورابطات المحامين، والمُنظمات الإنسانية، وتم تعليق الحق في التظاهر الجماعي والمسيرات.

–  في مارس، أصدرت إحدى محاكم أنقرة قرارا بتعيين واصيا على مجموعة “زمان الإعلامية” المُعارضة، على خلفية تحقيق يتعلق بالإرهاب.

–  في مايو، أُدينَ تشان دوندار، رئيس تحرير صحيفة “جمهوريت”، والمُراسل اليومي للصحيفة في مدينة أنقرة، ارديم غول بتهمة “إفشاء أسرار الدولة”، وحُكِمَ على كليهما بالسجن لمدة خمس سنوات وعَشرة أشهر.

–  في أغسطس، أغلقت الشرطة مقر صحيفة” أوزغور غونديم “اليومية الكردية، على خلفية تحقيقات ذات صلة بالإرهاب.

–  في أكتوبر، اعتُقل عشرة صحفيين آخرين، وحبسهم حبساً احتياطياً، تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة ارتكابهم جرائم بالنيابة عن كُلٍ من منظمة غولن الإرهابية، و”حزب العمال الكردستاني”، كما تم إغلاق مقر صحيفة “أوزغور غونديم” بشكلٍ دائمٍ، بالإضافة إلى مقار وسائل الإعلام الوطنية الكبرى ذات التوجه الكردي.

وقالت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين – في تقريرها السنوي – إن عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم سجل رقما قياسيا خلال 2017، وكان لتركيا النصيب الأكبر من عدد الصحفيين المعتقلين، مضيفة من المؤسف أن نرى تركيا وقد وُضع على موقعها في الخريطة دائرة حمراء كبيرة نسبيا، كما تعد إحدى الدول القليلة التي تسجن صحفيين أجانب، جنبا إلى جنب مع ميانمار والصين وإريتريا وفنزويلا وروسيا.

ربما يعجبك أيضا