حين يكون الوهم أخطر من الفيروس!

نرمين توفيق

بقلم – د. نرمين توفيق

في الأسبوعين الماضيين مررتُ بتجربة قاسية مع دور برد شديد للغاية، كنت أظنه كورونا، رغم أن الأعراض كانت تفيد أنه برد أكثر من كونه كورونا، خاصة وأنني ملتزمة بارتداء الكمامة.. فالرشح والعطس موجود، ولم أفقد التذوق ولا الشم، ولا توجد مشكلة في التنفس.. غير أن المناخ العامّ وزيادة إصابات كورونا جعلتني أشك أكثر في أنني أصبت بالفيروس.

بدأتُ في أخذ الفيتامينات والتعامل على أنه كورونا.. كنتُ في حالة رعب من أنني قد أكون مصدر عدوى لمن حولي من أسرتي وخاصة أمي.. فأدى التوتر والخوف إلى زيادة التعب في جسدي الذي لم أكن أشعر به على مدى أكثر من 10 أيام، وكنت منهكة بصفة مستمرة.

ورغم تأكيدات صديقتي الطبيبة على أهمية الحالة النفسية في تقوية مناعة الجسم لمواجهة أي مرض، وأن التوتر أخطر من المرض إلا أنني لم استطع دفع الأوهام عني.. فماذا لو تدهورت حالتي أكثر ولم أستطع التنفس؟ ماذا لو لقطت والدتي مني العدوى لا قدر الله؟ كيف أكون سببًا في إيذاء أعز الناس على قلبي؟!.

هذا التفكير المستمر أدى إلى دخولي في حالة هبوط حادة ذهبتُ على إثرها إلى إحدى المستشفيات فجرًا لعمل الأشعة المقطعية، النتيجة جيدة جدا ولا مشاكل بأي شيء سوى انخفاض كبيرٍ للضغط، رجعتُ إلى المنزل لكني لا أشعر بالتحسن.. وهكذا أيام وأيام أخشى لمس ومسّ أي شيء، أقوم بتطهير كل شيء ألمسه.. أدعو الله كثيرًا أن يشفيني، وألا يجعلني سببًا في إيذاء من حولي.

وبعد 10 أيام جاءت نتيجة المسحة سلبية بفضل الله، ورغم أني قبل ظهور المسحة كنت أشعر بالتعب والإنهاك والخمول، لكن ما هي إلا ساعات قليلة بعد معرفتي أنني لست مريضة بالكوفيد حتى تخلص جسدي من آلامه النفسية، ونفض عنه غبار الوهم وتحسنت حالتي، ومن ثَمّ أيقنتُ بالفعل أن الوهم مؤذٍ أكثر من المرض، وأن ما عانيته من تعب بدني في هذا الدور من الممكن أن يكون أكبر من آلام كورونا؛ لذا ومن خلال هذه التجربة أوصي كل مريض بالحفاظ على حالته النفسية وعدم الاستسلام لمثل هذه الأوهام.

وأخيرًا أشعر بالامتنان كثيرًا لأهلي وأصدقائي وكل الذين يدعموننا في مثل هذه الظروف الصعبة، وأدعو الله أن يرفع هذا الوباء عنا، ويحفظ بلادنا والناس جميعا منه.. وأرجو من الجميع البعد عن التجمعات والالتزام بالإجراءات الاحترازية، خاصة ارتداء الكمامة.. حفظ الله الجميع من كل سوء وشر.

ربما يعجبك أيضا