ملالي «قم وطهران» يهددون أذربيجان بمناورات «فاتحو خيبر»

محمود سعيد
الحرس الثوري الإيراني

رؤية – محمود سعيد

“فاتحو خيبر”.. هو الاسم الذي اختاره النظام الإيراني للمناورات العسكرية التي جرت قرب حدود دولة أذربيجان، وهو ما استغربته اذربيجان ، حيث لم تقم إيران حليفة أرمينيا بتلك المناورات أثناء احتلال ارمينيا لإقليم قره باغ الأذري، واتهم رئيس أذربيجان، إلهام علييف، إيران، بـ عدم احترام سيادة بلاده، وذلك على خلفية دخول شاحنات إيرانية عسكرية إلى قره باغ الأذرية خلال مناورة عسكرية إيرانية.

الحرس الثوري الإيراني كان قد حذر العام الماضي من أن طهران “لن تسمح بإنشاء قواعد لإسرائيل قرب حدودها” في إشارة لتعاون عسكري بين أذربيجان وإسرائيل.

والغريب أن النظام الإيراني الذي يعتبر تهديد اذربيجان له كتهديد “خيبر”، يتغافل من أن الصحابة الكرام قاتلوا لشهر كامل لاقتحام 5 حصون في خبير قبل استسلام الحصون الـ3 الأخيرة، في حين أن أذربيجان لم تهدد إيران ولا يمكنها تهديدها أصلا للفارق الهائل بين البلدين في التسليح وفي عدد السكان، ومع هذا فخامنئي وقادته يعتبرون اذربيجان “عدو”.

الغضب الأذري

فيما قال الرئيس إلهام علييف إن بلاده رصدت عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة دخول شاحنات إيرانية إلى قره باغ، وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد “دخول شاحنات إيرانية بطريقة غير قانونية” إلى المنطقة، مشيرا إلى أنه رغم إعراب باكو عن غضبها للطرف الإيراني، “هذا الأمر قد تواصل”، ولفت علييف إلى أن إيران سعت لتمويه الشاحنات الإيرانية عبر إلصاق لافتات أرمنية عليها.

وختم بالقول: إن “سلوك أذربيجان وإجراءاتها كانت على أساس العلاقات الودية، حيث شهدت المرة الأولى التحذير الشفهي، والمرة الثانية مذكرة رسمية، فيما شهدت المرة الثالثة نشر نقاط التفتيش وقوات حرس الحدود والجمارك والشرط، مما أدى إلى توقف وصول الشاحنات من إيران”.

مناورات مثيرة للدهشة

كما تطرق علييف إلى المناورات العسكرية التي أجرتها إيران مؤخرا بالقرب من الحدود الأذربيجانية، ووصفها بأنها “مثيرة للدهشة” حيث لم تكن هناك مناورات مثلها على مدى السنوات الثلاثين الماضية عندما كانت أرمينيا تسيطر على الإقليم.

وقال: “من حق أي دولة إجراء مناورة عسكرية داخل أراضيها، فهذا حق سيادي لها، ولكن السؤال هنا لماذا أُجريت هذه المناورة الآن، ولماذا على حدودنا؟ هذا ليس سؤالي، وإنما سؤال يطرحه المجتمع الأذري وجميع الأذريين في جميع أنحاء العالم. لماذا لم يجروا مناورات في هذه المنطقة في سنوات الاحتلال” في إشارة إلى سيطرة القوات الأرمنية على معظم إقليم قره باغ منذ العام 1992 وحتى الحرب الأخيرة في الخريف الماضي.

العلاقات الإيرانية – الأذرية

ورغم أن نصف سكان أذربيجان أو يزيد كما في بعض الإحصائيات الأخرى (60%) هم من الشيعة، إلا أن علاقاتهم بإيران متدهورة إلى حد كبير، بسبب وقوف إيران إلى جانب أرمينيا في الحرب التي دارت بينهما قبل 3 عقود في إقليم قره باغ حيث معركة التنافس الجيوسياسي على هذه المنطقة الاستراتيجية.

إيران حينها وقفت مع أرمينيا، لأنها تعلم حلم الآذر في تشكيل جمهورية واحدة تضم مقاطعات أذربيجان الجنوبية والغربية التي تحتلها إيران، كما أن نقمة أصحاب العرقية الأذرية على الحكومة الإيرانية وصلت إلى حد خروج الآلاف منهم في مظاهرات ضخمة دعما لحرب أذربيجان لاستعادة قره باغ ، واحتجاجا على الأنباء التي وثقتها مقاطع مرئية وأظهرت إدخال شاحنات عسكرية من إيران إلى أرمينيا.

ومع أن القانون الدولي يؤكد أن إقليم “قره باغ” جزءا من أذربيجان، لكن إيران وقفت ضد أذربيجان.

سلطات اذربيجان عملت كذلك على منع الاختراق الإيراني وتصدير الثورة، وبالفعل نجحت إلى حد كبير في ذلك، وهو ما زاد من الحنق الإيراني عليها، خصوصا أن صعود أذربيجان وقوة اقتصادها ودخولها على خط تصدير الغاز واستقرار نظامها السياسي سبب مشكلات كبيرة لإيران، منها مشكلة العرقية الأذرية في الداخل الإيراني.

فالقومية الأذرية قوية للغاية داخل إيران ولكن لها الفضل في إسقاط نظام الشاه بسبب قوة تأثيرهم داخل المجتمع الإيراني وداخل الحوزة العلمية في قم، وهم يشكلون ثاني أكبر قومية في إيران ويبلغ تعدادهم قرابة 28 ميلون نسمة، بل كان منها في التاريخ إسماعيل الصفوي ودولته الصفوية، الذي نشرت التشيع بالقوة بين الشعوب الإيرانية، وهم اليوم يرفضون النظام الإيراني بشكل واسع.

فيما كشف الأمين العام السابق لمليشيا “حزب الله” اللبناني صبحي الطفيلي سبب عدم وقوف إيران إلى جانب أذربيجان في حربها ضد أرمينيا، رغم أن كلا البلدين “مسلمين” وأكثر سكانهما من “الشيعة”.

وقال الطفيلي (وكان وقتها أمينا عاما لمليشيا “حزب الله”) إنه سأل وزير الخارجية الإيراني، عام 1992م عن سبب وقوف إيران إلى جانب أرمينيا رغم “أن الحق والدين والجيرة يدعوان للوقوف إلى جانب أذربيجان”، فقال الوزير الإيراني بأن “إيران لا تقف إلى جانب أذربيجان، لأنها تريد أن تمنع تواصل مع الجمهورية الناطقة بالتركية بعضها البعض”.

الأكاذيب الإيرانية

أما الخارجية الإيرانية فعبرت عن استغراب طهران مما جاء في تصريحات إلهام علييف وقالت إنها تستغرب “إطلاق التصريحات بهذا الأسلوب في ظل وجود علاقات طيبة وقائمة على الاحترام بين طهران وباكو والمسارات الطبيعية للعلاقات بين الطرفين قائمة في أعلى المستويات”، وتابعت أن “الاستعراض العسكري الذي قمنا به في المنطقة الحدودية في شمال غرب البلاد تعتبر قرارا سياديا تم اتخاذه لضمان أمن واستقرار المنطقة برمتها”، وقالت: “من الواضح أن إيران لا تتحمل أي تواجد عسكري إسرائيلي على حدودها ولو كان استعراضيا وستقوم بكل ما يلزم للدفاع عن أمنها القومي”.

ربما يعجبك أيضا