قوارب المهاجرين تصعد التوترات بين المملكة المتحدة وفرنسا

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

أدى مقتل 27 شخصًا يوم 25 نوفمبر 2021  على الأقل في القناة الإنجليزية إلى تأجيج التوترات بين المملكة المتحدة وفرنسا حول كيفية منع المهاجرين من عبور أكثر طرق الشحن ازدحامًا في العالم على متن قوارب صغيرة. على الرغم من تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنهما “سيفعلان كل ما هو ممكن” لمنع مهربي البشر من تعريض الأرواح للخطر ، يلقي السياسيون على جانبي القناة باللوم بالفعل على نظرائهم لفشلهم في منع حدوث المأساة .

أعرب مسؤولون بريطانيون عن إحباطهم لأن فرنسا رفضت عرضهم بتعزيز إنفاذ القانون على طول ساحل القناة من خلال إرسال ضباط إنفاذ القانون البريطانيين للقيام بدوريات مشتركة مع الشرطة الفرنسية. لكن ماكرون قال إن بلاده بحاجة إلى “شركاء أكثر مسؤولية” في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

قمة أوروبية طارئة

خلال قمة طارئة عقدت في بلدة كاليه الفرنسية يوم 28نوفمبر 2021 اتفقت فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا على اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد عصابات تهريب الأشخاص العاملين في القنال الإنكليزية  بحر المانش. وفي بيان مشترك، توافقت الدول الأربع على “تعزيز تعاونها عمليا” ضد عمليات التهريب و”تحسين التعاون المشترك مع المملكة المتحدة”. وطلب وزير داخلية فرنسا من بريطانيا إنشاء قنوات هجرة شرعية للاجئين وعدم تسهيل عثورهم على عمل باقتصاد الظل. 

وكان هناك اجتماع أوروبي في “كاليه ” الفرنسية يوم 28 نوفمبر 2021من  أجل تعزيز مكافحة “شبكات المهربين”، لكن من دون البريطانيين الذين استبعدتهم فرنسا.  وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان مفتتحا الاجتماع إن “النقطة الأكثر أهمية في هذا الاجتماع هي مكافحة المهربين انطلاقا من حدودنا وبلداننا”. وأضاف في حضور وزراء ألمانيا وهولندا وبلجيكا المكلفين شؤون الهجرة في مقر بلدية كاليه إن “المشكلة أوروبية وبريطانية. الظاهرة تستمر في الاتساع وخصوصا منذ بريكست”. ويحضر اللقاء أيضا المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يفلا جوهانسون ورئيسا وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) وفرونتكس. 

وكالة فرونتكس

استفادت “وكالة فرونتكس” من استثمارات الاتحاد الأوروبي المالية في الطائرات المسيرة “درونز”. ومن برامج فرونتكس تدريب قوات حرس حدود الدول الأعضاء وكذلك من خارج الاتحاد، لتحسين كفائتها في الحد من تدفق اللاجئين إلى قارة أوروبا  والمساعدة على ترحليهم إلى بلدانهم الأصلية. وتتوافر قوة دائمة لتحسين حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في ظل الهجرات غير الشرعية منذ عام 2027، والمكونة من (10) آلاف عنصر بين حرس حدود وخفر سواحل سلطات لمراقبة وحماية الحدود الخارجية لمساندة الدول التي تواجه تدفق المهاجرين. وتضم القوة الدائمة(5) آلاف عنصر عام 2021، قبل أن يزداد عديدها تدريجيا. ويكون بمقدور عناصر حرس الحدود “التحقق من وثائق الهويات الشخصية، التصريح بالدخول أو رفض الدخول إلى نقاط عبور حدودية، ختم وثائق السفر، تسيير دوريات عند الحدود وتوقيف الأشخاص الذي يعبرون حدودا بصوة غير شرعية”. 

تزايد أعداد المهاجرين عبر “المانش”

وصل أكثر من 1000 شخص في يوم واحد خلال شهر نوفمبر 2021  إلى بريطانيا  وللمرة الأولى عبر بحر المانش، حيث  وصل  بريطانيا أكثر من 25000 شخص  عبر القناة هذا العام حتى الآن ، لكن هذا الرقم لا يمثل  قصة عبور القناة الإنكليزية. تقارير بريطانيا كشفت طلب ما يقرب من 45000 شخص اللجوء في المملكة المتحدة في خلال عام 2020 . لذا ، فإن عدد الذين يعبرون القناة في القوارب هو ويصلون بريطانيا، هو أقل من نصف طلبات اللجوء التي تتلقاها فرنسا.  يذكر هناك حوالي 3700000 نازح سوري في تركيا استقبلت المملكة المتحدة أقل من 1٪ من هذا العدد من خلال إعادة التوطين أو اللجوء من سوريا منذ 2014.

ومنذ نهاية العام 2018، ازدادت عمليات العبور غير القانوني لقناة المانش من مهاجرين يسعون للوصول إلى المملكة المتحدة رغم التحذيرات المتكررة من السلطات في ضوء الخطر المرتبط بكثافة حركة المرور والتيارات القوية ودرجة حرارة المياه المنخفضة. وعام 2020، سجلت أكثر من 9500 عملية عبور أو محاولة عبور مماثلة، أي أكثر بأربع مرات من العام 2019 وفقا لتقرير صادر عن الإدارة البحرية . وتضاعفت محاولات عبور بحر المانش في الأسابيع الأخيرة ومنذ 23 ديسمبر 2020 حيث أنقذت السلطات البريطانية أو الفرنسية حوالى مئة شخص في البحر. وينطوي عبور المانش بزوارق صغيرة على خطورة بسبب كثافة النقل البحري والتيارات القوية وبرودة المياه. 

وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور المانش على متن مراكب صغيرة. وقال وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد إن الوضع تحول إلى “حدث خطير”. وأكد جاويد  يوم 28 نوفمبر 2021 مع وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير على تعزيز التعاون بين بلديهما لمواجهة محاولات عبور المانش واتفقا على “خطة تحرك معززة” ستطبق في الأسابيع المقبلة.

خطة بريطانية فرنسية جديدة

وتقضي هذه الخطة بزيادة عدد دوريات المراقبة وتحركات لكشف عصابات تهريب المهاجرين وتوعية اللاجئين بالمخاطر التي ينطوي عليها عبور بحر المانش. وسيقوم بتنفيذ هذه الإجراءات مركز التنسيق والمعلومات الفرنسي البريطاني، الذي يتخذ مقراً له في كوكيل بالقرب من كاليه بشمال فرنسا.

تلعب عوامل الدفع والجذب المزعومة دوراً مهماً في سياسة الاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بمناقشة كيفية الحد من الهجرة  فبينما تشير عوامل الدفع إلى الظروف التي “تدفع” بالأشخاص بعيداً عن بلدانهم الأصلية، مثل الحروب أو الكوارث البيئية، تصف عوامل الجذب كل ما “يجذب” هؤلاء الأشخاص أو ما يخلق حوافز لديهم للوصول إلى أوروبا.

بات ضروريا تأمين ممر آمن للأشخاص الذين يواجهون صعوبات من أجل تجنب مآس إنسانية جديدة.

ربما يعجبك أيضا