الصحافة الفرنسية| حملة دبلوماسية إسرائيلية ضد طهران.. وخريطة إرهابية متغيرة في العام الجديد

ترجمات رؤية

رؤية

ترجمة – فريق رؤية

فرنسا واحتمالية إطلاق مبادرة واسعة من أجل فلسطين

أبرزت جريدة “لوهومانيتيه” الفرنسية محاولات إعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط؛ فمع الاستعداد لرئاسة فرنسا مجلس الاتحاد الأوروبي بحلول العام الجديد، دعا أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الشيوعي الفرنسي، حكومتهم إلى إعادة إطلاق الحوار في الشرق الأوسط.

وتهدف المبادرة التي ناقشها البرلمانيون الأسبوع الماضي إلى ضمان إعادة إطلاق فرنسا وأوروبا للحوار في المنطقة، ومن جانبه دافع “بيير لوران”، من الحزب الشيوعي الفرنسي ونائب رئيس مجلس الشيوخ، عن مشروع قرار يطالب الحكومة الفرنسية بإطلاق مبادرة أوروبية لصالح عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا يأتي اختيار هذا التاريخ من قبيل الصدفة، ففي يناير المقبل، ستتولى فرنسا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر؛ ما سيمنح للبلاد وزنًا دبلوماسيًّا أقوى، ومن المرجح أن تعمل على حث الاتحاد الأوروبي لاستعادة عملية السلام التي تجمدت تمامًا بانتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة قبل خمس سنوات.

ومن خلال النص الذي تقدم به أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الشيوعي، أشاروا إلى أن الأمر لم يقتصر على توقف عملية السلام عن التقدم على النحو المطلوب، بل ساء إلى حد كبير؛ بل إن الوضع بات ينحدر متجهًا نحو الدخول في مأزق مأساوي. فمحادثات السلام اختفت تمامًا ولن يحدث أي تقدم إيجابي دون مبادرات دولية جديدة.

وكان دونالد ترامب قد قرر بعد توليه مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، في تحدٍّ صارخ لقرارات الأمم المتحدة، كما أبرم أيضًا “صفقة القرن” الخاصة به، والتي كانت نتاجًا لحوار بين الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية، وفي غياب الفلسطينيين، كما خفّض ترامب أيضًا مساهمة بلاده في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأوسط إلى النصف، وهذه “الصفقة” شرّعت فعليًّا لإسرائيل استعمار وضم 70٪ من الأراضي الفلسطينية وفقًا لحدود عام 1967.

تسارع الأعمال الاستعمارية

وحلّ “جو بايدن” محل دونالد ترامب في البيت الأبيض، لكن لم يتم استئناف أي حوار لإيجاد حل لهذا الصراع، وأخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد “نفتالي بينت” يسرّع في عمليات استعمار الأراضي الفلسطينية. وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الشيوعي أنه بسبب العنف والترهيب ورفض منح تصاريح البناء، يتعرض السكان الفلسطينيون بشكل متزايد لعمليات الإخلاء القسري وهدم منازلهم وبنيتهم ​​التحتية، على الرغم من وباء كوفيد -19؛ لذا يرى هؤلاء البرلمانيون أن على فرنسا أن تكون قادرة على لعب دور قيادي في إعادة إطلاق الحوار بهدف تحقيق حل الدولتين”. وأوضحوا في النص الذي تقدموا به أن: “الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من 1 يناير 2022، تتيح فرصة لإعادة إطلاق مبادرة متعددة الأطراف وواسعة النطاق”.

وانضم للتصويت لصالح هذا النص أعضاء مجلس الشيوخ من الأحزاب السياسية الأخرى، ومنهم الاشتراكي “جيلبرت روجر”، الذي بادر من قبل باقتراح قرار يدعو إلى اعتراف فرنسا بدولة فلسطين.  وأوضح السيناتور المنتخب عن دائرة سين سان دوني قائلًا: “أنا مع أي حل، وأي مناقشة تؤدي إلى هذا الاعتراف، وسأدعو نواب الكتلة التي أنتمي إليها للتصويت لصالح هذا القرار”.

ومن المتوقع أن يتبنى أعضاء حزب حماة البيئة موقفًا مماثلًا؛ فمن جانبه، أعلن “ريموند بونسيت مونجي” أن أعضاء الحزب البالغ عددهم 12 عضوًا بمجلس الشيوخ سيصوتون لصالح هذا القرار. فبدلًا من الانتقادات اللفظية الفاضلة، حان الوقت للحكومة لاتخاذ إجراءات، لكن تبقى الحقيقة أن البرلمانيين الذين يستعدون للتصويت على النص المقترح من أعضاء مجلس الشيوخ في الحزب الشيوعي، أقلية، حيث إن اليمين والوسط لا يؤيدون بالضرورة الضغط على الحكومة في هذا الاتجاه.

تداعيات الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط وأفغانستان

أقيمت هذا الأسبوع القمة الأوروبية حول التطرف الإسلامي والتهديد الإرهابي، التي نظمتها شبكة القيادة الأوروبية بالجمعية الوطنية، بالشراكة مع معهد مونتين وصندوق الإبداع السياسي، والتي ناقشت التحديات الجديدة التي يفرضها الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط بشكل عام، ومن أفغانستان بشكل خاص، وفي هذا الإطار أبرزت صحيفة “لوجورنا دي ديمانش” رؤية الخبير الإسرائيلي “يورام شفايتسر” لتلك القمة.

وعمل “شفايتسر” لأكثر من عشرين عامًا في دائرة مكافحة الإرهاب في مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية؛ ما مكّنه من تقديم المشورة لرؤساء وزراء حزب العمل “رابين” و”بيريز” و”باراك”، ومنذ ذلك الحين، يدير العمل المتعلق بالإرهاب الدولي في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وهو مركز أبحاث ذو خبرة مستقل لا غنى عنه في إسرائيل. وفي اليوم التالي لعرضه ومناقشاته مع خبراء دوليين آخرين اجتمعوا تحت سقف الجمعية الوطنية يوم الاثنين الماضي، التقت الصحيفة الفرنسية به لإعطاء مزيد من التوضيح حول الوضع القائم.

وبالنسبة له، يستمر القادة الغربيون في الوقوف على عدة جبهات لمكافحة الإرهاب، وهم في حيرة من أمرهم بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. فمن هي أخطر جماعة إرهابية في المنطقة اليوم؟ لا يتردد يورام شفايتسر في القطع بأن طالبان هي الجماعة الأكثر تسببًا بالضرر لشعبها، لكن على صعيد الخطة الأمنية الصارمة، يظل تنظيم القاعدة وداعش يشكّلان نوعًا من المنافسة لتلك الجماعة التي عارضتهما في العراق وسوريا والساحل، وليس بالضرورة من أجل الاستيلاء على السلطة من طالبان ولكن للبقاء بديلًا لها، وللحفاظ على وجودهما في أفغانستان الذي يسمح لهما قبل كل شيء، بالتألق في المنطقة.

إيران.. حالة خاصة جدًّا

كيف يمكن معرفة ما إذا كانت داعش ستكون قادرة، على سبيل المثال، على تنفيذ هجمات بسهولة أكبر خارج الحدود الأفغانية والذهاب إلى ضرب حلفاء القوى الغربية أو شركاء روسيا؟ يقول ضابط المخابرات السابق: من الصعب اليوم مراقبة الساحة الأفغانية منذ الانسحاب الأمريكي. لكن الوسائل الجديدة للحصول على المعلومات عن بعد نشطة للغاية، في إشارة إلى الأقمار الصناعية بالطبع، وأيضًا إلى عمليات الاعتراض الإلكتروني والطائرات بدون طيار وربما إلى مواقع التصنت الثابتة التي تركها الأمريكيون والحلفاء الآخرون وراءهم. ويشير “شفايتسر” أيضًا إلى عمل أجهزة الدول الأخرى في المنطقة التي تحافظ على تعاون نشط مع الولايات المتحدة وإسرائيل والأوروبيين في مجال مكافحة الإرهاب، مثل قطر والإمارات وباكستان، وبدرجة أقل روسيا والصين. ولتحسين معرفتهم بالأوضاع على الميدان، سيعتمد الكثيرون على عودة الغربيين وإعادة فتح سفاراتهم، لا سيما مع عدم وجود ما يمنع طالبان من القبول بهذا الأمر في ظل رغبتهم في الاعتراف بشرعيتهم.

ويعتقد الخبير الإسرائيلي على أي حال أن الدول المجاورة لأفغانستان، الصين وروسيا وإيران وباكستان والهند وطاجيكستان وأوزبكستان، تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة الآن. وسيتعين عليهم التحسب لاحتمالية تسامح طالبان مع تواجد المنظمات الإرهابية على الأراضي الأفغانية والتأكد من أن مثل هذا النشاط الإرهابي لا يسعى للبحث عن مناطق احتياطية أو لشن هجمات على المناطق المتطرفة من أراضيهم.

ومن وجهة النظر هذه، تعدّ إيران حالة خاصة للغاية؛ حيث يبتسم “شفايتسر” عندما استمع لفرضية مشاركة إسرائيل وإيران في مكافحة نفس العدو وهو: داعش. وإذا كانت إيران قد اعترفت بأن الميليشيات الشيعية في العراق قد عملت على القضاء على داعش، فذلك فقط من أجل ممارسة ضغط أكبر على الحكومة المركزية من أجل مواصلة اعتمادها على طهران. ومن ناحية أخرى، أوضح أن حزب الله الموالي لإيران يريد حقًّا القضاء على داعش في سوريا.

ويرى أن دخول حزب الله إلى الحرب في سوريا كان يهدف بكل أكبر إلى إنقاذ نظام بشار الأسد، من خلال محاربة تمرد الجماعات السنية من جميع المذاهب، وذلك بهدف استمرار “تشيع” البلاد والإبقاء عليها ضمن القوس الشيعي في المنطقة الذي يمتد من لبنان إلى البحرين واليمن مرورًا بدمشق وحتى طهران. ويشير إلى أن هذا الأمر لا يزال يثير قلق إسرائيل، حتى لو رحّبت الدولة اليهودية بالتعاون الأمني ​​الجديد مع الإمارات والبحرين، بموجب الاتفاقات الإبراهيمية الموقعة العام الماضي، والهدف المركزي الجديد لفرنسا المتمثل في تحقيق الاستقرار في المنطقة ويدل على ذلك رعايتها للمؤتمر الاقليمي العام الذي عُقد في بغداد الصيف الماضي.

خريطة إرهابية متغيرة

أما بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، والذي يتضافر مع تصرفات أتباع إيران المنطقة، يرى “شفايتسر” أنه لا يوجد خيار آخر لإسرائيل سوى الإبقاء على سياسة “الاغتيالات المستهدفة” و”التخريب” و”العمليات السرية” في إيران؛ حيث يؤكد أن الإيرانيين يعيدون بناء أنفسهم في الخفاء بشكل أسرع وأكثر حداثة، ولديه قناعة بأن “إيران تتمكن بالفعل من امتلاك الأسلحة النووية إذا لم يتم تنفيذ الإجراءات الوقائية”، بالتوازي مع المفاوضات الدبلوماسية بين إيران والقوى العظمى.

وتحدث “يورام شفايتسر” بشكل أساسي عن خريطة إرهابية متغيرة في العام الجديد؛ فإلى جانب ظاهرة “التطرف الذاتي” التي تعاني منها أوروبا، وحروب النفوذ بين الجماعات الإرهابية، في بلاد الشام، كما في منطقة الساحل أو في جنوب آسيا، نستطيع أن نفهم من خلال تصريحاته أن الولايات المتحدة البعيدة تمامًا عن المسرح الأفريقي والشرق الأوسط، ستواصل دعم نضال الديمقراطيات وشركائها في الشرق الأوسط وآسيا، لكن دول المناطق المعنية هي التي يجب أن تكون على خط المواجهة.

 وخلص “شفايتسر” إلى أن “الرئيس الأمريكي جو بايدن لديه الكثير ليفعله في الداخل بشأن القضايا العالمية وضد الصين، وهذا يعني تحمل مسؤولياتنا جميعًا لمواجهة الإرهاب في المنطقة.

حملة دبلوماسية إسرائيلية ضد إيران

وفي مواجهة التهديد الإيراني، أشارت جريدة “ليزايكو” إلى الصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث يكثف المسؤولون الإسرائيليون لقاءاتهم الخارجية، لكن بالنسبة للشعب الإسرائيلي فيبدو أنه أقل قلقًا مما نعتقد. ففي زيارة ظلت سرية حتى اللحظة الأخيرة، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت متوجهًا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه على هذا المستوى منذ توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية في سبتمبر 2020.

واحتلت إيران محور محادثاتهما؛ حيث قال دوري غولد، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، قبل الاجتماع مباشرة: “في الوقت الذي أصبحت فيه العلاقات الإسرائيلية الإيرانية تطرح إشكالية أكثر من أي وقت مضى، تحتاج إسرائيل إلى شريك استراتيجي قوي في الشرق الأوسط، والإمارات هي بالتأكيد هذا النوع من الشركاء”.

اتصالات أمريكية

وقبل أيام قليلة من هذا الزيارة، وصل وزير الخارجية الإسرائيلي “يائير لبيد” إلى القاهرة لمقابلة نظيره سامح شكري والرئيس عبد الفتاح السيسي، وجرى إدراج إيران مرة أخرى على قائمة المحادثات؛ حيث تثير الطموحات الإقليمية لإيران قلق مصر أيضًا. كما تحدث “لابيد” عبر الهاتف مع وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكين” للتأكيد على ضرورة استمرار العقوبات ضد إيران؛ لأن الأموال التي يجنيها الإيرانيون ستعود في صورة إرهاب وصواريخ.

وقد زار كل من رئيس الموساد “ديفيد بارنيا”، ووزير الدفاع “بيني جانتس” الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، حيث قال الأخير إنه راضٍ للغاية عن اجتماعاته في واشنطن. وعلى هامش هذه المناقشات، صرح مسؤول أمريكي كبير أن المسؤولين سيبحثون تدريبات عسكرية محتملة تهدف إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية في حالة فشل الدبلوماسية. وفي الواقع، لم يتم الإدلاء بمثل هذه التصريحات منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض

قليل من القلق

أما بالنسبة للإسرائيليين فهم قلقون، لكن بنسبة أقل مما يوحي به نشاط حكومتهم؛ فوفقًا لاستطلاع حديث للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلية، يرى 30٪ من السكان اليهود أن إيران تشكّل تهديدًا وجوديًّا على بلدهم، ويتفق معهم في هذا الرأي 7٪ فقط من العرب الإسرائيليين الذين يمثلون 20٪ من عموم السكان. لكن 55٪ من اليهود يعتقدون أنها تمثّل خطرًا معتدلًا، بينما يرى 8٪ منهم أن إيران لا تشكّل إلا خطرًا ضئيلًا أو معدومًا.

من ناحية أخرى، يؤيد 58٪ من اليهود شن إسرائيل لعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، حتى لو كان ذلك دون موافقة مسبقة من الولايات المتحدة، وهي وجهة نظر لا يوافق عليها سوى 18٪ من العرب.

ربما يعجبك أيضا