هآرتس | الدولة أيضًا متهمة!

ترجمات رؤية

رؤية

ترجمة – محمود معاذ

كما أنه من المستحيل التمييز بين المستوطنات القانونية وغير القانونية لأن جميعها غير قانونية، كذلك لا يمكن التمييز بين المستوطنين متبعي العنف وغير متبعيه؛ لأن جميعهم عنيفون، فقط تختلف طرق العنف لديهم، وصدق الكاتب روجيل البير الذي كتب ذلك، بينما كذب الكاتب سامي بيريتس الذي ذهب بعيدًا في الدفاع عن المستوطنين وتزييف الواقع عندما قال: “يجب التمييز بين أغلبية المستوطنين غير العنيفين وبين الأقلية الذين يرتكبون كل ما يحلو لهم في تلال الضفة الغربية.

جميع المستوطنين في تلال الضفة الغربية يفعلون ما يحلو لهم، البعض يعيش في منازل مقبولة والبعض في منازل ثمينة، القاسم المشترك بين هذه المنازل هي أن جميعها مبنيٌ على أراضٍ مسروقة، فأغلب سكان عوفرا “المعتدلون” قد سرقوا أراضي ذات ملكية خاصة للفلسطينيين وعاشوا فيها، فيما استقر الباقون على أراضٍ ليست ذات ملكية خاصة لكن مسروقة أيضًا، أليس هؤلاء عنيفين؟ ومؤسسو منطقة أفيتار ربما لم يقتلوا ذبابة أبدًا، لكن بسببهم قُتل تسعة متظاهرين فلسطينيين لم يستطيعوا الصمت بعد نهب بقايا ممتلكاتهم، أليس هؤلاء أيضًا عنيفين!

ويجب التعميم بالقول إن جميع المستوطنين عنيفون بمختلف أفعالهم المهينة، وكل مستوطنة عبارة عن منتج مهين وقبيح وغير قانوني ولا شك في ذلك، ما الفارق بين التنمر الشخصي والتنمر العام؟ ماذا يؤلم الضحية بشكل أكبر، أغصان الزيتون التي تُقطع على يد المستوطنين أمام أرضه التي اغتُصبت بواسطة الدولة؟ ألم الضربات التي تلقاها مزارع فلسطيني على أيدي فتيان المستوطنات أم التي تلقاها من الجنود؟

لكن قبل كل شيء يمكن أن نفترض أن المستوطنين يمارسون العنف لمجرد أنهم يستطيعون ذلك، لا شيء يقف في طريقهم، حتى أن طريقتهم هذه تؤتي ثمارها، لقد نهبوا الكثير من ممتلكاتهم من خلال العنف الجسدي، وأحيانًا حصلوا على مكافآت، فهم رواد القيم الذين قادوا الجميع، وهناك جزء آخر في ممتلكات المستوطنين تحصلوا عليه عن طريق الاحتيال والنصب والأكاذيب التي أقنعنا بها أنفسنا، مثل قرار الدولة أن منطقة ما هي تابعة لأراضي الدولة بينما لا تمتلك الدولة حق سيادتها من الأساس، ومثل قرارات الحكومة بشأن نزع ملكية أراضي الفلسطينيين لأغراض مختلفة وغريبة، أحيانًا منطقة آثار وأحيانًا منطقة محميات طبيعية أو مناطق إطلاق نار، وفي الواقع معظمها أسباب زائفة.

إن القاسم المشترك في كل أعمال العنف المذكورة سابقًا هو أن الدولة وفّرت لهم الدعم والحماية والموارد؛ بل في بعض الأوقات بادرت بمنح المستوطنين هذه الامتيازات، والآن أنا مندهش؛ لِمَ يندب المستوطنون؟! هم سيطروا على أراضٍ قدر استطاعتهم واستطاعتهم كانت وما زالت غير محدودة، بما في ذلك استطاعتهم على إطلاق صيحات انكسار مزيفة.

دعونا ننتقل لحديث وزير الأمن الداخلي عامير بارليف مع نائب وزير الخارجية الأمريكية حين اشتكى من “عنف المستوطنين”، تحول الوبر حينذاك لهدف سهل لهجمات اليمين، تحول الأمر إلى مهزلة حقيقية، فلو أراد بالفعل ألا يكون هناك عنف من المستوطنين فلن يحدث عنف سوى عدد قليل من الحوادث الهامشية، ولو أراد بارليف منع العنف لتفحص الكاميرات مع قيادات الشرطة في الخليل، حيث لأنه لن يخبره أي من رجال الشرطة المحيطين به بالحقيقة الكاملة كما ستراها عيناه.

إنهم لا يخبرونه ماذا يحدث في الخليل، وماذا يحدث لفلسطيني يجرؤ على تقديم شكوى إلى الشرطة هناك بشأن عنف المستوطنين، لم يتم إخباره كيف تتصرف شرطة المرور، والفصل العنصري تجاه السائقين الفلسطينيين واليهود على طرق الضفة الغربية، فقط حاول أن تكون فلسطينيًّا وقم بالقيادة دون مثلث أمان في صندوق السيارة.

وربما يستطيع علم بارليف كل شيء لو أراد ذلك، وإذا كانت الشرطة قد أطاعته، لكان الذي يتم تصديره أن عنف المستوطنين قد انخفض. وأن السكان في تلك المنطقة سكان عنيفون بطبعهم، لأنه إن أدرك المستوطنون أنهم لا يجب ألا يلجأوا إلى العنف، فلن يكون هناك عنف. وهذا اليوم للأسف بعيد، سواء كان بارليف موجودًا أم لا.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا