AEON | أسوأ عشر صفات بشرية.. تعرف عليها

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

هو سؤال تردد صداه عبر العصور- هل البشر، بالرغم من افتقارهم للكمال، مخلوقات لطيفة وعاقلة وطيبة؟ أم هل نحن، في أعماقنا، مجبولون لأن نكون سيئين وضيقي الأفق وتافهين ومتعجرفين وانتقاميين وأنانيين؟

ما مِن إجابات سهلة على هذه الأسئلة، ومن الواضح أن هناك الكثير من الاختلافات بين الأفراد، لكننا سنسلّط هنا ضوءًا مبنيًا على دلائل بخصوص هذا الأمر، وذلك عبر عرض عشرة نتائج محبطة تكشف الجوانب الأكثر سوداوية والأقل إبهارًا في الطبيعة البشرية:

1-نحن ننظر إلى الأقليات والطبقات الضعيفة باعتبارها أقل من البشر. أحد الأمثلة البارزة على هذه النظرة اللاإنسانية الفجّة، يأتي من دراسة لمسح دماغي أُجريت على مجموعة صغيرة من الطلاب. وجدت الدراسة أن هؤلاء الطلاب أظهروا نشاطًا أقل حيادية فيما يخص بتفكيرهم تجاه الأشخاص، وذلك عندما نظروا إلى صور المشردين ومدمني المخدرات، مقارنة بأفراد من مستويات اجتماعية أعلى. تظهر دراسات أخرى أن الأشخاص المعارضين للهجرة العربية يميلون إلى تصنيف العرب والمسلمين باعتبارهم حرفيًا أقل تطورًا من المتوسط. ومن بين الأمثلة الأخرى، هناك أيضًا أدلة بأن الشباب ينزعون صفة الإنسانية عن الأشخاص الأكبر سنًا، وأن الرجال والنساء على حد سواء ينزعون صفة البشر عن النساء السكارى. علاوة على ذلك، فإن الميل نحو نزع صفة البشر عن الآخرين يبدأ مبكرًا- الأطفال الصغار في سن الخامسة ينظرون إلى الوجوه الموجودة خارج المجموعة (أي الأشخاص من مدينة مختلفة أو جنس مختلف عن الطفل) باعتبارهم دون البشر، مقارنة مع الأشخاص المنتمين لداخل المجموعة.

2- نحن ينتابنا شعور الاستمتاع بمعاناة الآخرين (Schadenfreude) عند سن الرابعة، وفقًا لدراسة في عام 2013. وهذا الشعور يتصاعد إذا اعتقد الطفل أن الشخص يستحق المعاناة التي يمر بها. هناك دراسة أخرى حديثة وجدت أنه عندما يبلغ الأطفال سن السادسة، فإنهم سيدفعون أموالاً لرؤية دمية وهي تتعرض للضرب، بدلاً من إنفاق المال لشراء ملصقات.

3-نحن نؤمن بالعاقبة الأخلاقية (Karma)- الافتراض بأن المسحوقين في العالم يستحقون هذا القدر. إن النتائج المؤسفة لهذه المعتقدات ظهرت للمرة الأولى في البحث الذي أصبح الآن كلاسيكيًا من العام 1966، والذي أجراه عالما النفس "ميلفين ليرنير" و "كارولين سيمونز". في تلك التجربة، التي عُوقبت فيها متعلمة بصدمات كهربائية لإجاباتها الخاطئة، صنّفت النساء المشاركات تلك المتعلمة لاحقًا بأنها أقل مقبولية وجدارة بالإعجاب عندما علمن أنهن سيشاهدنها تعاني مرة أخرى، لا سيما إذا شعرن أنهن عاجزات عن الحدّ من معاناتها. ومنذ ذلك الوقت، أظهرت الأبحاث استعدادنا للوم الفقراء وضحايا الاغتصاب ومرضى الإيدز وآخرين عما لحق بهم، حتى نحافظ على اعتقادنا بوجود عدل في هذا العالم. وبالتبعية، فإن هذه العمليات ذاتها ربما تكون مسؤولة عن نظرتنا الوردية في عقلنا الباطن تجاه الأثرياء.

4-نحن ضيقو الأفق ومتصلبون. لو كان الناس عقلانيين ومنفتحي العقل، لكانت الطريقة المباشرة لتصحيح المفاهيم المغلوطة لشخص ما هي عبر تزويده بالحقائق ذات الصلة. لكن دراسة كلاسيكية أُجريت في العام 1979، أظهرت عبثية هذا النهج – المشاركون الذين كانوا يؤيدون أو يعارضون بقوة عقوبة الإعدام، تجاهلوا تمامًا الحقائق التي تقوّض موقفهم، بل إنهم تمسكوا أكثر بموقفهم. إن هذا يُعزى فيما يبدو جزئيًا إلى أننا ننظر إلى الحقائق المعارضة لتفكيرنا باعتبار أنها تقوّض شعورنا بالهوية. ويزداد الأمر سوءًا أن الكثيرين منا لديهم ثقة مفرطة بشأن فهمهم للأمور، وعندما نعتقد أن آراءنا تسمو على آراء الآخرين، فإن هذا يردعنا عن البحث عن مزيد من المعلومات بشأن الموضوع ذي الصلة.

5- نحن نفضل التعرّض لصدمة كهربائية على قضاء وقت في التأمل. ظهرت هذه النتيجة بصورة درامية في دراسة لعام 2014، إذ فضّل 67 بالمائة من المشاركين الرجال و25 بالمائة من النساء المشاركات أن يعطوا أنفسهم صدمات كهربائية مزعجة، على أن يقضوا 15 دقيقة في حالة تأمل سلمي.

6-نحن متعجرفون ولدينا ثقة مفرطة. قد لا تكون عدم عقلانيتنا وتصلبنا الفكري بهذا السوء لو أننا تحلينا ببعض التواضع والبصيرة الداخلية، لكن معظمنا يتبنّى آراءً مبالغًا فيها بشأن قدراتنا وصفاتنا، مثل مهارات القيادة والذكاء والجاذبية- وهي ظاهرة أُطلق عليها اسم "تأثير بحيرة ووبغون" (Lake Wobegon Effect) تيمّنًا بالبلدة الخيالية التي تعتبر فيها "كل النساء قويات، وكل الرجال جذابون، وكل الأطفال مستواهم العقلي فوق المتوسط". المفارقة أن الأشخاص الأقل مهارة بيننا هم الأكثر ميلاً نحو الثقة المفرطة (وهذا ما يدعى تأثير دننج – كروجر Dunning-Kruger effect). إن هذا التعزيز الذاتي المغرور يكون أكثر تطرفًا وافتقارًا للعقلانية عندما يتعلق الأمر بأخلاقنا، مثل إيماننا بأننا منصفون ومتمسكون بالمبادئ. في الواقع، فإنه حتى المجرمين يعتقدون أنهم ألطف وأكثر جدارة بالثقة وأكثر صدقًا من أفراد المجتمع العاديين.

7-نحن منافقون أخلاقيًا. من المفيد أن تكون حذرًا تجاه الأشخاص الأسرع والأعلى صوتًا في إدانة الإخفاقات الأخلاقية للآخرين- هناك احتمال بأن دعاة الأخلاق هم أنفسهم مذنبون، لكنهم لا يعبأون كثيرًا بتجاوزاتهم. في إحدى الدراسات، وجد باحثون أن الأشخاص وصفوا نفس السلوك الأناني (إعطاء أنفسهم المهام التجريبية الأسرع والأكثر سهولة) بأنه غير منصف للغاية عندما قام به آخرون. وبالمثل، هناك ظاهرة جرى دراستها لفترة طويلة معروفة باسم "تحيز الفاعل-المراقب" (actor-observer asymmetry)، والتي تصف في جزء منها ميلنا نحو عزو الأفعال السيئة للآخرين، مثل خيانات شريكنا، إلى شخصياتهم، وفي نفس الوقت عزو الأفعال ذاتها التي نرتكبها بأنفسنا إلى الوضع المحيط. إن هذه المعايير المزدوجة الأنانية يمكن أن تفسر حتى الشعور السائد بأن هناك تصاعدًا في الفظاظة – أظهر بحث حديث أننا ننظر إلى الأفعال الوقحة ذاتها بصورة أشد قسوة عندما تُرتكب من جانب غرباء، مقارنة بنظرتنا لها عندما تُرتكب من جانب أصدقائنا أو من جانبنا نحن.  

8-كلنا متصيدون محتملون. وفقًا لتجربة أي شخص انخرط في خلاف حاد على موقع تويتر، فإن وسائل التواصل الاجتماعي ربما تبرز بصورة كبيرة أسوأ الجوانب في طبيعتنا البشرية، وهذا يُعزى جزئيًا إلى تأثير السلوك المنفلت على الإنترنت، وحقيقة أن إخفاء الهوية (وهي أمر سهل على الإنترنت) يؤدي لزيادة ميلنا نحو انعدام الأخلاق. وبينما تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يميلون نحو السادية اليومية (نسبة مرتفعة منا بشكل مقلق) لديهم ميل خاص تجاه ممارسة التصيّد (trolling) على الإنترنت، غير أن دراسة نُشرت في العام الماضي كشفت كيف أنه عندما يكون الشخص في مزاج سيء، ويتعرّض للتصيّد من جانب الآخرين على الإنترنت، فإن هذا يضاعف احتمالية انخراط هذا الشخص نفسه في ممارسة التصيّد. إن ممارسة حفنة قليلة من الأشخاص للتصيّد يمكن أن تتسبب في زيادة المشاعر السلبية مثل كرة الثلج، وهو بالضبط ما وجده الباحثون عندما درسوا نقاشات القراء على موقع (CNN.com)، إذ كانت "نسبة المشاركات التي تم الإبلاغ عنها بأنها تمثل محتوى غير مناسب… تشهد ارتفاعًا مع مرور الوقت".

9-نحن نفضّل القادة غير الفعالين الذين لديهم صفات سيكوباتية. لقد استنتج الأخصائي النفسي الأمريكي "دان ماك آدامز" مؤخرًا، أن العدوانية السافرة والإهانات التي يتلفظ بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحظى بـ "جاذبية بدائية"، وأن "تغريداته النارية" تشبه "العروض العدوانية الصاخبة" التي يقوم بها ذكر الشمبانزي المهيمن، وهي عروض "مصممة للترهيب". لو كان تقييم "ماك آدامز" صحيحًا، فإنه يندرج ضمن نمط أوسع نطاقًا – الاستنتاج بأن السمات السيكوباتية هي أكثر شيوعًا من المتوسط وسط القادة. فلنأخذ الاستطلاع الذي أُجري وسط قادة المال في نيويورك، والذي وجد أن هؤلاء القادة حققوا نتائج مرتفعة في السمات السيكوباتية، لكنهم حققوا نتائج أقل من المتوسط في الذكاء العاطفي. لقد خلص تحليل تلوي نشر في هذا الصيف، إلى أن هناك بالفعل علاقة متواضعة لكن مهمة بين السيكوباتية والقيادة، وهو أمر مهم نظرًا لأن السيكوباتية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقيادة الضعيفة.   
 
10-نحن ننجذب جنسيًا للأشخاص ذوي الصفات الشخصية المظلمة. نحن لا ننتخب فقط أشخاصًا لديهم صفات سيكوباتية ليصبحوا قادة لنا، لكن الأدلة تشير إلى أن الرجال والنساء ينجذبون جنسيًا، على الأقل على المدى القصير، للأشخاص الذين يظهرون ما يُطلق عليها "الثلاثية المظلمة" للصفات – النرجسية والسيكوباتية والميكافيلية – وهو الأمر الذي يهدد بزيادة انتشار هذه الصفات. وجدت إحدى الدراسات أن جاذبية الرجل الجسدية لدى المرأة تزيد عندما يُوصف هذا الشخص بأنه مهتم بمصلحته الذاتية ومتلاعب وعديم الإحساس. تقول إحدى النظريات إن الصفات المظلمة تُظهر بنجاح "الصفات الحسنة للشريك" من ناحية ثقته بنفسه واستعداده للمخاطرة. هل هذا مهم لمستقبل جنسنا البشري؟ ربما يكون كذلك – وجدت ورقة بحثية في العام 2016، أن أولئك النساء اللاتي كن أكثر انجذابًا لوجوه الرجال النرجسيين، كن أكثر ميلاً لإنجاب المزيد من الأطفال.

لا تتشاءموا كثيرًا. فهذه النتائج لم تقل شيئًا عن النجاح الذي حققه بعضنا في التغلب على غرائزنا الأساسية. في الواقع، يمكن القول إن الاعتراف بنواقصنا والعمل على فهمها، سيجعلنا نتمكّن من التغلب عليها بنجاح، والاستفادة من الجوانب الإيجابية في طبيعتنا.  

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا