البيتزا مصرية.. أسرار عن المطبخ المصري تكشف عنها الكاتبة سميرة عبدالقادر

الصفحة التي تهدف إلى تأريخ أشهر الوجبات المحلية المصرية، دشنتها سميرة عبدالقادر، منذ عدة سنوات، تحولت إلى كتاب عنوانه "الطبخ أصله مصري" وهو أحد أكثر الكتب تشويقًا.


توثيق المطبخ المصري، صفحة تلقى رواجًا كبيرًا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتزخر بمنشورات توضح أصل الأكلات المصرية.

وبعد النجاح، وطلبات متابعي الصفحة، حوَّلت الكاتبة سميرة عبدالقادر، فكرة المنشورات وأصل الأكلات فيها إلى كتاب مطبوع يشبه أرشيفًا لتراث مصري، يضاهي الموسوعات العالمية، ولذا كان لشبكة رؤية الإخبارية هذا الحوار مع المدونة مؤلفة الكتاب.

من خريجة هندسة إلى مدوِّنة طعام

سميرة في الأساس خريجة كلية هندسة، انتقلت من قسم الاتصالات إلى الديكور الخارجي على  أساس الوصول إلى شغفها الحقيقي، ولكن مع نهاية الجامعة واقتراب التخرج، شعرت بأن الشغف والبحث لديها يتجهان نحو القراءة في التاريخ والمطبخ.

وتكمل بأنه: “من خلال المطالعة والقراءة في أمهات الكتب وموسوعات الطعام القديمة، وجدتُ جدلًا كبيرًا حول أصل بعض الوجبات، مجهولًا نسبتها بين بلدان كثيرة، إما تركيا، وإما الهند، وإما دول الشام وغيرها، دون نسبتها إلى المطبخ المصري، ما يعد تعديًا على التراث غير المادي لمصر، لكَوْن اليونسكو تُدرج الوجبات المحلية في تراث الدول”.

المثيل العالمي للمطبخ المصري

تذكر سميرة، في حديثها لنا، أن رحلة دراستها وبحثها فعليًّا بدأت حين وجدت أن المطبخ المصري ليس له تمثيل عالمي كالمطبخ الهندي، والإيطالي، والفرنسي ولا حتى الدول الحديثة نسبيًّا مثل كوريا الجنوبية، ورغم أن المطبخ المصري تعود جذوره إلى أكثر من 7 آلاف عام، فإنه على الورق ليس لمصر تراث معنوي من الطعام.

وأضافت: “نحن تربينا على كلمة سبعة آلاف سنة، ولكن لا نعرف ماذا حصل خلال السبعة آلاف سنة حتى الأكلات التي كنا نأكلها لا نعرفها”. وهذه هي خلاصة رحلة سميرة في البحث عن التراث غير المادي لمصر من الطعام.

وقد دشنت سميرة صفحة “توثيق المطبخ المصري” في إبريل 2020، ومن خلالها كتبت تاريخ العديد من الأكلات المصرية، مستندة إلى أدلة وحقائق، منها البرديات الفرعونية أو النقوشات، وصولًا إلى ذكرها في كتب السيرة الذاتية أو على هامش بعض الكتب والأغاني الفولكلورية.

المطبخ المصري سبق حملات الاحتلال

في رحلة بحث سميرة، وجدت أن العديد من الأكلات المصرية، تُنسب إلى دول أخرى، بحجة أنها دخلت مصر في فترات الاحتلال، وأنها في الأصل تعود إلى المحتل، لذا كان عليها أن تجد وثائق تدحض هذا الادعاء، وبالفعل وجدت العديد منها في مكتبات جامعات ومؤسسات عريقة كمكتبة اليونسكو.

وبدأت، على الفور، نشر تلك الوثائق، على سبيل المثال وجبة الكشري، فقد ظهر ادعاء بأنه من الأكلات الهندية، مستندًا إلى أن معظم الشعب نباتي، ويعتمد على العدس الأسود في وجبات كثيرة، ولكنها وجدت أن الكتب الهندية نفسها لم تعرف الكشري، ما يؤكد أنه وجبة مصرية.

وتذكر سميرة أيضًا أن كتب أدب الرحلات وتدريبات الرحالة، الذين زاروا مصر في أوقات وحقبات مختلفة، ودوَّنوا الحياة الاجتماعية بمظاهرها المختلفة، كانت مهمة للغاية في تدوين العديد من الأكلات، وتكذيب أنها تنتمي إلى محتل، سواء يونانيًّا أو إنجليزيًّا أو فرنسيًّا أو عثمانيًّا.

كتاب توثيق الأكل المصري

توضح سميرة، في حديثها لشبكة رؤية الإخبارية، أن الصفحة على مدار العامين، وثقت مئات الوجبات، ولكن في لحظة ما أدركت أن التوثيق على مواقع التواصل الاجتماعي ليس كافيًا، فهو مهدد دومًا بالمسح والإزالة، لذا شرعت في تأليف كتاب، يمكن أن يُستعان به كوثيقة في ما بعد، بدلًا من التوجه إلى كتب غير مصرية.

262054160 422932312714262 2305314809809379140 n

توثيق المطبخ المصري

ولم يكن تأليف الكتاب سهلًا ككتابة منشور على فيسبوك، فوجدت سميرة أن بعض الوجبات قد تغير اسمه، ومن الوصفات ما لم يعد لها وجود، فتوقفت على كونها أسماء فقط، وحتى عند إيجاد وصفة كاملة تجد أن العديد من المكونات والبهارات لم يعد لها وجود.

ونوع آخر من الوجبات والمكونات قد تغير اسمه التاريخي، لذا بحثت عنه في معاجم اللغة العربية وقارنته باللغات الأخرى، لتوضح أن أكلة ما منقولة لنا من دولة أجنبية نتيجة اعتمادنا الاسم الأجنبي، ولكن روايات متواترة تنسبها إلى تلك الدولة، وبسبب تغير اللهجات والكتب انسلخت من أصلها المصري.

اختلاف الأسماء يضيع أصل الأكلات

الملبن نموذج لما حاولت سميرة إثبات مصريته، فعند البحث عنه على محرك البحث “جوجل”، تجد أن ويكيبيديا تُعرف أصل الملبن بأنه أكلة تركية موجودة ومعروفة من القرن السابع عشر، ولكن في الأصل هو مصري، ولاختلاف الاسم، اكتشفت سميرة أن الملبن كان موجودًا منذ الحقبة الفرعونية.

والملبن كان يُصنع من العسل المقطر، ويوضع فيه السوداني وأنواع من المكسرات التي كانت الحملات العسكرية الفرعونية تأتي بها إلى دول أخرى. وتأكدت أيضًا من نسبة الملبن إلى المطبخ المصري من كتب الباحثة المصرية الدكتورة جيهان مأمون.

وذكرت جيهان أن من ضمن الأكلات التي وجدت في احتفالات المصريين، خلال العصر الفاطمي وما قبله، ما يسمى “الصابونية”. وفي كتابها “كنز الفوائد لتنويع الموائد” وضعت جيهان وصفة الصابونية، لتجد أنها تتطابق مع الملبن، وبالبحث وجدت أن بعض القرى في الربوع والأقاليم ما زال يطلق عليه الاسم ذاته.

الفراعنة أصحاب الأكل المعاصر

توضح الكاتبة أننا توارثنا العديد من الأكلات من قدماء المصريين، مثل الكعك والملوخية، على عكس الادعاء بأنها تركية أو عثمانية، وبخاصة البامية المفروكة أو “الويكا” التي يشاع أنها منسوبة إلى المطبخ السوداني، حتى الكشري أساسه عهد الفراعنة، ولكن كان يُطهى بالقمح بدلًا من الأرز، بدون صلصة طماطم، لأنها عرفت منذ نحو قرن ونصف القرن.

وكان للمصريين الأوائل اليد الطولى والأولى في ابتداع المشروبات، مثل العرقسوس والخروب والكركديه والدوم، فتوضح سميرة أن لهم الفضل في حشو العديد من الطيور مثل البط والإوز والحمام، وأول من أكلوا الفسيخ والأسماك المملحة والمجففة.

ومن أشهر أنواع الحلوى عند الفراعنة القدماء، أصابع حب العزيز وكيك حب العزيز، فقد كانوا يصنعون من حب العزيز أصنافًا كثيرة ومتنوعة.

البيتزا والمارشملو أصلهما مصري

تطوُّر الأكل كان انعكاسًا للحضارة المصرية والظروف الاجتماعية، فالمطبخ المصري خلال ازدهار الحضارة المصرية القديمة، كان سابقًا للإنسانية كلها في استخدامه مكونات وتقنيات طهي جعلته سباقًا في اكتشاف نكهات لم تكن لتوجد لولاه.

والمطبخ المصري هو مخترع مطبخ المعجنات، مثل الفطائر المورقة التي اشتق منها العديد من الوجبات المعاصرة، كالفطير المشلتت والكرواسون والباتيه. وأما البيتزا، التي تنازعت عليها إيطاليا مع العديد من الدول لوضعها ضمن تراث المطبخ الإيطالي، فقد تبيّن أنها في الأصل مصرية.

ولا عجب، فالمصريون هم أول مَن اخترعوا الفطائر ووضعوا فيها الحشو من الداخل والخارج، ورسموا الشكل الذي سُمي في ما بعد “بيتزا”، حتى المارشملو الفرنسي حاليًّا هو في الأصل اختراع مصري قديم، كما تذكر المدونة سميرة عبدالقادر.

ربما يعجبك أيضا