التطرف «الجهادي» في ألمانيا ما زال خطرًا قائمًا رغم تراجعه

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الجدل داخل ألمانيا  ما زال قائماً، حول مصادر تمويل المساجد والمراكز الإسلامية، ومدى تأثير ذلك على نزوح الشباب المسلم داخل ألمانيا  نحو التطرف والانعزالية، ويحتدم الجدل، داخل الحكومة والبرلمان، حول إن كان المسلمون جزءًا من ألمانيا أم لا؟ والبعض يقول هل الإسلام جزء من ألمانيا ؟ هذا الجدل لم يحسم بعد في ألمانيا  .

انعكست عمليات اعتقال ثلاثة أشقاء منحدرين من سوريا في ألمانيا والدنمارك على الشارع الألماني، وذلك بعد تأكيدات أجهزة أمنية دنماركية بتورط موقوفين آخرين لديها في التحضير لهجمات إرهابية داخل أوروبا حيث أعلنت أجهزة الأمن الدنماركية توقيف 14 شخصاً في الدنمارك وألمانيا بشبهة التحضير لهجوم بمتفجرات، لديهم دوافع “دينية متطرفة”، حسبما أعلن جهاز الاستخبارات في كوبنهاغن يوم 12 فبراير2021.

أعلن الادعاء العام يوم 10 فبراير 2021 أنه فتح في العام الماضي، 381 تحقيقا على صلة بالتطرف الإسلاموي. وللمقارنة: في عامي 2017 و2018 كان هناك 1031 و865 تحقيقاً ضد إسلاميين متطرفين. وتمّ تسجيل انخفاض كبير في عام 2019، وفي ذلك الوقت، وفقا للمدعي العام الاتحادي بيتر فرانك، كان حوالي 60 بالمئة من إجمالي 663 تحقيقاً جديداً في قسم الإرهاب تتعلق بإسلامويين، أي حوالي 400 تحقيقا. وجاء في الرد أنه في عام 2021 يمكن أيضا توقع “خطر كبير مستمر” لتعرض البلاد لأعمال عنف بدوافع “جهادية”.

تعزيز دعم الدولة للاتحادات الإسلامية

دعا رئيس المكتب الإقليمي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية تورينغن الألمانية، شتيفان كرامر، إلى تعزيز دعم الدولة للاتحادات الإسلامية والمساجد في ألمانيا في إطار مكافحة التطرف الإسلاموي. وقال كرامر في تصريحات لصحيفة “راينيشه بوست” الألمانية في 03 فبراير 2021″ طالما أننا لا نجعل ذلك ممكنا، فلن يكون لدينا شريك على الجانب الآخر، ولن يمكننا تعزيز هياكل جديرة بالاهتمام أيضا، ما يدفع الجاليات (الإسلامية) إلى الحصول على الدعم المالي من مكان آخر”.

قالت فرانتسيسكا غيفاي وزيرة شؤون الأسرة الألمانية لصحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر يوم 8 من نوفمبر  2020 إنه بالنظر إلى الهجمات الإرهابية الأخيرة يتعين علينا تنفيذ قيمنا وقواعدنا وقوانينا بشكل حاسم والدفاع عنها. فمن يهاجمها ويدهسها من خلال هجمات قاتلة، يؤثر على حقه في البقاء”.

النتائج

مهما كانت النتيجة، إن كان الإسلام أو المسلمين جزءًا من ألمانيا ، فهم يمثلون مكونًا إيجابيًا وساهموا في بناء الدولة الالمانية، عبر عقود ولعدة أجيال. التحديات موجودة، أمام الحكومة وأمام المسلمين في ألمانيا، لكن المشكلة تكمن أن المسلمين في ألمانيا هم ضحية الجماعات اليمينية المتطرفة، وبالتوازي مع الجماعات الإسلاموية المتطرفة، والتي ينتج عنها دائما، سياسات ألمانية صارمة ضد المسلمين، وهذا ما يدفع الشباب إلى النزوح نحو التطرف، بسبب سياسات التهميش . إن الإرهاب والتطرف في أوروبا، ما زال موجودا، وارتفاع حدة التطرف والإرهاب الإسلاموي يتزايد وينخفض في أوروبا على عدة عوامل أبرزها:

ـ إن سياسات ألمانيا تجاه المسلمين، كلما كانت سياسات الحكومات في ألمانيا ودول أوروبا قائمة على الفهم الحقيقي إلى ثقافة المسلمين في ألمانيا، كلما  انخفض، نزوح الشباب نحو التطرف، وهذا يمكن مواجهته من خلال إيجاد مقاربة ما بين المجالس الإسلامية في ألمانيا على مستوى المجلس الإسلامي المركزي، أو على مستوى الولايات.

ـ ألا تكون قرارات واجراءات وزارة الداخلية والاستخبارات الألمانية، قائمة على ردود أفعال لعمليات إرهابية للجماعات الإسلاموية المتطرفة، عندها يكون المسلمون في ألمانيا هم الضحية في دفع الثمن.

ـ عدم ربط الحكومة الألمانية عامل الهجرة غير الشرعية بالمسلمين، حيث في أعقاب كل موجة هجرة تكون إجراءات وقوانين، صارمة ومشددة في الحصول على الوضع القانوني للمسلمين في ألمانيا .

ـ  خطاب اليمين المتطرف: رغم جهود الحكومة الألمانية بمحاربة التطرف على الإنترنت وعلى الأرض، فإن خطاب التيارات اليمينية المتطرفة، تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على المواطن الألماني وعلى الطبقة السياسية.

ـ اعتبار المسلمين في ألمانيا جالية، هذا المفهوم ربما غير صحيح، يفترض استخدم عبارة المسلمين الألمان، باعتبارهم جزءًا من هذا البلد، ويتمتعون بحق المواطنة.

ـ المساجد والجمعيات الدينية للمسلمين : في الوقت الذي توقف فيه الحكومة الألمانية مصادر التمويل الخارجي، في بناء المساجد والجمعيات، يفترض أن يكون هناك دعم للمسلمين في ألمانيا  بالحصول على موارد من الحكومة الألمانية في بناء المساجد، وضمن ما يسمح به الدستور الألماني.

يذكر أن الكنيسة في ألمانيا ، لها مجلس كنائسي مستقل ومنفصل عن الحكومة، والمواطن الألماني يدفع ضريبة الكنيسة، عندما يثبت ديانته، في الاستمارات العامة، وهو غير مجبر على ذلك، يمكنها تطبيق ذلك على المسلمين.

ـ اتخذت ألمانيا خطوة منذ سنوات طويلة بتدريس حصة الدين الإسلامي في المدارس، خاصة المدارس الأساسية، لكن مشكلة هذه المدارس هي الأخرى، تأتي بمدرسين، في الغالب من مؤسسة “ديتيب” المرتبطة بالحكومة أو من دول أخرى أبرزها دول مغاربية، دون مراجعة إلى خلفياتهم وهذا أيضا يقع ضمن مسؤولية وزارة التربية وسياسات الحكومة. يذكر أن الحكومة الألمانية، تداركت مخاطر استقدام الأئمة أو رجال دين لتدريس مادة الدين الإسلامي أو إدارة المساجد، بوضع خطة محلية في تدريب الأئمة، وهذه الخطة تحتاج إلى سنوات لتطبق وإظهار النتائج.

الحكومة الألمانية أيضا، فتحت أبواب الشراكات مع بعض دول المنطقة، للمساهمة في برنامج تدرسب الأئمة، وهي خطوة تعزز محاربة التطرف والإرهاب، وتعزيز العلاقة أيضا مع المسلمين في ألمانيا ، من خلال تعزيز العلاقات السياسية بين ألمانيا والدول الإسلامية الداعمة للخطاب المعتدل.

ربما يعجبك أيضا