الدول النفطية ومعضلة تنويع الاقتصاد لمواجهة هبوط الأسعار

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تراجعُ الايراداتِ النفطيةِ نتيجة ً لهبوطِ أسعار النفط المستمر منذ 2014، أزمة ٌ تعاني منها اقتصاداتُ الدول النفطية، وسط عمل ٍ حثيثٍ للحدِ من تأثيراتها عبر خفض الانفاق والاتجاهِ للخصخصةِ والاستدانةِ من خلال إصداراتِ الصكوكِ والسنداتِ محليا ودوليا.

الواقع يشير إلى أن بعضا من هذه الدول – النفطية – تحركت مبكرا بالاعتماد على مصادر دخل أخرى من خلال تنويع الاقتصاد، وفي هذا السياق، نجد نموذجي الإمارات والسعودية، في المقابل، لا تزال دولا أخرى مثل الجزائر، أدنى هبوط في أسعار الطاقة – النفط والغاز – يهز اقتصادها مخلفا آثارا اقتصادية صعبة يتحملها المواطن في المقام الأول، نظرا للتداعيات المترتبة على أسعار السلع والمنتجات فضلا عن سعر العملة الوطنية.

أبوظبي

الإمارات.. تجربة رائدة

على الرغم من أن الإماراتِ سادسُ أكبر ِ مصدر ٍ للبترول في العالم، غير أن التنوع الاقتصادي وجودة البنيةِ التحتية والاستقرار السياسي وضخامة حجم الأصول الخارجية، عواملُ تمكنُ الإماراتِ من الحفاظ على نمو ٍ صحي رَغم التراجع المستمرِ في أسعار النفط، بحسبِ ما أكد عليه معهدُ التمويل الدولي.

الاستقرارُ الأمنيُّ والسياسي إلى جانبِ قوة النظامين التشريعي والضريبي جعلا دولة الإماراتِ وجهة ً مختارة ً للمؤسساتِ المالية وجعلاها مقصداً للقادمين من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ بدايةِ الاضطراباتِ الأمنيةِ في تلك الدول.

إذا هي ثمارٌ جناها الاقتصادُ من الجهودِ التي بذلتها الاماراتُ منذ سنواتٍ لتنويع اقتصادِها والحدِ من الاعتمادِ على الخام الأسود من خلال تعزيزِ الأنظمةِ والتشريعات وفتح آفاق ٍ استثماريةٍ جديدة مبينةٍ على المعرفةِ والتنافسية.

إصلاحات مالية

مضيِ حكومةِ الإماراتِ قدما في مسارِ الإصلاحاتِ الماليةِ الضروريةِ لصيانةِ النمو، والتدابيرَ المتخذة على صعيدِ تحرير أسعارِ الوقود، وخفض الإنفاق على البنودِ غيرِ ذاتِ الأولوية، أسهمت في خفض الإنفاق الحكومي بشكل ٍ كبير .

تنويع مصادر دخلها، والسياسات الاقتصادية الناجحة التي انتهجتها الحكومة على قاعدة التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة الهادفة لتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية .. كل ذلك جعل من اقتصاد الإمارات، اقتصاد قوي ومتنوع رغم ضغوط أسعار الذهب الأسود.

إذًا هي شهادة ٌ جديدة ٌ على قوةِ ومتانةِ اقتصادِ الامارات، وقدرتِه على تجاوزِ الأزمات، مستفيدا من دروس أزمةِ 2008، وجانيا ثمارَ عمل ٍ حثيثٍ على تنويع الاقتصاد وزيادةِ مصادرِ الدخل، استمر عدة َ سنوات.

الجزائر

الجزائر.. تحديات كبيرة

في المقابل، نجد الوضع مغايرا تماما، في الجزائر، التي تعدّ عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، وثالث منتج للنفط في أفريقيا وتاسع منتج للغاز عالميا ، وتشكل المحروقات نحو 93% من صادراتها وتساهم في ميزانية الدولة بنحو 45 % .

تحديات اقتصادية واجتماعية صعبة تشهدها البلاد بسبب هبوط أسعار المحروقات التي تعد ركيزة صادرات البلاد، من جهة، ومن جهة أخرى، الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، نتيجة لذلك بدأت احتياطات النقد الأجنبي بالتراجع منذ عام 2014 وسط احتمالات نفاذها بحلول عام 2022 .

الاقتصاد الجزائري الذي بقي اشتراكيا حتى مطلع التسعينيات ولا يزال يتسم بتدخل الدولة القوي فيه، يستخدم إيرادات الوقود لدعم المياه والصحة والسكن وغيرها من المواد الأساسية .

ناقوس الخطر.. والبدائل المتاحة

رغم توالي الحكومات ووضع إنعاش الاقتصاد الذي يعاني تحت وطأة تراجع أسعار النفط منذ فترة، ما انعكس سلبا على المواظنة واحتياطات البلاد من العملات الصعبة، على رأس أولوياتها، لا يزال وضع استراتيجية واضحة للخروج من التبعية الاقتصادية للمحروقات في هذا البلد الكبير، المعادلة الصعبة.

وأمام تراجع العملة الوطنية إلى مستويات قياسية بسبب تداعيات أزمة كورونا والشلل الذي طال الاقتصاد، تبقى مراجعة آليات الاستيراد والتصدير وتنويع الاقتصاد من البدائل لإعادة الاستقرار إلى قيمة الدينار الجزائري.

وتتوقع الجزائر عائدات إجمالية هذه السنة بـ 23 مليار دولار بانخفاض قيمته 10 مليارات دولار عن العام الماضي، مع ارتفاع التضخم بنحو 10 % فضلا عن ارتفاع أسعار المنتجات .

الجزائر التي عليها بذل مجهود كبير للخروج من عباءة النفط والتحرر من قيوده، من خلال تنويع مصادر الدخل وتعزيز كفاءة ومشاركة جميع القطاعات الاقتصادية وخلق بيئة استثمارية جاذبة ورفع كفاءة اليد العاملة عناصر أساسية في رفع كفاءة الاقتصاد.

ربما يعجبك أيضا