الصحافة الألمانية| أخطار قاتلة تواجه الليرة التركية.. والاستراتيجية الأمريكية لتغيير نظام الملالي في إيران

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

انهيار الاقتصاد التركي قد يتسبب في أزمة أقوى من الأزمة اليونانية
اهتمت الصحافة الألمانية لهذا الأسبوع بالشأن التركي، حيث نشر موقع "فوكس" تقريرًا للكاتب "ايجموند هاديت" بعنوان: "خبراء يحذرون: انهيار الاقتصاد التركي قد يتسبب في أزمة أقوى من الأزمة اليونانية"، وتحدث التقرير عن أخطار الأزمة الاقتصادية التركية الحالية على تركيا والاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن انهيار الليرة التركية هز الأسواق المالية؛ لذا حذر الخبير الاقتصادي "دانيال لاكال" من العواقب المأساوية للأزمة في منطقة اليورو، كما حذّر آخرون من اجتماع تبعات تهاوي الليرة التركية إلى مستوى أقل مقابل الدولار واليورو، مع إصرار أردوغان على هذه السياسة النقدية الخاطئة.

 يُذكر أنَّ الليرة التركية انخفضت يوم الجمعة الماضي بنسبة 15%، وفقًا لبعض المصادر الإعلامية؛ ما سبب قلقًا لدى مسئولي البنك المركزي الأوروبي خوفًا من عجز البنوك التركية من سداد القروض بالدولار أو اليورو، فبسبب انهيار الليرة ستضطر المؤسسات التركية المدينة لدفع المزيد من الأموال بالعملة المحلية لسداد قروضهم بالدولار أو اليورو، وهذا يزداد صعوبة يومًا بعد يوم.

ومما لا شك فيه أنَّ هذه المشكلة ستؤثر بالسلب على الاقتصاد التركي؛ فالبنوك في منطقة اليورو ستتحفَّظ في التعامل مع بنوك أنقرة، وهو ما سينعكس على سمعة تركيا لدى المؤسسات المالية الدولية المانحة، فيما قدّمت بنوك منطقة اليورو للمؤسسات التركية استثمارات بقيمة 148مليار دولار و110 مليار يورو، ولتحقيق استقرار الوضع في تركيا كان على البنك المركزي أن يرفع سعر الفائدة، وهو ما حدث بالفعل؛ حيث وصل إلى 17.75 %؛ ما ترتب عليه زيادة في معدل التضخم بلغ 15.85%، وهو هو أعلى مستوى منذ يناير 2004م.

المعروض النقدي لليرة التركية تضاعف بشكل خطير
حذر عالم الاقتصاد الأسباني الشهير دانييل لاكال من الأزمة المتصاعدة في تركيا، قائلاً: "ما حدث في تركيا كان متوقعًا من قبل، فتراجع الليرة بدأ قبل الأزمة الأخيرة، ولا علاقة لهذا الأمر بقوة الدولار، إضافة لذلك فهو دليل على سوء التقدير من الخبراء الذين يرون في النمو السريع أمرًا طبيعيًا ولا يحمل أي مخاطر، وهذا ما ثبت عكسه في تركيا ويؤكد وجهة النظر المخالفة، فالبلد الذي ينمو بسرعة كبيرة قد يتعرض بالضرورة لمخاطرة كبيرة، ويجب أن توضع احتمالية هذه المخاطر في الحسبان، فقد تضاعف المعروض النقدي لليرة ثلاثة أضعاف في السنوات السبع الماضية، وفي الآونة الأخيرة بلغت قيمة الارتفاع في الثروة النقدية إلى مستوى قياسي حتى وصلت 511.9 مليار ليرة (65.5 مليار يورو).

وأضاف: "خفّضت الحكومة التركية قيمة الليرة، وبذلك ارتكبت البنوك التركية نفس خطأ الأرجنتين والبرازيل؛ فقد راهنا على احتمالية تراجع الدولار الأمريكي بسبب معدلات النمو المرتفعة، وأن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لن يرفع أسعار الفائدة، وهو ما حدث خلافه وخاب ظن البنوك والحكومة التركية، وأدى في نهاية الأمر إلى المزيد من الاختلال في سوق الاقتصاد، وهو ما تعاني منه تركيا حاليًا.

أوروبا في موقف صعب
بعد انخفاض الليرة التركية ازدادت مخاطر هروب رأس المال نتيجة لقلق المستثمرين من سياسة حكومة أردوغان، والتي من الممكن أن تتخذ إجراءات تَعسُّفية لمنع خروج رؤوس الأموال والبقاء في السلطة، مُضحِّية بذلك بمصداقيتها وسمعتها في الأسواق العالمية، وفي حال استمرار الأزمة فإن أوروبا ستقع في ورطة كبيرة، حيث سيدفع خوف أردوغان من حدوث اضطرابات قد تسلب منه السلطة التي يتشبث بها، ولذلك سيحاول إحكام السيطرة على الأوضاع وسيتسبب ذلك في مزيد من التدهور الاقتصادي للوصول لحافة الانهيار، بينما سيزداد القمع والاضطربات الاقتصادية التي قد تطيح به، وحينئذٍ لن تستفيد أوروبا كثيرًا جراء سقوطه، ولكن الثمن الذي ستدفعه أوروبا أغلى بكثير مما دفعته بعد أزمة اليونان، حيث إن استثمارات المؤسسات والشركات الأوروبية في السوق التركي كبيرة جدًا إذا ما قُورنت باليونان.

الاقتصاد التركي يواجه أخطارًا قاتلة 
بول مكنمار، مدير شركة استثمارات في الأوراق المالية، يقول: "تركيا تُعاني من اجتماع عوامل مُمِيتة؛ كالعجز في الحساب الجاري، وارتفاع الدين العام، وعجز الاحتياطي النقدي؛ فالوضع فعلًا يتجه إلى الانزلاق والإفلاس، حيث إنَّ انخفاض معدل النمو، وانكماش معدل الاستثمار، واستمرار هبوط العملة المحلية سيُضعف التصيف الائتماني للبنوك التركية المصرفية، وهو ما يترك بالغ الأثر السلبي على الاقتصاد التركي ككل، كما تعاني تركيا أساسًا من عجز في الحساب الجاري بمقدار5.0 % ، وهي نسبة مرتفعة للغاية وتُعد مؤشرًا للعديد من المستثمرين لقياس السوق التركي، ويشمل الحساب الجاري على الميزان التجاري (صادرات وواردات السلع) وميزان الخدمات (الخدمات)، وميزان الدخل (الأجور والفوائد) وميزان التحويلات (حوالات العمال من الخارج)، وكل هذه المكونات تعتمد على العملة الأجنبية الواردة، وبالتالي تعتمد تركيا على تدفقات رأس المال من الخارج بدرجة كبيرة، بيد أنّه بسبب سياسة أردوغان لا يكاد يتدفق أي رأس مال إلى أنقرة، ولكن العكس هو ما يحدث، وقد استنفدت تركيا إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددًا، فباتت محاصرة الآن بسبب العجز في ميزان المدفوعات، وكذلك بسب النقص في الاحتياطي النقدي، ووفقًا لصندوق النقد الدولي (IMF) فإن الاحتياطي النقدي التركي هو الأقل مقارنة بالأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى.

التطورات الاقتصادية في تركيا في غاية الخطورة، ومع ذلك عندما ألقى أردوغان خطابه "العنتري" لم يتعرض لسبل مواجهة هذه الأزمة الطاحنة، كذلك فعل وزير ماليته "بيرات" الذي ألقى خطابًا فارغ المضمون، وبعدها بساعات ضاعف ترامب التعريفة الجمركية على صادرات المعادن التركية، ومع أنَّ هذه الخطوة رمزية بالنسبة للولايات المتحدة، غير أنها ترمز إلى تراجع الدعم الأمريكي لنظام أنقرة، ولذلك يؤكد "ماكنمار" أن الموقف الخطير للأزمة الاقتصادية لا يزال قائمًا ولن يتغير إذا ظل الوضع هكذا.

 لماذا تصمت أوروبا تجاه الأزمة التركية حتى الآن؟
وفي السياق جاء تقرير الكاتب "هولجر بيكمان" بقناة "إيه أر تي" تحت عنوان: "لماذا تصمت أوروبا تجاه الأزمة التركية حتى الآن؟" وتحدث عن أسباب صمت الاتحاد الأوروبي تجاه الأزمة الاقتصادية التركية، وعدم تعليقه على العقوبات الأمريكية، بخلاف الموقف من الأزمة الإيرانية، على الرغم من أن التأثير الذي سيعود على الاتحاد جراء الانهيار الاقتصادي التركي المحتمل سيكون أقوى وأشد في التأثير على أوروبا، بيد أنه لم يصدر أي بيان رسمي حتى الآن.. فما السبب في ذلك؟

وأضاف أن تعامل الاتحاد الأوروبي مع الأزمة التركية يُظهر مدى هشاشة العلاقة بين الطرفين، ولولا اتفاقية اللاجئين لكانت العلاقة أسوأ مما هي عليه الآن، وتساءل التقرير: هل ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يظل صامتًا؟

تركيا في ورطة كبيرة، وأوروبا تراقب الوضع عن كثب، لكنها في الوقت نفسه لم تُبدي أي اهتمام رسمي بالأمر، ولم يصدر أي بيان رسمي عن الاتحاد أو أيٍّ من هيئاته العُليا في بروكسل حول ما يحدث، وهذا ليس طبيعيًا، لا سيما وأنَّ التطورات على الساحة التركية ليست قليلة؛ فالانخفاض القياسي للعملة التركية أثار الذعر لدى المستثمرين، إضافة إلى العقوبات الأمريكية التي أجهدت الاقتصاد المنهك بالفعل بسبب الأزمات الاقتصادية الأخيرة، ورغم ذلك لم يُعلق الاتحاد على الأمر إطلاقًا.

التحالف السياسي الهش
تركيا والولايات المتحدة شريكان في حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك فالعلاقات بين البلدين تبدو في هذه المرحلة مُمزقة تمامًا، حيث ترفض واشنطن تسليم "فتح الله غولن"، وردًا على ذلك اعتقلت تركيا القس "أندرو برانسون" ورفضت إطلاق سراحه، بالإضافة إلى دعم الولايات المتحدة للأكراد في سوريا، والذين يمثلون شوكة في حلق أردوغان، لكن ترامب يملك ورقة الضغط في المعادلة، والتي تتمثل في استغلال السياسة الاقتصادية الخاطئة لأردوغان في السنوات الماضية، والتي تعتمد في الأساس على النمو السريع، وهو ما استغله الرئيس الأمريكي حين فرض عقوبات على بعض الصادرات التركية، فظهر الأثر سريعًا على قيمة العملة التركية المحلية (الليرة).

لماذا يخشى اللاجئون من العودة لنظام الأسد؟
نشرت مجلة فيلت تقريرًا للكاتب "إيفا ماريا كوجل" بعنوان: "نظام الأسد المجرم يتوقع منه فعل أي شيء، ولذلك يخشى الجميع من العودة"، وتحدث عن موقف العالم حاليًا من نظام الأسد وسيناريوهات التعامل معه في ظل الإصرار الروسي على بقائه، وفي ظل استغلال موسكو لورقة ضغط (حل مشكلة اللاجئين)، وهي مصلحة مشتركة تحقق روسيا من خلالها ما تريد من دعم الدول الأوروبية في إعادة بناء سوريا مقابل عودة اللاجئين والاستسلام للأمر الواقع، وبقاء نظام الأسد دون محاسبة أو معاقبة على ما اقترفت يداه من جرائم في حق شعبه ووطنه، وفي مقابل ذلك ستعمل روسيا على ضمان العودة الآمنة للاجئين.

وأشار التقرير إلى أنه بفضل الدعم الروسي سيعلن الأسد قريبًا تحقيق النصر في سوريا، وسيجب على الغرب حينئذٍ وضع استراتيجية للتعامل مع نظام الاسد وإلَّا ستبقى موسكو هي الحليف الوثيق لهذا النظام، وتساءل: هل من الممكن أن نكافئ المجرم على ما اقترفت يداه من قتل واغتصاب وتدمير؟!

وأضاف أن النظام السوري وشبِّيحته كانوا يتخذون الموت حِرفة والقتل صنعة، وحتَّى الذين كانوا سجناء في معاقل النظام، والذين كان يُقدر عددهم بــ (80000) سجين أظهرت السجلات التابعة للنظام مكان ووقت وتاريخ قتلهم على يد هؤلاء القتلة، وإلى الآن لا يعرف الآلاف من أهالي السجناء السياسيين مصير ذويهم؛ فهم ينتظرون أخبار آبائهم أو أمهاتهم أو أبنائهم أو بناتهم أو أحفادهم، لكن هيهات لهم ذلك مع هذا النظام المجرم، أليس لهؤلاء حقٌ في معرفة مصير ذويهم؟ أليس لهم حقٌ في وداعهم حال موتهم أو قتلهم؟ أليس لهم حقٌ في معرفة أماكن أجساد ذويهم؟ فمن سيعطي هؤلاء حقوقهم بعد التصالح والتعامل مع نظام الأسد القاتل؟

لقد اعترف الأسد صراحة – ولأول مرة – بمسئولية نظامه عن مقتل الكثير من السوريين، ولعل ذلك لغاية يقصدها النظام ولرسالة يوجهها لأهالي هؤلاء القتلى مفادها: "لقد خسرتم الحرب، وفقدتم أهلكم وأصدقاءكم، وهذا أصبح ضربًا من الماضي ويجب عليكم نسيانه إن أرتم أن تعيشوا الحاضر الجديد في هذا البلد".

وتابع التقرير: كل هذا أصبح في طي النسيان بعد فوز نظام الأسد الذي أخذ يبرم الصفقات؛ فهناك اتفاق تهدئة مع الجانب الإسرائيلي مقابل إبعاد إيران والمليشيات الموالية لها عن حدود إسرائيل الجنوبية (هضبة الجوان)، وهنا تدعو روسيا الاتحاد الأوروبي وتركيا والأردن ولبنان إلى إعادة اللاجئين إلى سوريا؛ بينما ترحب سوريا وإيران وحزب الله، لكن ما تفعله سوريا من دعوة اللاجئين إلى العودة لعائلاتهم وديارهم ليس من قبيل الدافع الإنساني الذي ظهر فجأة بين عشية وضحاها، وإنما بسبب عجز روسيا عن سداد فاتورة الإعمار الذي دعت إليه بعد الدمار الذي تسببت فيه في سوريا.

لا مساعدات لمناطق النظام
باتت ألمانيا مضطرة ضمنيًا للاعتراف بنظام الأسد، وذلك بعد موافقتها على عودة اللاجئين رغم مخاطر العودة وما يُمثله ذلك من خطورة على حياتهم، وقد تمت مناقشة كل هذه البنود مع الجانب الروسي، واشترطت ألمانيا عدم صرف هذه المساعدات – حال صرفها – على مناطق النظام، ورغم ذلك ليست هناك بوادر من قبل النظام السوري تبرهن على رغبته في عدم عودة اللاجئين؛ فقوائم الموت التي تنتظر العائدين لاعتقالهم أو تعذيبهم أو حتى قتلهم تحت غطاء القانون والقضاء تارة، أو بداعي الخيانة والعمالة، إضافة إلى التشريد لمن نجا من الموت ولم يكن مدرجًا ضمن هذه القوائم، فمن عجز عن تقديم طلب بتوثيق ملكيته بنفسه أو عن طريق وكليه من حق النظام السوري طبقًا للقانون الجديد الذي سنه البرلمان نزع الملكية وردها للدولة؛ وهو ما يعني تشريد الملايين الذي عجزوا بالفعل عن صنع ذلك، فكيف سيكون لعودة اللاجئين جدوى بعد كل هذه العراقيل؟

ومع ذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يستمر في التفاوض مع روسيا؛ فعجز موسكو عن إعادة بناء سوريا بمفردها يمثل فرصة لأوروبا للتفاوض حول بديل الأسد، وإن لم يكن لهذا الهدف سبيل فعلى الأقل يجب على أوروبا أن توفر ضمانات لعودة اللاجئين وانسحاب إيران من سوريا؛ فقد ارتكبت مليشياتها جرائم عديدة في حق الشعب السوري، بالإضافة إلى محاكمة مجرمي الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، فمن دون محاكمة الأسد ونظامه على جرائمه لن يكون هناك أمل في تحقيق السلام بسوريا؛ فالسلام لا يتحقق في أرض الظلم والقهر والخذلان.

 هل ما زالت سوريا تمثل تهديدًا لإسرائيل؟
نشر موقع "دير تاجسشبيجل" تقريرًا للكاتب كريستيان بوما بعنوان: "هل ما زالت سوريا تمثل تهديدًا لإسرائيل؟ مشيرًا إلى مخاوف إسرائيل من الجبهة الجنوبية حول منطقة الجولان واستراتيجية إيران للبقاء في هذه المنطقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إضافة إلى التعويل الإسرائيلي على الدعم الروسي لإفشال المخطط الإيراني مقابل الحفاظ على التهدئة مع نظام الأسد وتمكينه من إظهار إعادة الاستقرار النسبي للأراضي السورية بعد الحرب الأهلية الطاحنة التي قضت على الأخضر واليابس.

ولفت إلى أنه جرى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا عام 1974م ووجود منطقة عازلة على طول الحدود بين الجانبين، ومنذ ذلك الوقت لم يُخترق هذا الاتفاق من قِبل النظام السوري، ولذلك ترى إسرائيل الخطر الأكبر في إيران التي تدعم النظام السوري، والتي يمكنها أن تخترق هذا الاتفاق على حدودها مع سوريا.

مخاوف إسرائيلية
تعمل إسرائيل على تأمين حدودها مع الجانب السوري في ظل المستجدات الجديدة ودخول الطرف الإيراني في المعادلة، ولذلك اتفقت تل أبيب مع موسكو على إبعاد القوات الإيرانية عن حدودها 80 كيلومتر مقابل ضمان التهدئة مع النظام السوري، واشترطت عودة قوات حفظ السلام لمراقبة الحدود وتطبيق الاتفاق المبرم، على الرغم من عدم تعويل إسرائيل على هذه القوات في مراقبة وحماية الحدود. إسرائيل من جانبها تحاول إبعاد إيران عن الساحة السورية كاملة؛ غير أنها تدرك جيدًا أن هذا لن يكون، وأنه ليس بمقدورها صُنع ذلك. وقد صرح السفير الروسي بذلك صراحة وقال إن خروج إيران من سوريا أمر غير مطروح تمامًا ولا معنى له، وهذا يؤكد أن إيران باقية في سوريا رغم التهديدات الإسرائيلية، فطهران تسير بطريقة جيدة في تحقيق مخططها وتعزيز تواجدها في الشرق الأوسط، فبعد أن كانت تملك امتدادًا لها في لبنان فقط أصبح لها نفوذ قوي في سوريا واليمن والعراق؛ وهو ما يثير قلق إسرائيل، كما أنه بعد أن كانت إيران تحارب إسرائيل عن طريق جبهة واحدة تتمثل في حزب الله؛ بات لها جبهتان تستطيع أن تستخدمهما في حالة نشوب أي نزاع أو اشتباك بين الطرفين؛ ما يمثل تهديدًا لأمن إسرائيل؛ لذا تحاول الأخيرة بكل جهد سدَّ هذه الجبهة والاكتفاء بنظام الأسد "الوديع" والذي لم يطلق رصاصة واحدة على هضبة الجولان منذ توقيع اتفاقية 1974م.

 من أجل تغيير نظام الملالي في إيران
نشر موقع "مينا وتش" تقريرًا بعنوان: "من أجل تغيير نظام الملالي في إيران"، وأكد خطأ استراتيجية الولايات المتحدة المعتمدة حاليًا من أجل تغيير نظام طهران، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية زادت من حدة التظاهرات لكنها في الوقت نفسه أضحت عاجزة عن التغيير حتى الآن، وأن الحل الأمثل لإزاحة هذا النظام يكون عن طريق إصلاحات ممنهجة في الشرق الأوسط ككل يجري من خلالها بيان عوار هذا النظام ليُولِّد داخل الشعب الإيراني قناعة بأنه حان الوقت ليعيش مثل أقرانه، بعيدًا عن تسلط رجال الدين وفاشية الملالي في الدولة القمعية.


وأضاف أن الولايات المتحدة والغرب عمومًا في حاجة لفهم صحيح وعميق للتاريخ الإيراني، حيث إن الاعتقاد السائد لدى النخبة في أمريكا وأوروبا بأنَّ إيران دولة مستبدة، وأن قمع نظامها لا يمكن التخلص منه بسهولة، ويُكذِبه التاريخ الإيراني الحديث؛ فالشعب الذي أزاح الشاه "محمد رضا بهلوي" هو نفسه الذي يحاول الآن إزاحة نظام الملالي، وتاريخ طهران يتميز بوجود صراع دائم بين الحُكام الذي يمارسون الاستبداد والظلم، والشعب الذي يرغب في الحرية والعدالة، ولا فرق بين "شاه إيران" و"ولاية الفقيه" في هذا الأمر، وبناءً على ذلك فإن سياسة "شد الحبل" المستمرة لا يمكن أن تُحدد مُستقبل إيران وحدها، ولكن مستقبل الشرق الأوسط ككل.

وأشار التقرير إلى أن الشعب الإيراني قام باحتجاجات واسعة النطاق في عام 2009م، وقد دأب على فعل ذلك كلما عانى من الاستبداد والقمع؛ لذا كانت المظاهرات والاحتجاجات الأخيرة في ديسمبر الماضي، والتي أثارت موجة من الخلافات والانشقاقات داخل النخبة الحاكمة، وأجّلت موضوع التفاوض حول الاتفاق النووي ؛ فالمهم لنظام الملالي هو مواجهة هذه الاحتجاجات أولًا.

وبالنسبة للجانب الأمريكي فإنه لا يملك استراتيجية واضحة ومحددة للتعامل مع الجانب الإيراني، ولن تُجدي المؤامرات والعمليات الاستخباراتية نفعًا في التعامل مع هذا النظام، فحين قام الشعب الإيراني بانقلاب عام 1953م لم يكن لجهاز الاستخبارات الأمريكي(CIA) أيّ دور في هذا الانقلاب..

لقد بات نظام الملالي اليوم عاريًا من أقوى سلاح يتسلح به (الأيديولوجية المُقنعة)، وفقد الكثير من قاعدته الشعبية التي كانت تثق فيه، ولا زالت هذه القاعدة تتآكل يومًا بعد يوم منذ الاستيلاء على السلطة عام 1979م، والأجهزة الأمنية والقوات الموالية التي يتسلح بها النظام الآن لن تسطيع حمايته حين يعزم الشعب على إزاحته كما صنع من قبل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل استعدت الولايات المتحدة لدعم الشعب الإيراني والوقوف بجانبه حال قدرته على صنع ذلك أم ستتخلى عنه كما تخلَّت عن شعوب الثورات الشيوعية في دول الاتحاد السوفيتي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي؟

حتى الآن لم تتبع واشنطن استراتيجية ثابتة لتغيير النظام الإيراني، ولو كانت لها خطة لإسقاط هذا النظام لأعلنت تطبيق خطة "B" بعد عملية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؛ فهذا هو الهدف الرئيس في النهاية، والذي يكمن في التخلص من نظام الملالي، وهو ما يهم الولايات المتحدة التي لم تتعلم من دروس التاريخ وسجلات الماضي.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا