الطوارق.. «الرجال الزرق» الذين حرسوا الصحراء

شيرين صبحي

يشارك المسلسل الليبي "حارس الصحراء"، الذي يغوص في حياة الطوارق، وصورت أحداثه في أكثر من 30 موقع تصوير، في الموسم الرمضاني 2022.. فمن هم الطوارق؟ وكيف تعيش المرأة الطارقية؟


في مساحة شاسعة من الصحراء الإفريقية من موريتانيا غربًا إلى تشاد شرقًا وتشمل الجزائر وليبيا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي يسكن شعب من الرحل يطلق عليه الطوارق.

ويشارك المسلسل الليبي “حارس الصحراء”، الذي يغوص في حياة الطوارق وطبيعة البيئة المتاخمة بين الحدود الليبية مع الجزائر والنيجر، في السباق الرمضاني 2022، ويدور عن الخرافة الشعبية المعروفة “الشمس بين حيطتين”، وهزيمة السلطانة الصغرى تهوسي.

حارس الصحراء

استوحي اسم المسلسل من غزال الودان، المعروف في ثقافة الطوارق بـ”حارس الصحراء”، وهو أحداث خيالية لا تمت للواقع ولا للتاريخ بصلة، وفقًا للمخرج بوبكر زين العابدين في تصريحاته لموقع أصوات المغرب، تدور الأحداث حول اسميسمة بنت السلطان، وهي أم هربت بابنها من بطش زوجها السلطان وزوجته الأخرى، التي لم تنجب له أطفالًا، ثم كبر الولد ومن هنا تبدأ الأحداث.

يمتد المسلسل على مدى 15 حلقة، ويشارك فيه ما يزيد على 28 ممثلًا وممثلة، ويتحدث عن الماضي بوجه عام، ويخوض في حياة “الضرائر”. وينتمي الطوارق لأمة عاشت وسكنت الصحراء الكبرى منذ آلاف السنين، وبسبب تلك العزلة لا نعرف عنهم كثيرًا من الحكايات، ويتفاخرون بطارق بن زياد، لكونه أمازيغي من “الطوارق” ذوي الغطاء الأبيض، سكان الرمال البيضاء التي لم تدفعهم للتحرك يومًا عن أرضهم.

الرجال الزرق

يطلق على الطوارق أحيانًا اسم “الشعب الأزرق” أو “الرجال الزرق”، نظرًا لغلبة القماش الأزرق على أزيائهم، واصطباغ جلودهم بصبغة الملابس الزرقاء. وهم من أهم مستخدمي قوافل الإبل، التي كانوا ينقلون عليها البضائع وأهمها الذهب والملح. وتمثل تمبكتو، أبرز مدن الطوارق الذين عرفوا تاريخيًّا بأنهم شعب مقاتل، يحملون معهم السكاكين والسيوف والخناجر والرماح.

يدين الطوارق، بحسب فرانس 24، بدين الإسلام، ويتبعون المذهب السني المالكي، ويعتقد أنهم اعتنقوا الإسلام في القرن السادس عشر. وهم يتاجرون في التمور والعطور والتوابل، ويقتربون في أسلوب عيشهم من البدو، في التقاليد والعادات.

الرجال المحجبون

007184F2 8678 44C7 A771 E82794E0D6AB

يتخذ الطوارق من الصحراء سكنًا لهم، وبطبيعة الحال تؤثر البيئة التي يعيش فيها الإنسان على حياته وسماته الشخصية، مثلما أوضح مدرس الأنثربولوجيا الثقافية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، د. محمد مسعد.

الطوارق جزء من القبائل الأمازيغية، لكنهم يختلفون عن الأمازيغ في بعض العادات والتقاليد، فهم ملثمون بلثام أزرق، وهذا له أكثر من تفسير، أولًا هو أمر مقدس لديهم، وعندما يصل عمر الشاب 15 عامًا، لا بد أن يرتدي هذا اللثام، حتى أنه يطلق عليهم لقب “الرجال المحجبين”.

سر لثام الطوارق الأزرق

لكن يوجد تفسير آخر، يورده دكتور مسعد لـ”شبكة رؤية الإخبارية“، أن هؤلاء الناس يعيشون في الصحراء، والرياح بها شديدة، بالتالي يحميهم اللثام من التغيرات المناخية المرتبطة بالمناطق الصحراوية، وهذا أحد أنواع التكيف.

تتحدث هذه القبائل بلغة يقال أنها اللغة “الطارقية”، وهي قريبة من اللغة الأمازيغية، ومثلهم مثل سكان الصحراء، يعد الجمل لديهم شيئًا مقدسًا، والطبق الرئيسي عندهم هو لحم الجمل، الذي يطلق عليه “طبق النبلاء”.

المرأة الطارقية

المرأة في مجتمعات الطوارق

نساء الطوارق

الغريب لديهم، أن المرأة عندما تُعجب برجل هي من تطلب يديه، وفي حال وجود تجمع من الرجال تشير إلى الشخص الذي يعجبها، وهو يوافق أو يرفض وفقا لعاداتهم في القبيلة، وغالبًا ما يوافق، مثلما يوضح دكتور مسعد، والمرأة الطارقية على درجة عالية من الجمال.

عندما يذهب الرجل ليخطب فتاة توجد بعض الدلالات الثقافية التي تدل على مدى رفض المرأة أو قبولها للرجل، مثلًا يأخذ الجمل، ويجعله يبرُك، فإذا أمرت المرأة الجمل أن يقف ووقف بالفعل، فهذا يدل على قبولها للزواج.

الزواج عند الطوارق

عندما يتزوج الطوارق، فإن الرجل في أولى ليالي الزواج يعد المرأة أمه، وفي الليلة الثانية أخته، وفي الليلة الثالثة زوجته. فإن فسدت علاقته بها كزوجة عاملها كأخت، وإن فسدت علاقة الأخوة عاملها كأم، ولا يمكن في هذه الحالة أن تفسد العلاقة “بين أم وابنها”، وفقًا لكتاب “الرجال الزرق: الطوارق – الأسطورة والواقع”.

في الأفراح والأعراس، يستخدم الطوارق آلات موسيقية تقليدية، منها “التيندي”، و”إمزاد” التي تشبه آلة الكمان، ويعزف عليها النساء فقط، والتي أدرجت على لائحة التراث العالمي الثقافي اللامادي للإنسانية.

BDBF43D1 0862 4B52 8C9B 3D86B87DE698

عزلة ثقافية

الطوارق منعزلون لأنهم يعيشون في الصحراء، ليس لديهم تكيف مع المجتمع الحضري، وفقًا لدكتور مسعد، فسماتهم الثقافية تجعلهم منعزلين، لكن مع مرور الوقت، والتغير الثقافي والاتصال بين الشعوب، حدث بعض الاختلاط، فاعتادت المجتمعات الصحراوية، أن تأخذ من الغريب ولا تعطيه.

لا يعيش مجتمع الطوارق في الجزائر منعزلًا عن المجتمع الجزائري، لكن يوجد إطار قيمي للمجتمع، لا يستطيع أحد أن يخترقه، عادات وتقاليد ثابتة، في رقصاتهم وموسيقاهم وكل ما يخصهم.

ربما يعجبك أيضا