ناشيونال إنترست | سباق الفضاء الجديد.. روسيا والصين تسعيان لإنشاء محطة فضاء مشتركة

آية سيد

ترجمة – آية سيد

اتفقت الصين وروسيا على البناء المشترك لمحطة فضاء قمرية، وهو آخر مثال على العلاقات المتعمقة بثبات بين بكين وموسكو.

في بداية هذا الأسبوع، أصدرت إدارة الفضاء الوطنية الصينية ووكالة روسكوزموس الروسية مذكرة تفاهم توضح بناء محطة فضاء تُسمى محطة الأبحاث القمرية الدولية.

قال بيان وكالة الفضاء الصينية: “سوف تستخدم الصين وروسيا خبرتهما المتراكمة في علوم الفضاء، والبحث والتطوير، بالإضافة إلى استخدام المعدات الفضائية وتكنولوجيا الفضاء من أجل التطوير المشترك لخارطة طريق لبناء محطة أبحاث علمية قمرية دولية”. ووفقًا للحكومة الصينية، سوف تتضمن المبادرة المشتركة “تخطيط، وعرض، وتصميم، وتطوير، وتنفيذ، وتشغيل مشروعات محطة البحث العلمي، التي تشمل ترويج المشروع لمجتمع الفضاء الدولي”.

وأضاف بيان موازي لروسكوزموس، أن روسيا والصين تسعيان لـ”تعزيز التعاون في إقامة محطة أبحاث علمية قمرية دولية متاحة لجميع الدول والشركاء الدوليين المهتمين، بهدف توطيد التعاون في مجال الأبحاث وتعزيز استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي لأجل الأغراض السلمية التي تصب في صالح البشرية بأجمعها”.

تُعد بكين وافدًا جديدًا في مجال استكشاف الفضاء، لكن ميزانيتها الفضائية تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. في 2019، أصبحت الصين أول دولة تهبط لها مركبة فضائية غير مأهولة على الجانب المظلم من القمر، ونجاح مهمة تشانج إي 5 في العام التالي جعل الصين واحدة من ثلاث دول تجلب مادة قمرية إلى الأرض، والأولى التي تفعل هذا على مدار الـ44 عامًا الماضية.

إن الآلية التي تستطيع من خلالها الدول الأخرى الانضمام إلى المشروع ليست واضحة، ولم توفّر روسكوزموس أو إدارة الفضاء الوطنية الصينية جدولًا زمنيًّا لإتمام المحطة القمرية الدولية. قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بدون ذكر مشروع المحطة القمرية الدولية صراحةً، إن موسكو “تثّمن” التعاون الأمريكي – الروسي الثنائي في الأمور المتعلقة بالفضاء: “نحن نثمّن التعاون الروسي-الأمريكي في الفضاء الخارجي.. ونأمل في أن يستمر وألا يقع ضحية لمظاهر الخوف من روسيا”.

في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن سريعًا في أعقاب مظاهرات الميدان الأوروبي في أوكرانيا وضم روسيا اللاحق للقرم، صمد استكشاف الفضاء كواحد من المجالات الأخيرة المتبقية للتعاون المثمر بين الولايات المتحدة وروسيا. لكن هذه الشراكة القائمة منذ فترة طويلة ربما تتفكك أخيرًا، حيث تبدو روسكوزموس وأنها تبتعد عن ناسا من أجل تعميق العلاقات الثنائية مع نظيرتها الصينية. هذا الانقسام الناشئ بين الولايات المتحدة وروسيا كان في طور التكوين منذ سنوات عديدة؛ في 2020، انتقد المدير العام لروسكوزموس، ديمتري روجوزين، علنًا مبادرة أرتيمس التابعة لناسا بوصفها “مرتكزة على الولايات المتحدة بشدة”. في وقت مبكر من ذلك العام، رفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريحات الجنرال جون “جاي” ريموند حول اختبار إطلاق روسيا لصاروخ مضاد للأقمار الصناعية بوصفها “حملة مدبرة من واشنطن لإضعاف الثقة في أنشطة روسيا الفضائية ومبادرات السلام لمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي”.

كان من المتوقع أن توفّر روسيا غرفة معادلة ضغط للبوابة القمرية – وهي محطة فضاء في مدار القمر والتي وصفتها ناسا سابقًا بأنها “مكون حيوي” في برنامج أرتيمس – لكن حتى هذه البادرة الرمزية على حسن النية تبددت مؤخرًا. عقب الإعلان عن المحطة القمرية الدولية، قالت ناسا في تصريح لموقع The Verge إنها “سوف تبحث عن خيارات أخرى لمزود غرفة معادلة الضغط”. وعلى الرغم من أن تفاصيل المشروع الروسي – الصيني لم تتضح ملامحها بعد، فإن مشروع المحطة القمرية الدولية يبدو وأنه ينافس – ولا يكمل – البوابة القمرية. إن الساحة مهيأة لسباق تسلح فضائي جديد بين القوى العظمى، وبصحبته مخاوف جديدة بشأن العسكرة المستقبلية للفضاء الخارجي. الولايات المتحدة، وكذلك أيضًا الصين وروسيا، تطور حاليًا عددًا كبيرًا من الأسلحة الفضائية؛ وبينما تستمر رؤاهم للتنمية بعيدة المدى للفضاء في التباعد، يقترب احتمال المنافسة العسكرية المفتوحة في ذلك المجال أكثر من أي وقت مضى.  

إن إعلان المحطة القمرية الدولية هو آخر مستجد في المثلث الاستراتيجي المعقد والمتقلب لأمريكا – الصين – روسيا. قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أواخر 2020 إنه لا حاجة الآن لتحالف عسكري رسمي بين روسيا والصين، لكن لا يمكن استبعاده كاحتمال مستقبلي. وترفض بكين علنًا فكرة تشكيل جبهة عسكرية موحدة مع روسيا ضد حلف شمال الأطلسي، لكنها تواصل إظهار دعمها للمبادرات الجيوسياسية التي تهدف إلى تقويض النفوذ العالمي لواشنطن في مجموعة واسعة من الجبهات السياسية، والاقتصادية والتقنية. في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الصيني وانج يي: إن الصين وروسيا ينبغي أن تصبحا شركاء في المعركة ضد “الثورات الملونة” – وهو مصطلح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بانتقادات السياسة الخارجية الأمريكية. وتابع وانج: “ينبغي أن نصبح [الصين وروسيا] نموذجًا لبناء الثقة الاستراتيجية المتبادلة، ودعم بعضنا البعض بقوة في حماية مصالحنا الجوهرية. ينبغي أن نتكاتف في معارضة “الثورات الملونة ونكافح جميع أنواع المعلومات المضللة”.

كانت وزارة الخارجية قد أعلنت سابقًا أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان سوف يلتقيان بوزير الخارجية وانج يي ومدير مكتب لجنة الشئون الخارجية المركزية يانج جيتشي في ألاسكا الأسبوع المقبل، وهو أول اجتماع رسمي بين مسئولين أمريكيين وصينيين منذ تولي الرئيس جو بايدن المنصب في يناير. ستكون المحادثات القادمة أول اختبار رئيسي لقدرة إدارة بايدن على الضغط على الصين في مسألة حقوق الإنسان، في الوقت الذي تعمل للحصول على تنازلات من بكين في مجالات سياسية، مثل التجارة والأمن السيبراني.

للإطلاع على رابط المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا