النقشبندي.. صوت ربّاني يؤنس القلوب

محمود طلعت

لُقّبَ النقشبندي بكروان الإنشاد الديني، وبفضل موهبته الفريدة سافر لإحياء العديد من المناسبات الدينية في عدد كبير من الدول العربية قبل أن يكمل الـ20 عاما.


مولاي إني ببابكَ قد بسطتُ يَدِي .. من لي أَلُوذُ به إلّاكَ يا سندي

أقوم بالليل والأسحارُ ساجيةٌ .. ادعو وهمسُ دعائي بالدموع نَدِي

بنور وجهك إني عَائِـــذٌ وَجِلُ .. ومن يَعُذْ بك لن يشقى إلى الأبدِ

مهما لقيتُ من الدنيا وعَارِضِهَا .. فأنتَ لي شُغْلٌ عَمَّا يرى جسدي

صوت ربّاني عذب يأسر القلوب احتل مكانة فريدة في مصر والعالم الإسلامي.. لُقب بكروان الإنشاد وأستاذ المداحين، وارتبط صوته بأثير الإذاعة المصريّة، و لا تزال فضائّيات العصر تجد في صوته ملاذًا لروحانيّات شهر رمضان.. إنه سيد محمد النقشبندي.

كروان الإنشاد الديني يحلق من صعيد مصر

ولد النقشبندي بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية، وعندما بلغ 10 سنوات انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وهناك حفظ القرآن الكريم، وتعلم أصول وقواعد الإنشاد الديني بين مريدي الطريقة النقشبندية ووالده الذي كان أبرز شيوخ الطريقة الصوفيّة في ذلك الوقت.

وبمرور الأيام والسنوات، لمع اسم الطفل الصغير وذاعت شهرته، وبات الناس يحرصون على الذهاب إلى موالد أبوالحجاج الأقصري وعبدالرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي من أجل الاستمتاع بصوته العذب.

دخول النقشبندي الإذاعة.. وتوسيع قاعدته الشعبية

لم يخطط النقشبندي لدخول الإذاعة، إلا أن القدر منحه فرصة كبيرة عام 1966 عندما التقى في مسجد الحسين بالإذاعي الكبير أحمد فراج الذي سجّل معه برنامجه الشهير في ذلك الوقت “في رحاب الله” وشكّل هذا اللقاء نقلة مهمة في مشواره، ليدخل الإذاعة من أوسع أبوابها وراح يسجل الأدعية والابتهالات.

وقدّم “أستاذ المداحين”  العديد من الابتهالات الدينية الناجحة من ألحان موسيقيين كبار مثل محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين، كذلك تعاون النقشبندي صاحب الصوت العذب مع الملحن الراحل بليغ حمدي بأمر من الرئيس السابق، محمد أنور السادات.

وأسهمت الإذاعة المصرية في الستينات في توسيع القاعدة الشعبية للشيخ النقشبندي، بمشاركته في تسجيلات عدد من أبرز برامج الإذاعة الدينيّة آنذاك، منها برنامج “رحاب الله”، علاوة على تسجيله بصوته لعدد من الأدعيّة الدينيّة التي كانت تذاع يوميًّا عقب أذان المغرب، ومع صعود التليفزيون اشترك في حلقات برنامج “نور الأسماء الحسنى”، و”الباحث عن الحقيقة”.

أشهر ابتهالات النقشبندي.. وتكريم السادات

قدّم النقشبندي عبر مشواره 38 ابتهالًا أشهرها “مَولاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُ يَدي” التي أذيعت للمرة الأولى في شهر رمضان الكريم، ولها واقعة شهيرة، حين جمع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بينه وبين الملحن المصري الشهير بليغ حمدي، لإنتاج توشيحات مُلحنة، ورغم تحفّظ النقشبندي في البداية مُتخوفا من هذه التجربة، فإنهه وبليغ حمدي نجحا في ترك عدد من أعظم الابتهالات الدينية في تاريخ الإنشاد.

وحرص السادات على تكريم النقشبندي بعد وفاته في 14 فبراير عام 1976 إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 56 عامًا، بمنح اسمه وسام الدولة من الدرجة الأولى عام 1979، وكرمه أيضًا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بوسام الجمهورية عام 1989 في احتفالية ليلة القدر.

ربما يعجبك أيضا