دواعش أوروبا.. مقامرة أردوغان لابتزاز حلفائه

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

ردًا على انتقادها للعملية العسكرية التركية شمالي سوريا، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينفذ وعيده بإعادة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم والتي بدأت، اليوم الإثنين، والتي لطالما استخدمها أردوغان كورقة ابتزاز وضغط على الدول الأوروبية للحصول على الدعم السياسي والمالي، في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها النظام التركي.

تأتي عودة المقاتلين الأجانب المعتقلين لتثير هاجس المخاوف من عودة التهديدات الإرهابية للدول الأوروبية التي تعتبرهم” قنابل موقوتة” قد تنفجر بوجه أمنها القومي في أي لحظة، فما بين عودتهم وسحب الجنسيات ومحاكمتهم وإعادة دمجهم في المجتمع، يظل مصيرهم مجهولًا، فما هو عدد الدواعش المعتقلين؟ وكيف استغلهم أردوغان في مخططاته؟ وما رد فعل الدول الأوروبية تجاههم؟

سجون ممتلئة

منذ إعلان القضاء على تنظيم داعش في 2017، واعتقال العديد منهم من قبل القوات الكردية والقوات العراقية والتركية، كانت هناك مناشدات للدول باستعادة مقاتليها ومحاكمتهم في بلدانهم، إلا أن تلكئًا دوليًا عرقل العملية بسبب المخاوف الأمنية.

ويقبع حاليًا داخل السجون التركية نحو 1200 مقاتل أجنبي، فضلًا عن اعتقال 287 أخرين بعد العمليات العسكرية في سوريا، بحسب تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو.

وبالإضافة إلى المعتقلين في تركيا، تحتجز القوات الكردية السورية حوالي 11000 مقاتل من داعش في السجون في شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من النساء والأطفال من أفراد أسرهم. أي حوالي خُمس مقاتلي داعش، الذين تعتقلهم القوات الكردية في شمال شرق سوريا يُعتقد أنهم أوروبيون. ووفقًا لوزارة الداخلية الألمانية.

واليوم أصبحت عملية ترحيل الدواعش مُلحة بعد الهجوم التركي الأخيرة ضد الأكراد شمال سوريا، فخلال هذا الهجوم  استغل مئات الدواعش ما حدث من فوضى للهروب، ليزداد الخطر مع  تراجع عمليات المراقبة داخل السجون والمعسكرات.

مقامرة أدوغان

بعد الانتقادات التي وجهت لتركيا عقب العملية العسكرية الاخيرة شمالي سوريا، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده ترحيل المقاتلين الدواعش إلى بلدانهم، حتى لو أُلغيت جنسياتهم.

التهديد التركي، بدأ مراحله الأولى اليوم بإعلان التليفزيون التركي ترحيل 7 مقاتلين ألمان وأمريكي ينتمون لداعش إلى بلادهم يوم الخميس المقبل.

وتستخدم تركيا سجناء “داعش” شمالي سوريا كورقة لابتزاز أوروبا التي تعلم أن عودة الإرهابيين إليها، خطرًا على أمنها القومي، لاسيما أنها تعرضت لهجمات إرهابية عدة.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت تركيا ستتمكن من إعادة الذين جردوا من جنسياتهم.

وتمضي تركيا قدما في نهجها الابتزازي تجاه الدول الأوروبية باستخدام ورقة الإرهابيين المعتقلين لديها، فضلا عن أنها هددت في أكتوبر الماضي بفتح البوابات أمام اللاجئين، في سياسة يراها محللون بأنها حتما ستعمق عزلة تركيا بخلقها عداءات مجانية حلفائها الأوروبيين في حلف ‘الناتو.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التهديد بإطلاق سراح مقاتلي “داعش” وإرجاعهم إلى بلدانهم أو بفتح البوابات أمام المهاجرين نحو أوروبا، فقد دأبت السياسة التركية على استخدام هذه الممارسات لابتزاز أوروبا ماليًا وسياسيًا والضغط عليها حين توجه انتقادات للسياسات التركية داخليًا وخارجيًا.

وقد بات واضحًا ما خططت إليه السلطات التركية من خلال عمليتها العسكرية الأخيرة في شمال سوريا، وهو إقامة منطقة أمنة لترحيل نحو ثلاثة ملايين لاجيء، وكبح نفوذ الأكراد واستخدام كلا من الإرهابيين والمعتقلين واللاجئين كورقة ضغط يستثمرها أردوغان في سياساته تجاه الدول الغربية.

كيف ستتعامل أوروبا؟

تأتي فزاعة أردوغان لتصطدم بالهواجس الأوروبية من عودة المقاتلين الدواعش، وسط مخاوف أمنية بسبب عدم توفر المعلومات الكافية للمعتقلين لإحالتهم للمحاكمة أو لإعادة دمجهم داخل المجتمع مرة أخرى.

مخاوف أثارها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، رغم معرفته بأعداد الجهاديين الألمان في صفوف داعش لكنه تلكأ في استعادتهم بحجة عدم وجود علاقات دبلوماسية تربط بلاده بالأكراد أو الحكومة السورية في دمشق، ولا زالت السياسة تترقب قرارًا محتملا للمحكمة الإدارية العليا في برلين – براندنبورغ التي يجب عليها البث فيما إذا كانت الحكومة ملزمة بنقل المواطنين الألمان من المنطقة.

ورغم أنّه بموجب اتفاقية نيويورك لعام 1961، فإنه من غير القانوني ترك شخص بدون جنسية، إلا أن العديد من الدول بما في ذلك بريطانيا وفرنسا لم تصادق عليها، وقد أثارت حالات وقعت أخيراً معارك قانونية طويلة، وهو ما حدث مع الداعشية البريطانية شيموم بيجوم التي سحبت منها الجنسية بالإضافة إلى 200 أخرين.

وفي كلا من إيطاليا وفرنساوهولندا، فهناك مساعي لاستعادة النساء والأطفال ولكن بحذر مع إسقاط الجنسية لمن يحمل جنسية أخرى، في محاولة لتجنب عودة مقاتلين جدد قد يشكلون خطرًا على الأمن القومي.

كوسوفو قررت استرجاع رعاياها ، حيث تم استرجاع 110 شخص من شمال سوريا، غالبيتهم من النساء والأطفال. وتحيل كوسوفو من ارتكب جريمة على المحكمة وتبذل الجهد لإدماج الآخرين داخل المجتمع.

ورغم ما سبق لا تزال سياسات الدول الأوروبية في التعامل مع العائدين من داعش مجهولة، ولكنهم أصبحوا أمام محاولة ابتزاز تركية لتنفيذ مخططات أردوغان، طالما أن الانتقادات مستمرة للنظام الذي يعاني من انهيارات اقتصادية وسياسية وعقوبات دولية قد تطيح به.

   

ربما يعجبك أيضا