الاتحاد العام للشغل.. لاعب «لا يمكن تحييده» في المشهد التونسي

محمود سعيد

الاتحاد العام التونسي للشغل ظل لاعبًا أساسيًا في المشهد التونسي منذ الاحتلال الفرنسي حتى ثورة الياسمين وما بعدها


مثل الاتحاد العام التونسي للشغل منذ العام 2011، إحدى أهم ركائز التوازنات السياسية في البلاد، لذلك حرصت الحكومات المتعاقبة على تمتين الصلة به.

ومثل رفض اتحاد الشغل المشاركة في حوار اقترحه الرئيس، قيس سعيد، عقبة كبرى أمام إقامته، خصوصًا أنه قوة نقابية لا يمكن تحييدها عن المشهد، ويضم نحو 500 ألف عضو يتوزعون على معظم الفئات الاقتصادية والاجتماعية، ويحرك معظم الإضرابات والاحتجاجات.

اتحاد الشغل يرفض الحوار

أعلن الاتحاد التونسي للشغل عدم المشاركة في الحوار الذي دعا له الرئيس، قيس سعيد، بصيغته الحالية، معتبرًا أن هذا الحوار لا يستجيب لتطلعات بناء مسار وطني يخرج البلاد من أزمتها، مجددًا رفضه “الحوار الشكلي الذي تقصى فيه القوى المدنية”.

وكانت المشاورات غير المباشرة للحوار الوطني نحو “جمهورية جديدة”، انطلقت بلقاءات منفصلة بين سعيد والمنظمات والأحزاب السياسية، بعد أن كلّف الرئيس التونسي أستاذ القانون، الصادق بلعيد، رئيسًا منسقًا للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل صياغة مشروع دستور جديد، وتتكون هذه الهيئة الوطنية من لجن استشارية اقتصادية واجتماعية وقانونية، ولجنة الحوار.

تأسيس اتحاد الشغل

الاتحاد العام التونسي للشغل هو منظمة نقابية تونسية تأسست في 20 يناير 1946، خلال مؤتمر انعقد بالمدرسة الخلدونية، وضم أول مكتب لها الزعيم فرحات حشاد كاتبًا عامًا، والشيخ محمد الفاضل بن عاشور رئيسًا، وأُسس الاتحاد بعد مخاض عسير، بعد فشل محاولتين سابقتين لتأسيس منظمة نقابية تمثل النقابات التونسية، الأولى في العشرينيات، ثم في الثلاثينيات.

وشارك الاتحاد في مقاومة الاحتلال الفرنسي من خلال الإضرابات ومواقف قادته من مختلف القضايا السياسية المطروحة، والتنسيق مع حزب الحر الدستوري أكبر الأحزاب الوطنية حينذ، وتولى زعيمه فرحات حشاد خلال فترة المقاومة العنيفة قيادة حركة الاستقلال، حتى اغتيل على يد عصابة اليد الحمراء الاستعمارية يوم 5 ديسمبر 1952.

دور الاتحاد بعد الاستقلال

وقف الاتحاد عامي 1955 و1956 إلى جانب الرئيس التونسي السابق، الحبيب بورقيبة، ومقابل ذلك تمكن النقابيون من تمرير برنامجهم الاجتماعي إلى الحزب الدستوري، الذي تولى مقاليد الحكم بعد حصول البلاد على استقلالها في 20 مارس 1956.

وفي أول حكومة بعد الاستقلال، تولى عدد من أعضاء المكتب التنفيذي حقائب وزارية مهمة، من بينهم مصطفى الفيلالي، وعبد الله فرحات، فضلا عن الأمين الشابي، ومحمود المسعدي بعد ذلك، لكن العلاقة توترت عام 1956، بعد إبعاد أحمد بن صالح عن الأمانة العامة للاتحاد بأمر من بورقيبة، وأصبحت السلطات تتدخل في تسمية وعزل المسؤولين النقابيين.

وظل الاتحاد المنظمة النقابية الوحيدة على الساحة التونسية بعد الاستقلال، رغم محاولات تأسيس كيانات موازية هي: الاتحاد التونسي للشغل في الخمسينيات، والاتحاد الوطني التونسي للشغل في الثمانينيات، والجامعة العامة التونسية للشغل عام 2006.

سلطات القرار داخل الاتحاد العام

المؤتمر الوطني هو السلطة العليا لقرارات الاتحاد العام التونسي للشغل، وينعقد دوريًّا كل 5 سنوات بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية، واستثنائيًّا بطلب من ثلثي أعضاء المجلس الوطني، وهو سلطة القرار الثانية بعد المؤتمر، وينعقد عاديًّا مرة كل سنتين، واستثنائيًّا بطلب من أغلبية أعضائه.

أما السلطة الثالثة المسيرة للاتحاد تتخذ قراراتها على قاعدة التمثيل النسبي، وتجتمع بدعوة من المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد عاديذًا كل 3 أشهر، أو كلما دعت الحاجة، واستثنائيًّا بطلب من ثلثي أعضائها، ويعد الأمين العام، المسؤول الأول والناطق الرسمي باسم الاتحاد، وهو من يدير شؤون الاتحاد في الداخل والخارج، وينشط الهياكل النقابيّة، بالتعاون مع أعضاء المكتب، ويرأس مجالس إدارة مؤسسات الاتحاد.

ربما يعجبك أيضا