كيف استعدت روسيا ليوم العقوبات الغربية؟

ولاء عدلان

بوتين بدأ في بناء دفاعاته الاقتصادية منذ قراره بضم شبه جزيرة القرم في 2014، وما تبعه من سقوط روسيا تحت سيف العقوبات الدولية.


أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وكندا، أمس السبت 26/2/2022، استبعاد روسيا من نظام “سويفت” للمدفوعات بين البنوك عبر الحدود، والذي يعد أساسًا لحركة التجارة الدولية.

يأتي هذا الإجراء ضمن استراتيجية واشنطن وحلفائها لضمان أن تدفع روسيا ثمنًا باهظًا اقتصاديًّا ردًّا على الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك عبر سلسلة من العقوبات التي فرضتها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي تستهدف زعزعة اقتصاد موسكو.. فهل استعدت روسيا لهذه العقوبات؟

العقوبات غير كافية فهل كانت روسيا تستعد لها؟

شملت العقوبات التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها على روسيا مؤخرًا حرمانها من الوصول إلى أسواق التمويل الغربي وفرض قيود على الصادرات التكنولوجية إليها وعقوبات على 6 بنوك وأكثر من 100 شخصية روسية، ومن الراجح أن لا تؤثر هذه العقوبات في الاقتصاد الروسي سلبًا، وفقًا لتقرير لـ”لوس أنجلوس تايمز” و”فوكس“، فقد صرح خبير العقوبات الدولية والزميل بمعهد بيترسون للاقتصاد جاري هوفباور لـ”لوس أنجلوس تايمز” “تأثير العقوبات الغربية على روسيا سيكون ضعيفًا، بل قد يأتي بأثر عكسي”.

حجم اقتصاد روسيا نحو 1.5 تريليون دولار وبوتين بدأ بناء دفاعاته الاقتصادية منذ قراره بضم شبه جزيرة القرم في 2014، وما تبعه من سقوط روسيا تحت سيف العقوبات الدولية، لذا يصعب خنقه، وفقًا لتقرير “لوس أنجلوس تايمز” الذي أوضح أيضًا أن روسيا كوَّنت منذ 2014 احتياطيات دولية من العملات الأجنبية والذهب وصلت إلى مستويات قياسية، ما يجعلها قادرة على تحمل آثار الحرب الروسية الأوكرانية، فمثلًا باع “المركزي الروسي” الخميس الماضي العملات الأجنبية لأول مرة منذ 2014 لدعم الروبل بعد تراجعه لأدنى مستوى منذ 2016.

مستوى عالٍ للاحتياطيات الأجنبية وسعيٌ روسيٌّ لكسر هيمنة الدولار

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس الماضي “سنحد من قدرة روسيا على القيام بأعمال تجارية بالدولار واليورو والإسترليني والين”، الآن مع حظر وصول روسيا للعملات الأجنبية الرئيسة يمكن لـ”المركزي الروسي” توفير السيولة اللازمة للسوق المحلية، بالاعتماد على احتياطياته الدولية التي سجلت مستوى عاليًا في 18/2/2022 عند 643.2 مليار دولار. الاحتياطيات الدولية لروسيا تعادل أكثر من 17 شهرًا من عائدات الصادرات وستنمو بفضل ارتفاع أسعار النفط التي سجلت 105 دولارات للبرميل في 24/2/2022 مع غزو روسيا لأوكرانيا.

وحاليًّا تصدِّر روسيا يوميًّا نحو 5 ملايين برميل من النفط الخام و2.5 مليون برميل من المشتقات البترولية، ما يعني أنها قد تربح أكثر من 700 مليون دولار يوميًّا من عائدات النفط، وفقًا لـ”فوربس“. وعملت روسيا منذ 2014 على تحرير اقتصادها من هيمنة الدولار الأمريكي، فبعد أن كانت تتلقى الدولارات مقابل 95% من صادراتها إلى البرازيل والهند وجنوب إفريقيا والصين في 2013 تراجعت هذه النسبة الآن إلى 10%. وفي ما يتعلق بنظام “سويفت” أنشأت في 2015 نظامًا بديلًا له تحسبًا لأي عقوبات أخرى.

استقرار الروبل وكبح التضخم

أضافت فوربس أنه قد “تحركت روسيا في نوفمبر 2021 لتبني الروبل الرقمي للتقليل من تعرضها للدولار والعقوبات الدولية”. وأوضحت أن موسكو منذ 2014 استبدلت تجارتها بالذهب بدلًا من الدولار، وراكمت احتياطيات من الذهب بـ130 مليار دولار 20% من احتياطياتها الدولية”. ونقلت “فوربس” عن أستاذ الاقتصاد بجامعة جونز هوبكنز ستيف هانكي أن المركزي الروسي تمكن من الحفاظ على استقرار الروبل منذ 2016، وسيفعل ذلك الآن أيضًا.

وقالت الخبيرة الاقتصادية الروسية ناتاليا ميلشاكوفا إن المركزي الروسي لن يدع العملة الروسية تهبط إلى مستوى 100 روبل لكل دولار من جراء العملية العسكرية في دونباس والحرب الروسية الأوكرانية. وتوقعت ميلشاكوفا أن يحافظ البنك المركزي الروسي على سعر صرف الروبل ما بين 77 و82 روبل لكل دولار، لافتة إلى أن “المركزي” سيرفع قريبًا سعر الفائدة لكبح ارتفاع التضخم على خلفية تداعيات العملية العسكرية.

ديون روسيا تحت السيطرة فهل تراهن موسكو على الصين؟

سعت روسيا لتخفيض سقف ديونها الخارجية منذ 2014 ووصل في أبريل 2020 إلى 450 مليار دولار وهو أدنى مستوى له منذ 2009، وغالبية هذه الديون بالروبل، ما يعني أن البلاد أكثر قدرة على تحمل الصدمات الاقتصادية، وفقًا لـ”لوس أنجلوس تايمز” و”رويترز“. ويمثل الدين العام لروسيا 18% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن الدين العام لأمريكا أكثر من 100% من إنتاجها المحلي، ما يعني أن روسيا لديها أعباء ديون أقل ومجال أوسع لزيادة الإنفاق العام بما فيه الإنفاق العسكري، وفقًا لـ”فوربس”.

“لوس أنجلوس تايمز” ذكرت أن روسيا سعت منذ 2014 لزيادة تعاقداتها النفطية مع حلفاء في آسيا تحسبًا لهذا الاحتمال، ففي فبراير الحالي وقعت “غازبروم” الروسية عقدًا طويل الأجل مع الصين لتوريد 10 مليارات متر مكعب من غاز روسيا. واتفقت على توريد 100 مليون طن من النفط إلى الصين على مدى 10 سنوات، وخلال 2021 قفز التبادل التجاري بين روسيا والصين بنسبة 35.8% إلى 146.88 مليار دولار، وتسعى الصين التي رفضت العقوبات إلى الوصول بهذا الرقم إلى مستوى 250 مليار دولار سنويًّا في 2024، وفقًا لـ”روسيا اليوم“.

 

ربما يعجبك أيضا