رياح كورونا “عاصفة”.. الإفلاس يهدد الشركات الأمريكية

حسام عيد – محلل اقتصادي

يبدو أن الرياح الحقيقية بدأت تهب على الشركات الأمريكية من عاصفة وباء كورونا؛ فقد أظهر تقرير لـ”ستاندرد آند بورز جلوبال”، أن المئات من الشركات الأمريكية تقدمت بطلبات للحماية من الإفلاس منذ قدوم جائحة كورونا الوبائية.

424 طلب حماية من الإفلاس

وقد أظهرت توقعات مؤسسة ستاندرد أند بورز العالمية أن تصل حالات الإفلاس في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الجاري 2020 إلى أعلى مستوياتها منذ 10 سنوات، بضغط من تداعيات فيروس كورونا.

وبذلك قد تطيح التداعيات والمخاطر التي خلفها فيروس كورونا المستجد بالإنجازات الاقتصادية التي حققتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقالت ستاندرد أند بورز: إن 424 شركة أمريكية تقدمت بطلبات للحماية من الإفلاس منذ بداية العام حتى 9 أغسطس الحالي.

وجاء تصاعد حالات إفلاس الشركات في الوقت الذي فشلت فيه إدارة ترامب والمشرعون بالكونجرس في التوصل إلى اتفاق بشأن مشروع القانون القادم للإغاثة من كوفيد-19.

ويتوقع الخبراء رؤية المزيد من حالات الإفلاس، خاصة في الصناعات التي تتعامل مع المستهلك، في الأشهر المقبلة حيث تستمر الجائحة في تدمير الاقتصاد.

وأفاد التقرير بأن التحليل الذي أجرته مؤسسة “ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس” يشمل الشركات العامة التي لديها ما لا يقل عن مليوني دولار من الأصول أو الالتزامات وقت تقديم الطلب، بالإضافة إلى الشركات الخاصة التي يبلغ الدين العام لها 10 ملايين دولار على الأقل.

إنفاق المستهلكين السبب الأبرز

ويتجاوز هذا الرقم حالات إفلاس شركات القطاعين العام والخاص خلال أي فترة مماثلة منذ 2010، حيث يتقلص الاقتصاد الأمريكي، ويؤثر فيروس كورونا على العديد من الصناعات، خاصة تلك التي تعتمد على إنفاق المستهلك.

ويعد الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، الدافع الرئيسي لحالات الإفلاس، فقد شهدت القطاعات المعتمدة عليه أكثر من 100 حالة إفلاس، بما في ذلك شركة “تيليريد براندز”.

وتضمن ذلك طلبات رفيعة المستوى من شركات متخصصة في تجارة التجزئة مثل مجموعة “آسينا للبيع بالتجزئة” ومجموعة “جيه. كرو” وشركة “جيه. سي. بيني” وشركة “نيمان ماركوس جروب”.

وأضاف التقرير، أن هناك ما يقارب من الـ100 حالة إفلاس أخرى في قطاعي الطاقة والصناعة، بما في ذلك منتج النفط والغاز “تشيسابيك” وشركة “هيرتز” لتأجير السيارات.

تدابير كورونا تفاقم المشاكل المالية

الجدير بالذكر أن بعض الشركات التي تقدمت بطلبات للحماية من الإفلاس كانت تعاني في الأصل من مشاكل مالية قبل وباء كورونا، لكن إجراءات الحد من انتشاره صعبت من محاولات هذه الشركات لحل مشاكلها، مما عجل في تقديمها للطلب.

وبشكل عام فإن حجم الالتزامات التي أبلغت عنها 35 شركة تقدمت بطلبات للحماية من الإفلاس منذ بداية العام تزيد عن مليار دولار.

ويرى التقرير، أن هناك مزيد من الضغوط التي ستواجه شركات قطاع التجزئة والشركات الصغيرة فيما تبقى من هذا العام، وهو ما قد يزيد من عدد الشركات التي ستتقدم بطلبات للحماية من الإفلاس خلال عام 2020.

ركود اقتصادي واسع

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية دخلت رسميًا مرحلة الركود الاقتصادي بعد فصلين متتاليين من تراجع النمو؛ حيث سجل الاقتصاد الأمريكي انكماشًا ملفتًا بمعدل سنوي نسبته 33% في الربع الثاني من العام، وهو أسوأ انخفاض فصلي على الإطلاق.

تغطي هذه النتائج الفترة التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد بإغلاق الشركات، ما أدى إلى طرد عشرات الملايين من العمل ورفع معدل البطالة إلى 14.7% بحسب الحكومة.

تقدير وزارة التجارة هذا حول التراجع في الناتج المحلي الإجمالي والناتج الإجمالي للسلع والخدمات للربع الثاني، يمثل أكبر انخفاض منذ عام 1947.

آخر أسوأ انكماش فصلي شهدته البلاد كان عام 1958 خلال إدارة أيزنهاور، وكانت نسبته 10%.

هذا الانخفاض يتبع انخفاضًا بنسبة 5% سجل في الربع الأول، حين دخل الاقتصاد رسميًا في ركود ناتج عن تفشي فيروس كورونا المستجد، لتنتهي فترة من التوسع الاقتصادي استمرت 11 عاماً وكانت الأطول على الإطلاق في الولايات المتحدة.

الانكماش في الربع الأخير مدفوع بانخفاض حاد في الإنفاق الاستهلاكي، والذي يمثل حوالي 70% من النشاط الاقتصادي، فقد انهار الإنفاق من قبل المستهلكين بمعدل سنوي 34% حيث جمد السفر وأغلقت المطاعم والحانات وأماكن الترفيه والمتاجر، كما عانت استثمارات الأعمال والإسكان والإنفاق الحكومي من انخفاض حاد في الربع الأخير.
 

ربما يعجبك أيضا