السيارات الكهربائية وأزمة المناخ.. حل أم عبء إضافي!

كتب – حسام عيد

من جديد، السيارة الكهربائية تحت الأنظار، وتصبح أولوية الآن بالنسبة للحكومات لحل أزمة المناخ، حيث أعلنت شركات صناعة السيارات الأمريكية الكبرى عن خططها لتحويل 40% إلى 50% من مبيعات سياراتها إلى سيارات كهربائية بحلول عام 2030. ولا ينفك رئيس الولايات المتحدة جو بايدن عن التأكيد بأن مستقبل قطاع السيارات هو كهربائي. فهل بالفعل السيارة الكهربائية ستكون إحدى الحلول الناجعة لتجاوز واحدة من أبرز القضايا الملحة في العالم؛ وهي التغيرات المناخية؟!. أم ستكون بمثابة عبء إضافي جديد ربما يبدد الأفق نحو استشراف مستقبل نظيف؟!. هذا ما سنوضحه بالعرض والتحليل في التقرير التالي.

أمريكا والانتقال لحقبة السيارات الكهربائية

مع ختام الأسبوع الأول من أغسطس 2021، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وقع وسط حضور المسؤولين التنفيذيين للمجموعات الكبرى لصناعة السيارات، مرسومًا تنفيذيًا؛ ينص على أن نصف السيارات التي تباع في الولايات المتحدة بحلول 2030 ستكون معدومة الانبعاثات.

ويرى بايدن أن هذه الخطوة هي وسيلة للتنافس مع الصين والدول الأخرى التي تستثمر في السيارات الكهربائية، مع تغيير قطاع النقل في الولايات المتحدة وهو أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في البلاد.

وقال الرئيس الأمريكي متحدثًا عن السيارات الكهربائية “إنها رؤية للمستقبل بدأت تحدث الآن.. مستقبل صناعة السيارات الكهربائية والبطارية الكهربائية.. وخلايا الوقود الكهربائية”. وأضاف “إنها كهربائية ولا عودة إلى الوراء”.

ولقي إعلان بايدن ترحيبًا محدودًا من دعاة حماية البيئة الذين شددوا على الحاجة إلى تدابير إضافية نظرًا لتدهور وضع المناخ.

ورأت كاثرين جارسيا -من منظمة “سييرا كلاب”- أن هذا الهدف يشكل “إشارة مهمة للمصنعين” لكن يجب رفع النسبة المطلوبة إلى 60% وأن ترافقها “أقوى المعايير الممكنة للسيارة النظيفة”.

ويتوقع أن تعتمد زيادة استخدام الولايات المتحدة للسيارات الكهربائية بشكل كبير -شكلت نحو 2% فقط من مبيعات السيارات في 2020 مقارنة مع 10% في أوروبا- على توسيع محطات الشحن والبنية التحتية الأخرى، وكذلك وإلى حد كبير على إقناع الأمريكيين بشراء السيارات.

لا بديل عن الحزم المليارية

من جانبها، قالت جيسيكا كالدويل من موقع السيارات “ادموندز.كوم” إن الشركات الكبرى لصناعة السيارات الأميركية -جنرال موتورز وفورد وستيلانتس- وسعت استثماراتها في السيارات الكهربائية بشكل كبير ما يجعل الهدف “قابلاً للتحقق على الأرجح” بحلول 2030.

وأضافت “لكن ما قد يكون أكبر عقبة أمامنا هو قبول المستهلك: ما الذي سيطلبه الأمريكيون ليكونوا مستعدين لتغيير عاداتهم في امتلاك سيارات وينتقلوا إلى سيارات كهربائية؟”.

ما فعله بايدن ليس إلزاميًا على مصنعي السيارات كما فعلت المفوضية الأوروبية، ولكنه حصل على دعم كامل من مصنعي السيارات مثل جنرال موتورز وفورد وستيلانتس، ولكنهم حذروا من أن هذا الإجراء والتطوير يحتاج إلى مليارات الدولارات من التمويل والإعانات الحكومية.

وكانت الشركات المصنعة في ديترويت قد أعربت في بيان مشترك عن “تطلعاتها المشتركة لتحقيق مبيعات تتراوح بين 40-50%” من الآليات. لكنها رأت أنه “لا يمكن تحقيق” هذا التحول بمبادرات مثل حوافز للمستهلكين لشراء آليات كهربائية وبنية تحتية جديدة مثل شبكة للشحن.

أما عن الدعم والإعانات الحكومية، فخصص بايدن 174 مليار دولار من الإنفاق الحكومي لدعم وتعزيز وتطوير السيارات الكهربائية بشكل أسرع، وتخصيص 7.5 مليار دولار لإنشاء محطات شحن للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا بجانب أن بايدن قد طلب من قبل، الكونجرس تخصيص مليار دولار لإنشاء 500 ألف محطة شحن.

ربما لا تكون حلًا لأزمة الانبعاثات

على النقيض، أكدت خبيرة الطاقة الأيرلندية، هانا دالي، أن التركيز على التحوّل إلى السيارات الكهربائية ليس حلًا لأزمة الانبعاثات؛ إذ تحتاج البلاد إلى تقليل عدد السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل، بما في ذلك السيارات الهجينة، والسيارات الهجينة القابلة للشحن الخارجي.

وقادت دالي -وهي مُحاضرة في الطاقة المستدامة ونمذجة أنظمة الطاقة في جامعة كوليدج كورك، ومصممة ومحللة سابقة في وكالة الطاقة الدولية- عملية تطوير نموذج جديد لأنظمة الطاقة، ودعمت المجلس الاستشاري لتغيّر المناخ في مداولات ميزانية الكربون.

ويقوم نموذج أنظمة الطاقة الأيرلندي “تايمز” بتقييم آثار أنظمة الطاقة البديلة في المستقبل على الاقتصاد الأيرلندي، ومزيج الطاقة والاعتماد عليها، والبيئة.

وقالت في هذا الصدد: “تشير نمذجة أنظمة الطاقة مع تايمز إلى مدى صعوبة تحقيق هدف خفض غازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030.. من المحتمل أن يكون قطاع النقل مطلوبًا لتقليل الانبعاثات بشكل أسرع من القطاعات الأخرى”.

وأشارت إلى أن النموذج يرى انخفاض انبعاثات النقل بنسبة تتراوح بين 45-65% بحلول عام 2030.

من جانبه، قال الأستاذ المساعد، رئيس القسم في مركز أبحاث النقل في كلّية ترينيتي في دبلن، بريان كولفيلد، “إن هناك بعض القضايا الأساسية التي يجب مراعاتها حول السيارات الخاصة، بغضّ النظر عن كيفية تزويدها بالوقود.. فهي تشغل قدرًا كبيرًا من المساحة البيئية المبنية بالطرق ومواقف السيارات”.

وأوضح أن “السيارات تقضي ما يقرب من 95% من وقتها متوقفة.. وتسبّب السيارات الازدحام؛ ففي عام 2017، قُدِّر أن هذا قد يكلّف ما يصل إلى 2.08 مليار يورو في عام 2033 في منطقة دبلن الكبرى”.

كما تسبّب السيارات مشكلات في جودة الهواء وتزيد من الجسيمات؛ ونظرًا لأن السيارات الكهربائية تُعدّ أثقل، فقد تزداد المشكلة سوءًا.

ربما يعجبك أيضا