الأزمة الاقتصادية في تونس.. النهضة تحاول توريط الرئيس للتنصل من مسؤوليتها

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

كشف تقرير البنك المركزي التونسي مؤخرا، عن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها تونس بسبب عشر سنوات من حكم الإسلاميين.

وتحدث البنك المركزي في التقرير عن انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لتونس بنسبة 9.5% خلال 9 أشهر، إلى 7.4 مليارات دولار في سبتمبر الماضي، من نحو 8.16 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام 2020.

وقال البنك: إن احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، تكفي واردات تونس لمدة 127 يوما، انخفاضا من تغطية لمدة 162 يوما نهاية عام 2020.

وأكد البنك أن انخفاض الاحتياطي الأجنبي يعكس تخوّف المقرضين الدوليين في ظل تدهور الترقيم السيادي للبلاد، وغياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، مما يستدعي تفعيل التعاون المالي الثنائي خلال الفترة المتبقية من السنة لتعبئة ما أمكن من الموارد الخارجية.

وأضاف البنك المركزي أنه يتوقع أن يبلغ الدين العام بنهاية 2021 39.18 مليار دولار منها 26.5 مليار دولار دينا خارجيا.

وقد علق الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان على تقرير البنك المركزي قائلا بأنه يشير إلى أن الوضع الاقتصادي في الفترة الماضية كان كارثيا وتسبب في نهج يهدد بالإفلاس مشددا على ضرورة الابتعاد عن خطوة طباعة الأوراق المالية لسد العجز في ميزانية الدولة التي تتطلب 9 مليار دينار قائلا بان ذلك سيؤدي إلى ارتفاع التضخم وانهيار العملة.

وأمام تلك الأزمة والمعطيات التي وصفت بالكارثية استقبل الرئيس قيس سعيد محافظ البنك المركزي مروان العباسي ورئيس هيئة السوق المالية صال الصايل مساء الخميس لإيجاد حلول عاجلة وناجعة  للمشاكل المالية التي تمر بها البلاد والتي تعود لأكثر من عشر سنوات عاث فيها الإسلاميون ومن معهم فسادا كبيرا.

النهضة رمتني بدائها وانسلت

ورغم أن حركة النهضة التي سيطرت على المنظومة السياسية بعد الثورة تسببت فيما تعيشه تونس من مشاكل هيكيلة في الاقتصاد بسبب استشراء الفساد وإصدار قوانين ساعدت على التهرب الضريبي مع تفشي التهريب بدأت قيادات الحركة وبعض المقربين من فكرها التنصل من كل تلك المسؤوليات بل واتهام الرئيس والمحيطين به بالأزمة التي تعود لسنوات في مشهد يراه مراقبون بالسريالي.

وحاول القيادي المستقيل من النهضة عبداللطيف المكي تحميل الإجراءات الاستثنائية مسؤولية الأزمة لكن العديد من خبراء الاقتصاد أكدوا أنها مشكلة هيكيلة تعود أساسا لفترة حكم الإسلام السياسي وأننا اليوم في محلة التداعيات والنتائج.

وفعلا تولت النهضة الحكم في 2012 وخزينة الدولة مليئة بالعملة الصعبة لكن الفساد ونقص الخبرة والكفاءة والمحسوبية وتوزيع المناصب حسب الولاءات أدت إلى الانهيارات الاقتصادية والمالية الأخيرة.

وقامت وكالات الترقيم السيادي في تخفيض تصنيف تونس وسط مخاوف من عجز البلاد على تسديد ديونها مع غياب الأجواء المناسبة للاستثمار و القدرة على جلب الأموال وملئ موارد الدولة.

وأكد الخبير الاقتصادي معز الجودي أن حكم الإسلاميين تسبب في عجز الدولة عن تسديد ديونها وإمكانية عدم القدرة على تسديد رواتب الموظفين وضرب ثقة المؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد الوطني وزعزعة العلاقة بين الدولة وصندوق النقد الدولي.

وذكر الجودي بإهدار مليارات الدولارات من القروض والهبات التي وصلت إلى تونس بعد الثورة.

وكان رئيس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام بالبرلمان المجمد بدر الدين القمودي افاد قبل أشهر بأن الأموال المنهوبة بعد الثورة بلغت قيمتها 10 ألاف و500 مليار.

وقال الوزير السابق محمد عبو كذلك: إن صندوق النقد الدولي رفض منح قروض لتونس بسبب الفساد والغموض وإن أزمة تفشي كورونا هي التي فتحت المجال لضخ بعض الأموال لمواجهة الوباء في عهد حكومة إلياس الفخفاخ.

قيس سعيد يسعى لإصلاح ما أفسده الإخوان

ويسعى الرئيس قيس سعيد لتجاوز تداعيات الفشل المالي والاقتصادي الذي نتج عن حكم الإسلاميين.

وفي هذا الصدد قال الرئيس التونسي أن دولا صديقة وشقيقة عبرت عن استعدادها لسد الإخلالات في التوازنات المالية التونسية ومساعدة البلاد على الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية بعد أن تورطت المنظومة السابقة في سرقة خزينة الدولة.

ويقصد الرئيس التونسي بالدول الشقيقة والصديقة تلك الدول التي أيدت الإجراءات الاستثنائية يوم 25 يوليو الماضي.

ولا شك في أن الدول الخليجية على غرار الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ستكونان السباقتان لمساعدة تونس على تجاوز محنتها حيث خبر الشعب التونسي كرم ووفاء هاتين الدولتين خاصة في أزمة كورونا.

وأرسلت كل من أبوظبي والرياض كميات هامة من المساعدات الطبية وجرعات التلاقيح ما مكن الشعب التونسي من تجاوز تلك المحنة وهو دعم لا يمكن للتونسيين أن ينسوه.

ويرى مراقبون أن العلاقات القوية التي تربط تونس بالدولتين الخليجيتين خاصة وبقية دول الخليج ستكون مفتاحا لمساعدة البلاد اقتصاديا وترميم ما أفسده الإسلاميون.

كما أن فرنسا قادرة كذلك على دعم تونس في محنتها الاقتصادية باعتبارها الشريك الاقتصادي الأول للبلاد ناهيك عن الدعم الذي يقدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس قيس سعيد.

كما أن نهج مكافحة الفساد الذي يصر عليه الرئيس التونسي سيؤدي إلى تحسن اقتصادي ومالي خلال الفترة المقبلة.

ربما يعجبك أيضا